“إن جميع الفلسطينيين أعداء، ويجب أن تُغطي دماءهم رؤوسهم . بمن فيهم أمهات الشهداء اللاتي تبعثن بأبنائهن إلى الجحيم بالورود والقبلات. فلا عدل أكثر من أن تلحق أولئك النسوة بأبنائهن. يجب أن يُبادوا جميعاً، بما في ذلك منازلهم وبيوتهم التي تتربى فيها تلك الأفاعي. فبغير ذلك، ستجد الأفاعي الصغيرة مكاناً لها لتكبر فيه.” بهذه الكلمات، عبّرت آيّلت شاكيد، عضو الكنيست الإسرائيلي والعضو في الحزب الديني المتطرف “البيت اليهودي” (ها بيت ها يهودي) عن عنصريتها وحقدها الهمجي، ودعت حرفياً إلى إبادة كل الشعب الفلسطيني. فحرّضت، من خلال اقتباس عن مقال قديم كان قد نُشر لإعلامي يهودي بإسم أوري إليتزور نشرته على صفحتها الخاصة على الفيس بوك عشيّة اقدام ستة مجرمين اسرائيليين برابرة على خطف وتعذيب الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير وقتله بعد أن أحرقوه حيّاً!
مناسبة الحديث هي احتفاء أحد أبناء قرى الجولان المُحتل باستضافة عضو الكنيست شاكيد، وتعبيره عن فخره واعتزازه بهذه الزيارة التي تُعتبر “استثنائية” – كما تم وصفها – وأنه ” تم التخطيط لها تزامناً مع عيد الأضحى.” حيث تم التأكيد فيها أن عضو الكنيست شاكيد “أتت لزيارة ولمباركة الطائفة الدرزية بالعيد، ولتعزيز العلاقة والتعاون مع الدروز في هضبة الجولان“.
تأتي زيارة عضو الكنيست شاكيد (انظر الرابط في الأسفل[1]) في سياق سياسي مُمنهج تتبعه سلطات الاحتلال في الجولان المحتل منذ فترة ليست بقصيرة. فبتاريخ 21/06/2013 استقبل بعض من الشخصيات الاجتماعية والدينية (مُرفق رابط في أسفل النص[2])، مدير مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية هارئيل لوكر. فأولموا للوكر، وفردوا له مأدبة بما لذ وطاب من خيرات الجولان كما أوضحت الصور التي نُشرت على صفحات المواقع المحلية المواكبة والحريصة دائماً على تغطية هذا النوع من الزيارات “الخيّرة”. وكان للمواقع المحلية دورٌ أساسيٌ ومَركزي في الطريقة التي تختارها لنشر هكذا أحداث وتأثيرها على رسم الحالة التي يتعامل بها المجتمع مع المضامين المنشورة. فاختيار نشر خبر هذه الزيارات بحيادية سلبية أو محاولة تسويقها بتجريدها من البُعد السياسي الذي تحمله هو اختيار سيء ومؤثر بقدر الاختيار الذي يملي على تجاهلها والتعامل معها على انها لم تحدث البتّة. هذا بعيدًا عن ردود فعل بعض الأفراد النفعيين من الجولان المحتل على صفحات الفيسبوك وتعقيباتهم المختلفة على هذه الزيارات بالترحاب والمقدامية وكأن الجولان كان قرية بربرية لم يسبق لكائن بشري الوصول اليها وأن هذه الشخصيات السياساتية هي وحدها التي سوف تفتح أعيننا على العالم والعولمة وترتفع بنا الى أعلى المستويات الكونية. مُتناسين نظرة المُستعمر واهتمامه الذين سرعان ما سيزولان ويتلاشيا مع تلاشي حجم وقيمة الموارد الطبيعية التي نحن عليها، كما أن التناسي لدينا فاق الحد الذي فيه دولة اسرائيل مُلزمة، وفق القانونين الدولي والاسرائيلي، بتوفير المُستلزمات الأولية والأساسية لنا (وهي ليست بمطالب انما حقوق وواجبات الدولة تجاه السكان المدنيين في الإقليم المحتل) بصفتنا مُقيمين تحت احتلاله، وأصبح تعاملنا مع هذه الحقوق على أنها امتيازات من دولة الاحتلال وفضلها الكريم علينا.
بعد أشهر معدودة، وبتاريخ 18/02/2014 ، قام رئيس وزراء دولة الاحتلال شخصياً بنيامين نتنياهو بزيارة الجولان المحتل (انظر الرابط[3]). حيث كان له جولة بضيافة رئيس المجلس المحلّي المُعيَّن في مجدل شمس والذي قام بدوره أيضاً “بواجب الضيافة” على ضفاف بركة رام – مصدر المياه السوري الذي لم تتوقف سلطات الاحتلال يومياً عن سرقة المياه منه واحتكارها بشتّى الطرق العنفية وغير الشرعية المنافية للقانون الدولي التي تمعن دولة الاحتلال الاسرائيلي في انتهاكه على نحو خطير– فجال نتنياهو في الجولان كالفاتح، وحرص على إيصال ما أراد إيصاله من مواقف ورسائل سياسية تخدم دولته الفاشية والعنصرية. ولعل التذكير بواقعة طرد شيمعون بيريس من الجولان في ثمانينات القرن الماضي قد يستفز بعض الضمائر النائمة ويدل على الدرك الذي وصلت إليه المنطقة من حيث انخفاض عتبة حساسيتها تجاه دولة الاحتلال، فصار الواقع أن نولم ونحتفي بقدوم من يحتلنا ويضطهدنا إلى بيوتنا وقرانا، بدل أن نطردهم كما كانت الناس تفعل.
تطول لائحة زيارات المسؤولين الإسرائيليين للجولان، ففي هذا العام وحده قام أكثر من سبعة مسؤولين بزيارات مشبوهة مماثلة، وحظوا فيها بمباركة وترحاب مضيفيهم، ولاقاهم صمت اجتماعي يشبه صمت القبور، فلا استنكار ولا شجب ولا حتى أي تعليق علني يندد بهذه الممارسات أو يحاول التصدي لها. هذا الصمت الذي سمح لرئيس الحزب اليميني المتطرف “البيت اليهودي”، وزير الاقتصاد في حكومة نتنياهو والضابط السابق في الجيش الإسرائيلي، نفتالي بينيت بالتصريح بعد الاحتضان والحفاوة التي لقتها زيارته: “رسالة إلى دروز الجولان، ستبقى مرتفعات الجولان تحت سيطرة إسرائيل إلى الأبد، والآن ستنضمون إلينا” (انظر الرابط في الأسفل[4])، وأردف على ذات الصفحة الخاصة على الفيس بوك مشيداً بصديقه من الجولان “الشاب الحيوي، الذي يعمل دون تذمر”.
ظاهرة التطبيع والترويج للاحتلال هذه، وتسويقه على أنه أمر طبيعي يجب الرضى والتسليم به والتعامل معه بهذا الشكل المُبسَّط، ليست حكراً على شخص أو اثنين بطبيعة الحال، كما وليست ظاهرة جديدة من نوعها كانت قد بزغت فجأة مؤخرًا. فأن العديد من الجهات والشخصيات التي اعتبرت ولا زالت تُعتبر محورية ومؤثرة في المجتمع، كانت قد مارست وتمارس هذه السياسة الخطيرة دون أي خجل، لكن لم يسبق لنا كمجتمع محلّي أن نتعامل مع هذه الظاهرة دون أي مساءلة من قبل أحد لما يترتب عليها من أبعاد وتأثيرات سياسية واجتماعية كارثية على المنطقة.
طبعاً من حق السادة الكرام اياً كانوا من أبناء الجولان المُحتل أن يستضيفوا في بيوتهم من يشاءون، ومن حقهم الاحتفاء بمن يشاءون، فهذا شأنهم الخاص ولا دخل لنا فيه. أما أن ينتدبوا انفسهم ويروّجوا لضيوفهم على أنهم حريصون على “تعزيز التعاون والعلاقات” مع أهل المنطقة – وكأنهم مكلفٌون بذلك – وتسويق حالة الاحتفاء بمسؤولين عنصريين يمثلون سلطات الاحتلال، فهذا يتعدى إطار الزيارات الشخصية ويتخطى الحرية الفردية، ويُدرج في سياق الترويج المفضوح للاحتلال. ففي الجولان، كما غيره من المُجتمعات، أفراد وعائلات وكيانات مُختلفة وعديدة ومُتعددة لا يمكن حصرها وفرض موقف واحد عليها أو التحدّث باسمها، كما وأن ذلك من غير الأخلاقي في الدرجة الاولى.
صحيح أن ما خفي كان أعظم، وما يحاك في السر بالتأكيد يفوق خطورةً كل ما يُمارس بالعلن، لكننا نعتقد أن تداعيات هذه الزيارات العلنية كارثية بكل المقاييس، ليس لأنها تروّج لفكرة الاحتلال ولمنطق الاستسلام له فحسب، بل لأنها تؤدي إلى تخدير مجتمع كامل وتسلب منه ما تبقى عنده من مفهوم الحرية والتحرر وتكرس مفهوم العبودية والخضوع للمحتل. فأن تقوم شخصيات مثل رؤساء المجالس المحلية المُعينيين بهذه الممارسات فهو أمر مفهوم بكونهم يمارسون “دورهم الوظيفي” الذي ترسمه لهم دولة الاحتلال، وهذه مصيبة حلّت بنا، أما المصيبة الأكبر فهي أن تقوم شخصيات ذات مكانة اجتماعية ودينية وعائلية اعتبارية باستغلال مركزها لممارسة ذات السلوك وأداء ذات الوظيفة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مجموعة جاري التجنيد:
خولة إبراهيم، مجد المغربي، عامر إبراهيم، محمود محمود، ضياء المغربي، ميس إبراهيم وياسر خنجر.
_________________
[1] صفحة عضو الكنيست شاكيد في وما كتبته بعد زيارتها للجولان السوري المحتل: http://on.fb.me/1vOGdlm
[2] انظر الخبر كما ورد نشره في موقع جولاني بتاريخ 16/12/2013: http://bit.ly/1BQV1ll وايضًا الخبر في تاريخ 14/12/2013 في نفس الشأن: http://bit.ly/1rgIWjd
[3] انظر الخبر كما ورد نشره في تاريخ 18/02/2014: http://bit.ly/1rgJ4PK
[4] الرسالة كما ورد نشرها على الصفحة الرسمية لنفتالي بينيت على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بتاريخ 25/03/2014: http://on.fb.me/1vTz0Aj
.
ملاحظة: التعليق على هذه المادة بالاسم الحقيقي فقط
.
برأيي المتواضع، ان كل تلك التحركات في السنوات الاخيرة اتت على غرار تغيير المعادلة و”متغيراتها” في المنطقة عموما وفي سوريا تحديدا، ودخول بعض المتغيرات الجديدة كالارهاب والحرب الغير معروف مصيرها بين مؤيدين ومعارضين وتداخل تفاصيل المصالح الغربية المعقدة في المنطقة، بناء على ذلك، فان تفكير وميول اهل المنطقة -الواعي نسبيا- بات مشوشا في ظل هذا التغيير، فهنالك من يتطلع للحفاظ على نفسه وعلى لقمة عيشه فقط، وهنالك من غير مسار انتمائه بعد تنامي وتزايد التهديدات الطائفية “الارهابية” في المنطقة كذلك، وهنالك المنتفعين “المكبوتين” الذين يرون فسحة جديدة لتجديد مسالة انتمائهم ووصولهم لمراكز وحصولهم على ميزات او واسطات ( الطامحين الفاشلين تحديدا).
ففي ظل كل التخبطات المذكورة اعلاه، بالكاد يمكننا معايرة او محاسبة احد على خطوطه المنهجية الجديدة بما يخص حياة الفرد الشخصية ومسالة انتماءه ان كان غربي او معارض او مؤيد … فهنالك العلماني الذي يرى بانها مسالة وقت وتغييرات وهنالك الراي الديني الذي ينظر الامور على انها المحنة القادمة … وهذا بدورة يفسح المجال لدرس واختلاق افكار لتحركات ومشاريع جديدة بالمنطقة.
امورا يجب علينا اخذها بعين الاعتبار :
– مسالة التطور والتقدم بالجولان بدات من الثمانينات، فالمنح الدراسية للاتحاد السوفيتي سابقا والمنح الدراسية لجامعة دمشق حاضرا واقامة المراكز الطبية والزراعة المتقدمة وتشييد مناطق صناعية واماكن سياحية والفن والمسرح اتت بجهد وفكر ذاتي من قبل اهل المنطقة.
– لا مانع بان ياتي مسؤولا او شخصية محددة لزيارة احدهم او طرح مشاريع تطويرية بالمنطقة، ولكن، ان كان الهدف المرجو من ذلك اقامة حزام امني مجاني “درزي” على الحدود الشمالية مشكل من ابناء منطقة الجولان بداعي التخوف الطائفي (الذي ربما يغدو حقيقة) او الدعم والتطوير في المنطقة، فتلك نقطة وجب دراستها والتفكير بها جيدا، فابناء الجولان لديهم سلعا ثقافيا وعلمية قد يساهمون فيها بصفتهم مواطنين مسالمين وواعين، وليس كجنودا لخدمة اهداف لا تخصنا ابدا وسقف طموحاتهم قطعة ارض وزوجة والتشبع من اكل البيتزا والبوريكس وركوب سيارات فاهرة بحجة انها حياة لا يتمتع بها احد في الدول المجاورة.
جاري التجنيد
وتتبعه عمليه المسح الدماغي
والتاريخي
الوطن الذي بوسعك ان تعيش فيه مرفوع الرأس تعطيه كل ما لديك وتضحي من اجله بالنفيس والغالي .وحتى بحياتك ،اما الوطن الذي تضطر للعيش فيه مطأطئ الرأس فلا تعطيه شيئا .سواء تعلق الأمر بالبلد الذي استقبلك او ببلدك الأم .
فالنبل يستدعي العظمه ، واللامبالاة تستدعي اللامبالاة ،والازدراء يستدعي الازدراء .
التائهون
فقط للتنويه،،،
ما ورد في رواية التائهون لأمين معلوف يتحدث عن وطنك الأم وعن البلد أو الوطن الذي استقبلك وعشت فيه حياة كريمه، والمقارنة بالتأكيد لم ترد بين وطنك الأم والدولة التي احتلتك بالقوة وتحاول جاهدة تشويه وجهك وتاريخك،،،
اسرائيل بلد مجرمه مفكره الاجرام بكل الدول بس هي احقر بلد عوجه الارض