أفراحنا هلي هي فعلاً فرح.. أم عبء؟

بقلم منى أبو جبل

إعلان

إعلان

إعلان

إعلان

إعلان

إعلان

إعلان

إعلان

إعلان

إعلان

في زحمة الصّيف وأفراحه… هل ما زال الفرح كما عرفناه؟
أم صار سبّاقًا للإنهاك وضغط الجيوب والغياب عن أحبابنا؟

الصّيف، هذا الفصل الذي ننتظره محمّلًا بالدّفء والبهجة، يتحوّل أحيانًا إلى ساحة سباق للمناسبات. أفراح متتابعة، ومواعيد متزاحمة، وضغط الوقت والالتزامات والمصاريف يثقل الكاهل.

كلّ صاحب فرح يدخل المعترك وفي ذهنه رغبة صادقة أن يكرّم ضيوفه ويحتفل بمحبّيه كما يليق. يخطّط، يحسب، يهيّئ، ويحرص أن تكون المناسبة محترمة ومشرّفة. لكن بين تلك الرّغبة النّابعة من القلب، وما تفرضه العادات المتوارثة بلا تفكير، تتّسع الفجوة.

هناك عادات ثقيلة لا تمتّ إلينا بصلة، لكنّها تتسلّل إلى جدولنا وتفرض حضورها: ملابس باهظة قد لا نرتديها مرة أخرى، موائد طعام وحلويات تتجاوز الحاجة، تعدّد أيام الاحتفال وكأنّ الفرح يقاس بطوله لا بصدقه. ومنذ أوّل يوم “العزيمة” وحتّى لحظة المناسبة، يبقى الضّغط ملازمًا لصاحب الفرح ومن حوله، يحوّل البهجة إلى اختبار صبر.

ومن أكثر ما يثقل كاهل صاحب المناسبة مسألة الطّعام والضّيافة. موائد عامرة تُحضَّر بما يفوق الحاجة، أصناف متكرّرة وحلويات تُقدَّم بكميات تكفي لعشرات أكثر من عدد المدعوّين. وفي النّهاية، ينتهي جزء كبير من هذا الطّعام في سلال النّفايات بدل أن يُقدَّم لمستحقيه. وكأنّ قيمة الفرح تُقاس بحجم المائدة لا بصدق القلوب.

ولا يقف الأمر عند وجبة واحدة أو لقاء واحد، بل يتكرّر في كلّ محطّة من محطات المناسبة: من العزيمة، حتّى يوم العرس وما بعده من زيارات ومباركات. دعوات متلاحقة تُرهق صاحب المناسبة ماديًا، وتستهلك وقته وجهده، وتضع الضّيوف كذلك في حرج بين تلبيّة الدّعوات المتكرّرة أو الاعتذار عنها.

ولا يتوقّف الأثر عند الجانب المالي فقط، بل يمتد أيضًا إلى الجانب النّفسي. فبين استنزاف الجيب بالمصاريف المتزايدة، واستنزاف النّفس بالضّغط والتّوتّر والقلق، يجد صاحب الفرح نفسه محاصرًا من جهتين: عبء مادي يرهق الميزانية، وعبء معنوي يسلب متعة اللّحظة.
ولا يقف الثّمن عند هذا الحد، بل يصل إلى العائلة نفسها. فغيابنا المتكرّر عن بيوتنا وأطفالنا يدفعنا أحيانًا للبحث عن مراكز ترفيهيّة أو تعليميّة لإشغالهم، تعويضًا عن غيابنا، وكأنّنا نحاول ملء فراغ الحضور ببدائل.

الفرح الحقيقي لا يقاس بما نُنفقه، ولا بما يرضي أعين النّاس، بل بما يسكن القلوب ويترك أثره الطّيب. فهل سنظل أسرى لعادات تُثقل الفرح وتسرق روحه، أم سنعيد له بساطته التي وُلد بها؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

+ -
.