أوكرانيا: تكريس الانقسام السياسي في القرم

ألقت روسيا بكل أدوات الضغط دفعة واحدة، في محاولة لاستعادة المبادرة بعد الضربة الموجعة التي تلقتها في أوكرانيا، وسعت إلى تغيير المعادلات الناشئة في البلد الجار، إذ رفع مسلحون انفصاليون علمها على مقري الحكومة والبرلمان في شبه جزيرة القرم الناطقة بلغتها، وظهر الرئيس الأوكراني المعزول الموالي لها فيكتور يانوكوفيتش وطلب «حمايتها»، التي نالها قبل أن يكشف مقربون منه أنه سيعقد مؤتمراً صحافياً في مدينة روستوف أون دون الروسية اليوم. (للمزيد)

 

وبالتزامن مع أحداث القرم، أعلنت موسكو تأهب مقاتلاتها الجوية على الحدود، في حين أكدت احترامها الاتفاقات الموقعة مع أوكرانيا حول وضع الأسطول الروسي المتمركز في ميناء مدينة سيباستوبول بالقرم، بعد تحذير الرئيس الأوكراني الانتقالي ألكسندر تورتشينوف، من أن أي تحرك لقوات الأسطول سيعتبر «عدواناً عسكرياً».

 

وفي موازاة التطورات الميدانية، وجهت الخارجية الروسية رسائل قوية طالبت فيها «كل الأطراف بالامتناع عن التصريحات الاستفزازية واحترام حياد أوكرانيا»، مؤكدة «استعداد موسكو للتعاون مع الغرب في الشأن الأوكراني شرط أن يحترم مصالح كل شركاء كييف».

 

واشترط وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في اتصال هاتفي أجراه مع نظيره الأميركي جون كيري، إعادة تطبيق اتفاق 21 شباط (فبراير) الذي وقعه يانوكوفيتش مع المعارضة للعمل مع الغرب في سبيل حل أزمة أوكرانيا، وكذلك أخذ مصالح جميع الأوكرانيين في الاعتبار، وضمان تنفيذ أي اتفاق يجري التوصل إليه».

 

وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش صرح بأن «اتفاق 21 شباط لتشكيل حكومة وحدة وطنية ذهب أدراج الرياح، ما مهّد لتشكيل حكومة منتصرين تضم ممثلين لقوميين متطرفين»، علماً بأن البرلمان الأوكراني منح ثقته أمس لحكومة ائتلافية يرأسها وزير الاقتصاد السابق أرسني ياتسينيوك ذي الميول الأوروبية.

 

واقترح كيري التعاون مع روسيا لحل أزمة أوكرانيا، في وقت أكد مسؤول أميركي «قلق واشنطن من تحركات القوات الروسية قرب الحدود، لكنها لا تعتقد بأن موسكو تعتزم توجيه أوامر لقواتها بدخول أوكرانيا».

 

وفي التصعيد الأخطر منذ عزل يانوكوفيتش السبت الماضي وانتقال السلطة إلى المعارضة، ظهرت أولى بوادر الانقسام السياسي والجغرافي في أوكرانيا، بعدما اقتحم مسلحون أطلقوا على أنفسهم تسمية «لجان الدفاع الوطني» مقري البرلمان والحكومة في سيمفروبول عاصمة القرم ورفعوا الأعلام الروسية فوقهما وطالبوا بالانضمام إلى روسيا. ثم فاقم التوتر تصويت برلمان الإقليم على تنظيم استقتاء في 25 أيار (مايو)، اليوم المحدد للانتخابات الرئاسية في أوكرانيا، لمنح مزيد من سلطات الحكم الذاتي.

 

وسارعت رئيس الحكومة الجديدة ياتسينيوك إلى توجيه نداء إلى البلدان الراعية لـ «مذكرة بودابست» التي وقعتها أوكرانيا قبل سنوات مع الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا، وتنص على ضمان وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها.

 

في غضون ذلك، ظهر يانوكوفيتش «افتراضياً» على الأراضي الروسية، عبر رسالة وجهها بالفاكس إلى وكالات أنباء «إنترفاكس» الروسية، وتضمنت «رسالة إلى الشعب الأوكراني» أعلن فيها أنه «ما زال يعتبر نفسه رئيساً شرعياً»، وهاجم «الانقلابيين»، مطالباً موسكو بتأمين حمايته.

 

وفي إشارة مباشرة إلى القرم، قال الرئيس المعزول: «واضح أن قسماً من الشعب لا يقبل تصرفات الانقلابيين. وبصفتي رئيساً لم أطالب الجيش بالتدخل، ومن يفعل ذلك الآن يرتكب تصرفاً إجرامياً».

 

وبعد مرور دقائق على نشر الرسالة، نقلت وكالات أنباء روسية عن مصدر حكومي رفيع، أن موسكو «وافقت على تأمين حماية يانوكوفيتش على أراضيها».

 

في سويسرا، اتخذت السلطات قرار تجميد «الأموال المحتملة» للرئيس الأوكراني المخلوع يانوكوفتيش التي قد تكون مودعة في مصارفها، علماً بأن رئيس الحكومة الأوكرانية ياتسينيوك اتهم حكومة يانوكوفيتش بنهب 37 بليون دولار «اختفت في اتجاه غير معروف».

 

+ -
.