يخشى الكثير من الرجال أمراض البروستاتا، لكن الأمر لا يتطلب بالضرورة التدخل الجراحي، فما هي وسائل العلاج الحديثة للأمراض المختلفة؟ وكيف يمكن الوقاية من سرطان البروستاتا؟
مشاكل البروستاتا من أكثر الأمراض شيوعاً بين الرجال، وتقدر منظمة الصحة العالمية أن كل رجل يذهب إلى الطبيب مرة واحدة على الأقل في حياته بسبب مشاكل في البروستاتا، وأن واحداً من بين ثلاثة رجال يضطر لإجراء عملية جراحية في البروستاتا. ومع التقدم في السن، تكثر مشاكل البروستاتا، لكن بعض هذه المشاكل حميدة.
ويؤكد البروفسور كورت ميلر رئيس قسم المسالك البولية في مستشفى شاريتيه في برلين أن الورم السرطاني في البروستاتا “لا يتطلب بالضرورة تدخلاً جراحيا” ويضيف في برنامج صحتك بين يديك أن هناك الآن وسائل علاجية “ألطف وبآثار جانبية أقل مما كان عليه الوضع قبل 10 سنوات”.
من أمراض البروستاتا المزعجة تضخم البروستاتا، ويوضح الطبيب كارستن ليكوتات، الإخصائي في المسالك البولية أن الإجراء المعتاد لعلاج تضخم البروتساتا يتمثل في تجريف البروستاتا عبر مجرى البول باستخدام حلقة كهربائية أو باستخدام الليزر، ويشير البروفسور كورت ميلر إلى أن “هذه عمليات جراحية بسيطة” ويضيف: “ندخل إلى جسم المريض عبر الفتحات الطبيعية الموجودة، ولا نحتاج لإيذاء فتحات الجسم ويمكن إجراء العملية بجهد بسيط. استخدام الليزر يقلل من نزف الدم مقارنة بالحلقة. ولكن النتيجة هي نفسها تقريبا.”
ويطمئن بروفسور ميلر الرجال أن مخاطر الإصابة بالعجز الجنسي أو السلس البولي عند إجراء هذه العملية “ضئيلة، لأن أعصاب القدرة الجنسية موجودة خارج محفظة البروستاتا ولا يتم الاقتراب منها في العادة. كما أن العضلة الحاصرة للبول فهذه من النادر جداً أن تتأذى بفضل التقنيات المتوفرة حالياً.” بينما ينظر ميلر بتشكك لطريقة وقف تدفق الدم إلى البروستاتا لتخفيف تورمها.
ويوضح د. ميلر أن الأدوية يمكن أن تساعد في العلاج في المراحل المبكرة. ورغم أن تضخم البروستاتا لا يؤلم ولا علاقة له بالإصابة بسرطان البروستاتا، إلا أن علاجه ضروري بحسب د. ميلر، لأن إفراغ المثانة لا يتم كما يجب في حال الإصابة بهذا المرض، مما يسبب احتباس البول، وهو أمر مزعج وقد يضر بالكلى على المدى البعيد.
الفحص الوقائي قد ينقذ حياتك
وفي هذا السياق، يرى أخصائي المسالك البولية يوخن شنايدر أن الوقاية الجيدة تساعد في كشف سرطان البروستاتا بشكل مبكر، ومن ثم يمكن ضمان علاجه. ويرى شنايدر أن إحدى المشاكل لدى الرجال تكمن في كونهم يخشون معرفة إصابتهم بسرطان البروستاتا، ما يجعلهم نادراً ما يخضعون للفحوص الوقائية. ويضيف لبرنامج صحتك بين يديك: “بكل تأكيد، تأتينا حالات كثيرة بعد فوات الأوان. فالمرضى لم يذهبوا قط لطبيب مسالك بولية، لمجرد الاطمئنان.”
خلال الفحص الدوري، تخضع الأعضاء التناسلية الخارجية للفحص وهي الخصيتان وكذلك الغدد الليمفاوية في منطقة الحوض. ثم يتبع ذلك فحص يدوي للبروستاتا، لكن الأورام الصغيرة لا يمكن كشفها بالفحص اليدوي. وبالإمكان إجراء فحص دم إضافي لهذا الغرض. فهناك بروتين يتكوّن في البروستاتا، اسمه المُستضد النوعي، واختصاره PSA، والقليل منه يظهر في الدم. ويتعين ألا تزيد نسبته عن 4 نانوغرام لكل ملليمتر. ويوضح د. يوخن شنايدر: “نسبة المستضد النوعي تختلف بحسب الحالة، حيث يؤخذ في الاعتبار عمر الشخص وحجم البروستاتا ومن الضروري تفادي العوامل المؤثرة على هذه النسبة، وأهمها عدم ممارسة الجنس وركوب الدراجات لمدة يومين قبل الفحص.”
إلا أن هذه العوامل تجعل الفحص مثيراً للجدل، لأنه رصد نسبة مرتفعة من هذا البروتين في الدم سيجلب المزيد من الفحوص ويمكن ألا يتم العثور على ورم في النهاية، ويكون الشخص قد حمل الهموم لعدة أسابيع بلا داع. ومنتقدو الفحص، مثل عالم الأحياء كلاوس كوخ يرون أنه حتى عند اكتشاف وجود خلايا سرطانية في البروستاتا، فلا يكون هذا بالضرورة في صالح المريض، لأن بعض الرجال يعيشون بحالة سرطان ليست خطيرة بالضرورة.
كما أن العملية والتعرض للعلاج بالأشعة مجهد جسدياً ونفسيا، وقد يؤدي إلى الإصابة بسلس البول والعجز الجنسي. وينصح الأطباء من هم فوق السبعين بعدم إجراء الفحص، لكنهم يرون أنه ضروري جدا بدءاً من سن الخامسة والأربعين. ويوضح د. يوخن قائلاً: “عندما يعيش شخص لفترة طويلة رغم إصابته بسرطان البروستاتا، فهذا يعني أنه سيموت يوماً ما من جرّائه. أي أنه كلما كان خضع للفحص في سن صغيرة، استطاع اكتشاف الإصابة مبكرا، وحاول أيضاً علاجها.”
مُنتقدو الفحص لا ينكرون أنه قد ينقذ الحياة، وهذا بنسبة واحد في الألف. لكن ثلاثين رجلاً من هؤلاء سيعاني من وطأة العلاج دون سبب، لأنه ربما لم يتسبب الورم الصغير في أية مشاكل يتعين إذَن على الرجل حساب الفائدة والمخاطرة بشكل شخصي. كما يتعين تطوير المزيد من الفحوصات التي من شأنها تمييز السرطان الحميد من الخبيث في وقت مبكر.