أيامٌ خالدة من ذاكرة الجولان – بقلم حسام العفلق

عن صفحة المحامي حسام العفلق على الفيسبوك

لم يبقَ شبرٌ من ثرى الجولان إلاَّ وتعطر بشذى البطولة وتضمَّخ بدماء الأبطال الغُرِّ الميامين سواءٌ في المعارك التي نشبت في مجابهة الاحتلال العثماني و المستعمر الفرنسي أو ضد كيان الاحتلال الصهيوني الغاصب لاحقاً.

للجولان تاريخ مشرف يحق لنا الاعتزاز به ونشر تفاصيله وها هم الاهل يكملون المسيرة ويجسدون بنضالهم عراقته وأصالته في النضال ضد المستعمرين.
فقد كان المجاهد كنج كنج أبو صالح أحد القادة الذين وقفوا بشجاعة أمام الوالي العثماني في دمشق، ورفض تسجيل شباب المنطقة ضمن سجل الأنفس لتجنيدهم في الجيش العثماني وتدريبهم على خوض حروب تركيا. حيث انتقمت منه السلطات التركية وأصدرت قراراً باعتقاله وتم سحبه وهو مكبل اليدين وراء الخيل من بلدة بانياس إلى درعا، لأن الوالي العثماني غضب عندما علم بأمر رفضه تسجيل شباب المنطقة إلى الجندية ومن ثم تم نفيه إلى جزيرة أرواد.
وقداعتقلته السلطات الفرنسية مع بداية الثورة في الجولان، ويقول أحد المؤرخين المصريين” حين استشهد الابن البكر للزعيم الجولاني أخطأوا عند تبليغه الخبر بين ابنه وأخيه قائد الثورة فقال ” الحمد لله الذي قضى بإستشهاد ابني وليس أخي فسألوه، والدهشة تعلو وجوههم، كيف وهو ابنك؟ فقال إن استشهاد ابني لن يوقف الثورة ولكن استشهاد أخي قائد الثورة قد يوقفها.

إعلان

إعلان

من المشاهد الخالدة في الذاكرة والتي سجلها التاريخ لسكان الجولان، أن الجنرال غورو أرسل أموالاً ونقوداً كثيرة إلى أهالي الإقليم والى زعامته من آل كنج (الشيخ أسعد كنج أبو صالح، وشقيقه الشيخ كنج أبو صالح )مقابل عدم معارضتهم للقوات الفرنسية ومساعدة فرنسا في السيطرة على جنوب البلاد، فما كان من المجاهد أسعد كنج وأخيه الشيخ كنج بصفته شيخ المنطقة إلاَّ أن طلب اجتماعاً لشيوخ وزعماء المنطقة في المجلس الديني في مجدل شمس وقال: ” عار علينا أن يسجل التاريخ أننا تعاملنا مع الاستعمار الفرنسي ووقفنا متفرجين على احتلالهم ” وأرسلت الأموال إلى الملك فيصل ملك سوريا الذي أصابه الذهول مما شاهده وسمعه وقال إلى رسول الجولان المجاهد اسعد كنج أبو صالح: ( إن لكم أيها الشرفاء ضعفي هذه المبالغ في خزينة الملك فيصل، وبلِّغ اعتزاز العرب بموقف أهالي الإقليم، وأصدر قرار بتعيين أسعد كنج نقيباً في الجيش السوري.

وقدكان للجولان حصته في الثورة السورية الكبرى في العام 1925 ضد الاستعمار الفرنسي حيث أعلن أبناء الجولان سكان الإقليم وعرب الجولان يتقدمهم المجاهد أسعد كنج أبو صالح انضمامهم للثورة، وراسلوا القائد العام لقوات الثورة السورية سلطان باشا الأطرش لكي يوسعوا رقعة الثورة لتشمل وادي التيم.

ونحن نستذكر المعارك الشهيرة التي خاض غِمارها أجدادنا الثوار إبان الثورة السورية الكبرى ضد المحتل الفرنسي فلقد لبى أبناء الجولان نداء القائد العام للثورة وبدأت تحركاتهم فيما عُرِفَ ( بثورة إقليم البلان ) ، حيث انطلق ثوار الجولان بقيادة المجاهد أسعد كنج أبو صالح يستهدفون قوافل المستعمرين ونقاط تمركزهم في السفوح الجنوبية لجبل الشيخ المتصلة مع شمالي الجولان.

ونظرا لازدياد الضغط على أهلنا في الجولان في تلك المرحلة حيث تعرضت القرى لهجوم فرنسي عنيف
في أواخر شهر تشرين أول عام 1925 زار وفد من إقليم البلان سرا ً دارة سلطان الأطرش يبلغه فيها أن سكان الإقليم يشاركون في الثورة وهذا قرار اتخذه سكان الإقليم، وكشفت السلطات الفرنسية أمر الزيارة ومحتوياتها فقامت على الفور باعتقال الشيخ أسعد كنج أبو صالح وشقيقه زعيم الإقليم لمدة 15 يوماً فيما أبقت على زعيم الإقليم شقيقه كنج كنج أبو صالح في السجن، وطاردت محمود كنج أبو صالح لاشتراكه في عدة معارك في حوران وبعض المناوشات ضد الفرنسيين في مناطق الإقليم.
ونظرا لازدياد الضغط على أهلنا في الجولان في تلك المرحلة حيث تعرضت القرى لهجوم فرنسي عنيف بحثاً عن الثوار .

شارك أسعد كنج أبو صالح بقيادة الثوار في كافة المعارك ضد القوات الفرنسية التي شهدها إقليم البلان ووادي التيم، وكان في مقدمة الثوار في معارك راشيا الوادي وقلعة راشيا والبلان والسكرة والبويب ومعارك مجدل شمس الأولى والثانية ومعارك سعسع والشوكتلية وعين الشعرة ومعركة حاصبيا ومرجعيون وقرى البيرة والرفيد والمحيدثه ومعركة ينطا ومعركة الفالوج التي دارت فيها معركة طاحنة خسر فيها المجاهدون سبعة شهداء، في حين خسر الفرنسيون أربعمائة قتيل. ويصف هذه المعركه المجاهد حسن شمس الذي شارك فيها قائلاً: ” كنا مئة وأربعة عشر مجاهداً نملك بنادق بالإضافة إلى ستة مجاهدين لا يملكون السلاح، عند المساء وصلنا إلى الفالوج وقسمت القوة إلى مجموعات وتمركزت غالبية القوة من الجانب الغربي لأن الجهة الغربية كانت أوسع. كان الضباب كثيفاً والأرض مزروعة بالشعير، وعندما كنا هناك جاءت مجموعة من كامد اللوز لتحصد الشعير فأبعدناهم شرقاً. عند بزوغ الفجر وصلت قوة استطلاع من الشمال على غير ما كنا نتوقع، وكانت مرتفعة أكثر منا، فاحترنا، كيف يمكن أن نرتفع إلى مكان يمكننا من مجابهة القوة، وفجأة جاءنا الفرج، حيث عاد الضباب لينتشر بشكل كثيف، مما مكننا من التحرك وأخذ أماكن مناسبة. عندها وصلت طائرة وبدأت تلقي بالمناشير تبشر بوصول جيش من الجهة الجنوبية، وبالفعل وصل هذا الجيش واصطف الجنود للتحية، ففتحنا النار عليهم مئة وأربعة عشر مشط رصاص، قبل أن يستطيعوا تصويب بنادقهم. استمرت المعركه ثلاث ساعات ونصف اضطررنا بعدها للانسحاب عندما بدأ إطلاق نار من الشرق باتجاهنا، حيث علمنا أن هؤلاء الحصادة من كامد اللوز، الذين أبعدناهم شرقاً كانوا قد وصلوا إلى مخفر الحمَّارة وأبلغوا عن وجودنا فخفنا من التطويق وتراجعنا ” .

ازدياد الضغط على أهلنا في الجولان في تلك المرحلة دفع بالثوار لطلب النجدة من القيادة العامة للثورة، التي هبت لنجدتهم وقد أُرسِلت تلك النجدة على شكل حملة من ثوار الجبل ذهبت إلى الإقليم بقيادة المجاهد زيد الأطرش وتولى رئاسة أركان الحملة العقيد فؤاد سليم ذو الخبرة والحنكة العسكرية إبن قرية بعقلين من الشوف في لبنان والذي كان قد خاض معركة ميسلون وكان من الضباط الأبطال الذين صمدوا وثبتوا في ساعة التقهقر بعد استشهاد البطل يوسف العظمة وكان هذا البطل قد تولى رئاسة أركان الجيش العربي في شرقي الأردن بعد أن نزح إليها ورفاقه من قادة الثوار العرب بعد أن قضى الفرنسيون على الدولة العربية الناشئة في دمشق آنذاك . وكان برتبة عقيد وقد عمل على تنظيم الصفوف لمحاربة المستعمرين . وكان لوجود هذا القائد أثرٌ بارزٌ في نجاح الثوار في تلك المعركة وقد اتخذت الحملة مقراً لها في بلدة مجدل شمس وتوسعت منها في شمالي الجولان فهاجمت الحامية الفرنسية في قلعة بانياس، واتجهت نحو ( وادي التيم ) معلنة رفض الثوار للتقسيمات الفرنسية لمشرقنا العربي وفقا للحدود المصطنعة فحررت حاصبيا ومرجعيون وراشيا في معارك بطولية مشرفة سطر خلالها الثوار ملاحم بطولية ، ومازالت رُبى تلك المناطق تحتضن رفات العديد من الشهداء من أجدادنا الثوار من أبناء الجولان وجبل العرب وبعد هذه الانتصارات التي حققها الثوار جهزت الجيوش الفرنسية حملة ضخمة لاحتلال مجدل شمس قاعدة الثوار وانطلقت الحملة الفرنسية من القنيطرة باتجاه مجدل شمس.

في معركة البويب سد الثوار مداخل البلدة عند منطقة ” البويب” والسكرة” جنوبي مجدل شمس بهدف منع تقدم القوات الفرنسية، وكانت خطة الثوار تقضي بامتصاص الهجوم الفرنسي ومن ثم القيام بهجوم مضاد. وهكذا بدأت المعركة( التي عرفت بمعركة مجدل شمس الأولى ) في يوم الثلاثاء ١/١٢/١٩٢٥ عندما هاجمت الطائرات الفرنسية مجدل شمس وبدأت قصفها بقذائفها، وفي الوقت نفسه تتقدم القوات الفرنسية باتجاه القرية. وكانت مجموعات من الثوار تناوش العدو المتقدم باتجاه البلدة بدءاً من المناطق التي تقع غربي بقعاتا، التي وقعت بيد الأعداء حيث قاموا بإشعال النار في بعض بيوتها. واستمر تقدم الجيش الفرنسي حتى المساء وتوقف القتال عند حلول الظلام ورابط الجيش الفرنسي في قرية مسعدة وحول بركة رام، وأشرف العقيد فؤاد سليم على تنظيم دفاعات الثوار حول القرية .
وفي اليوم التالي بدأ الفرنسيون بقصف مكثف لمواقع الثوار الممتدة من القاطع غرباً حتى السكرة شرقاً، وبدأوا بالتقدم باتجاه مداخل البلدة التي كان قد سدها الثوار بالصخور. وعند وصول القوات الفرنسية إلى هذه المداخل جرت معارك طاحنة استبسل فيها الثوار أشد استبسال، وحاربوا بالبندقية وبالسكين والفأس وبكل أداة حادة يملكونها، واستطاعوا تدمير ثلاث دبابات ومصفحتين عند موقع البويب. وقد حدثت بطولات كثيرة في المعركة، التي استمرت ستة أيام بلياليها، كان النصر في نهايتها حليف الثوار الذين سقط منهم بعض القادة مثل المجاهد فؤاد سليم، الذي أستشهد يوم الخميس ٣/١٢/١٩٢٥ بعد أن سقطت قذيفة مدفع بجانبه حيث كان يقود الثوار في الجناح الشرقي لجبهة الدفاع عن مجدل شمس قرب قرية سحيتا، حيث أصيب بشظية مدفع كان فيها مصرعه فتلقاه قائد الحملة المجاهد زيد الأطرش ولفظ أنفاسه الأخيرة بين يديه ليروي بدمه الطاهر تراب الجولان دفاعاًعن أرض الوطن وليؤكد وحدة الدم العربي في مواجهة الغزاة والطامعين حيث دفن غربي قرية سحيتا لكن غطرسة الاحتلال الصهيوني أعلنت خوفها حتى من أضرحة الشهداء فقامت بتجريف الضريح بعد عدوان حزيران ١٩٦٧ وقد استطاع الثوار بثباتهم وتضحياتهم أن يهزموا القوات الفرنسية المهاجمة و يطاردوا فلول الجيش الفرنسي المهزوم حتى القنيطرة بعد أن كبدوه أكثر من /٥٠٠/ قتيل بين ضابط وجندي وأعداد كبيرة من الجرحى وكميات كبيرة من المعدات وأسقطوا طائرة.

سير الفرنسيون حملة بقيادة الجنرال” ماسيت” باتجاه القنيطرة، وذلك على أثر هزيمتهم في معركة مجدل شمس الأولى، واشتبك الثوار مع هذه الحملة عند وعرة “دورين” وهي مزرعة تابعه لعين الشعرة، وامتد القتال من قرية سعسع حتى الشوكتلية، واشتد قرب قرية سعسع حتى كادت مجموعة من الثوار أن تباد، لولا الهجوم المعاكس الذي قامت به مجموعة أخرى من الثوار، حيث استطاعوا فك الحصار وأنقذوا إخوانهم.

زحفت القوات الفرنسية بقيادة الفرنسي غرانكور باتجاه حاصبيا، وفي الوقت نفسه بدأت قوة فرنسيه تزحف من القنيطرة باتجاه مجدل شمس والهدف إحداث فكي كماشة على الثوار الذين تفرقوا وعاد قسم كبير منهم إلى مجدل شمس من أجل الدفاع عنها. ودخلت القوات الفرنسية حاصبيا في الخامس من كانون الأول بعد معركة ضارية استشهد فيها العديد من الثوار. وكان من الطبيعي أن يستثمر الفرنسيون هذا النصر بالانقضاض على مجدل شمس، والتي تواجد فيها غالبية الثوار الذين وصلوا من وادي التيم.
في أواخر شهر آذار عام 1926 بلغ عدد الثوار في مجدل شمس من أهالي الجولان وإقليم البلان حوالي ستمائة مقاتل، كانوا تحت قيادة المجاهد أسعد كنج أبو صالح. ومنذ أواخر آذار وبداية شهر نيسان بدأ الثوار بالتصدي للحملات الفرنسية في مواقع مختلفة مثل خان أرنبة، وجباتا الخشب، والغجر، ووادي العسل، وكبدوا الفرنسيين خسائر فادحة بالأرواح والعتاد. ولم يترك الثوار المجال للقوات الفرنسية بالراحة ليل نهار، إلا أن الطائرات الفرنسية بدأت مع مطلع الثالث من نيسان بقصف جوي مكثف على المجدل وضواحيها، وبدأت أيضاً المدفعية تنصبّ من كل جانب، وأستطاع الثوار رغم ذلك صد المدرعات والآليات ودحر المشاة، وبدأوا يستعدون لهجوم معاكس على القوات الفرنسية، التي هاجمت مجدل شمس من جهات مختلفة.

تحولت مجدل شمس إلى مركز لثوار إقليم البلان، تحت قيادة أسعد كنج أبو صالح فقرر الفرنسيون الاستيلاء على المجدل، وفي ذلك يقول سلطان باشا الأطرش في مذكراته: “إنه من الطبيعي أن يحاول الفرنسيون تطهير الإقليم من الثوار، بعد أن سيطروا نسبياً على الموقف في المناطق الأخرى، وحدّوا من الأخطار التي كانت تحدق بخطوط مواصلاتهم الرئيسية ومراكزهم العسكرية الهامة فيها، فإذا تم لهم ذلك (أي الاستيلاء على مجدل شمس) يصبح طريق السويداء مفتوحاً أمامهم ويتفرغون لخوض المعركة الحاسمة”.

ومع نهاية شهر آذار عام 1926م، جهز الفرنسيون حملتين الأولى انطلقت من مرجعيون وهدفها مهاجمة القرية من الغرب والشمال الغربي، بقيادة الجنرال مارتانوقد تألفت هذه الحملة حسب الكتاب الذهبي لجيوش الشرق الأوسط من ( اللواء الثالث من فيلق الرماة الإفريقيين العشرين واللواء الثاني من فيلق الرماة الإفريقيين الحادي والعشرين ولواء الشرق من جيش المستعمرات وكوكبة من فيلق الصباحين مع سريتين من المدفعية ) . والثانية انطلقت من القنيطرة وهدفها الهجوم من الشرق والجنوب، وتبقى فقط الجهة الشمالية الشرقية مفتوحة للثوار وهي منطقه جبلية وعرة مكشوفة للطائرات، وقد أنيط بالجنرال كليمان غرانكور قيادة هذه الحملة. ( وكانت تضم هذه الحملة العسكرية اللواء الأولمن فيلق الرماةالإفريقيين الحادي والعشرين واللوائين الأول والثالث من فيلق الرماة التونسيين السادس عشر بالإضافة إلى سرية من الدبابات مع خمس كوكبات شركسية فضلا عن السيارات الرشاشة وسرية مدفعية /٧٥ / ملم وعدة سرايا من من مدفعية / ٦٥ / ملم ، وعدة مفارز من المغاوير المدربين على حرب الجبال وأسراب من الطائرات )
كان عدد القوات الفرنسية الهائل – التي زجت في المعركة والمدججة بكل أنواع الأسلحة من طائرات ومدرعات ومدافع، مقارنة مع عدد المجاهدين وأسلحتهم المتواضعة من جهة، وهجوم الفرنسيين من جهات مجدل شمس المختلفة- فرض على الثوار رغم قلة عددهم التوزع بمجموعات صغيرة على أطراف البلدة المختلفة من جهة ثانية، هذا إضافة إلى الجبهة الشمالية الغربية التي فاجأهم منها وصول المغاوير الفرنسيين عن طريق بركة مرج المن مقتربين، بمساعدة أحد العملاء، من المكان الذي لجأت إليه النساء والأطفال والعجزة، حيث اشتبك معهم المجاهدون بالسلاح الأبيض وتلاحموا جسداً بجسد وقد دافع الثوار ببسالة لمدة / ١٢/ ساعة قبل أن تسقط مجدل شمس بيد الفرنسيين هذه الأسباب مجتمعة جعلت قائد الثورة المجاهد أسعد كنج أبو صالح يأخذ قرار الانسحاب المنظم لحماية النساء والأطفال والعجزة. بعد أن دمرت الطائرات والقوات الفرنسية القرية بالكامل واحرقت قسما كبيرا من منازلها فلم يبقَ للثوار ملاذاً فيها يقيهم وعائلاتهم برودة الشتاء القارس في سفوح جبل الشيخ.

يذكر قائد الثورة العام سلطان باشا الأطرش:” أن أبطال ثورة الإقليم بقيادة أسعد كنج أبو صالح تولُّوا حماية ظهر المنسحبين”. الذين وصلوا إلى قرى جبل العرب، حيث استقبلوا هناك بكل رحابة صدر .
انضم ثوار الجولان وإقليم البلان إلى ثوار جبل العرب وخاضوا معاً المعارك ضد القوات الفرنسية واستُشهِد وجُرِح عدد منهم. إلا أن القوات الفرنسية بقيادة الجنرال أندريه استطاعت أن تستولي على السويداء، فاتخذت قيادة الثورة في اجتماع “سالي ” مجموعة من الخطوات والتدابير بهدف مهاجمة العدو وإشعاره بصلابة عزيمة الثوار وتصميمهم على القتال وعدم الاستسلام. وكانت إحدى هذه القرارات إعادة القوات النازحة من الإقليم، في محاولة لإحياء الثورة هناك من جديد، وبالفعل عادت مجموعة من المقاتلين من لبنان ومن الإقليم بقيادة المجاهدين الأمير عادل أرسلان وأسعد كنج أبو صالح. وكان قد انضم إلى هذه الحملة أيضا المجاهد أحمد مريود، ولحق بالثوار بعد ذلك كلاً من الأمير عز الدين الجزائري وصبري العسلي.

ويذكر محمود عبيدات أن الزعيم أحمد مريود اجتمع بأهالي الجولان، الذين نزحوا إلى الجبل بعد المعارك الحاسمة التي خاضها الثوار ضد القوات الفرنسية، واستمع منهم إلى المعاناة التي لاقاها أهل مجدل شمس وقلعة جندل، وقال أحدهم إن عدد شهداء مجدل شمس بلغ أكثر من تسعين شهيداً وتحولت هذه القرية إلى مقبرة جماعية للنساء والأطفال والشيوخ الذين لم يتمكنوا من مغادرتها عندما احتلها الفرنسيون. وعرض أهل الجولان رغبتهم بالعودة إلى ديارهم وإلى القتال من جديد.

تم حرق منزل الشيخ أسعد كنج على يد الفرنسيين انتقاماً منهم على قيادته للثورة في إقليم البلان. نزح الشيخ أسعد كنج إلى فلسطين بعد فشل الثورة والسيطرة على مجدل شمس وإقليم البلان وبقي هناك حتى صدور العفو العام عام 1937 حيث استقبل استقبال الأبطال في إقليم البلان وجبل العرب.

بقلم المحامي حسام العفلق

تعليقات

  1. مع احترامي لال كنج ولجميع اهالي الجولان .. نحنا كعرب بهذي المنطقة منعتز ومنفتخر بكم شخص نجحوا نجاح مؤقت او محلي وكم انتصار وكم بطولي والحقيقة الي صعبة علينا تقبلها انو تاريخنا كعرب مليان بالخسائر والهزائم للاسف .. واليوم عمنشوف من المحيط للخليج حياة شعوب ذليله وقليلة كرامه غير القتل والدمار .

التعليقات مغلقة.

+ -
.