تشكل صناعة التكنولوجيا نحو 50% من صادرات إسرائيل التي تتطلع لتكون دولة عظمى بمجال الابتكار والبحث العلمي بحلول عام 2024، إذ تواصل تشجيع إقامة مئات الشركات الناشئة سنويا والاستثمار باستيعاب الأدمغة.
وسلط مؤتمر هرتسليا الرابع عشر -الذي افتتح الأحد وتتواصل أعماله على مدار ثلاثة أيام- الضوء على الدور الريادي لتل أبيب في مستجدات عالم “الهايتك” والابتكار وفي مجال صناعة المعلومات، وذلك من خلال أربعة آلاف شركة توظف نحو ثلاثمائة ألف مهندس وباحث بمجال التكنولوجيا الطبية والتطبيقات وتطوير البرامج والاتصالات والبرمجة والإنترنت.
واستعرضت جلسات المؤتمر الجهود التي وظفتها تل أبيب وتقاسم الأدوار بين المؤسسات العسكرية والمدنية والأكاديمية التي ساهمت بتحول إسرائيل إلى دولة تكنولوجيا.
وناقش باحثون وأكاديميون العديد من المحاور ذات الصلة بالبحث العلمي والرؤى الإسرائيلية لمواصلة الهيمنة على العالم “بالهايتك” وكيفية الاستفادة من الأدمغة بجميع أنحاء الكون وتبادل الخبرات وعدم التقوقع والارتهان “للدماغ اليهودي” فقط.
تحديات وعراقيل
ولتخطي مشهد الضبابية الذي يحوم حول وضعية ومكانة الأبحاث والتطوير الخاصة بإسرائيل بحلول 2024، ومصير أربعمائة شركة ناشئة وإمكانية استيعاب عشرة آلاف مهندس سنويا، يجزم الباحثون بضرورة التثقيف التكنولوجي منذ مرحلة الطفولة المبكرة وتقليص الفوارق الاجتماعية والاقتصادية ودمج كافة الشرائح السكانية وتحديدا العرب واليهود الحريديم بمشاريع الإنتاج والابتكار التكنولوجي.
وطرح مبادرون ومستثمرون تصورا إستراتيجيا لإمكانية تطور صناعة المعلومات في ظل التحديات العالمية ومستقبل الشرق الأوسط والأمن الوطني الاقتصادي والاجتماعي بإسرائيل، إلى جانب معالجة المعيقات التربوية والسياسية والعلمية وإزالة الحواجز التي من شأنها أن تشكل حجر عثرة أمام تفوق تل أبيب عالميا في إنتاج المعرفة.
وتحدث رئيس معهد “فيتسمان” للعلوم دنيئيل زيفمان حول مسيرة تطور صناعة الهايتك والتكنولوجيا بإسرائيل، وعزا ذلك إلى السياسات التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة بفتح السوق أمام المنافسة دون محاولة احتكار المجال، إلى جانب تشجيع الاستثمار ومنح كامل الحرية للجامعات والمعاهد الأكاديمية بالاستقلالية وإنتاج المعرفة وجذب الأدمغة ورعايتها.
واستشهد زيفمان بإسهام معهد فيتسمان في سوق صناعة التكنولوجيا عالميا، ولفت إلى أن الابتكار والبحث العلمي الذي أشرف عليه أدخل في العام الماضي إيرادات وأرباحا بقيمة ثلاثين مليار دولار لعشرات الشركات العالمية بمجالات الطب والصحة والطاقة والهواتف الخلوية.
انفتاح واندماج
وبشأن مستقبل إسرائيل في صناعة المعلومات والتنافس مع أميركا والهيمنة على عالم التكنولوجيا بحلول عام 2024، يرى رئيس شركة “الدين” للبرمجة والتطبيقات ينكي مرغليت ضرورة انفتاح تل أبيب على المجتمع الدولي والاستعانة بجميع القدرات واستيراد الأدمغة من جميع أنحاء العالم وعدم الاكتفاء بتصدير الابتكارات والأدمغة “اليهودية”.
ويعتقد مرغليت أن إسرائيل سترتكب “أخطاء فادحة” قد تعرقل جاهزيتها وتعيق مسيرة تطور البحث العلمي وتحول دون تحقيق هدفها للريادة عالميا بالتكنولوجيا العالية في حال بقيت متقوقعة ومعتمدة فقط على الرعاية الأكاديمية الذاتية والدعم الحكومي لقطاع التكنولوجيا الذي يقدر بنحو 5% من مجمل الناتج القومي المحلي والارتكاز على الصناعات العسكرية باكتشاف الأدمغة.
وينصح مرغليت بتقليص الفوارق الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع الإسرائيلي عبر دمج كافة القطاعات السكانية في عالم التكنولوجيا واعتماد ثقافة التعليم والتدريس للتكنولوجيا منذ مرحلة الطفولة المكبرة، والاندماج في العالم بالاستعانة بالعقل البشري والتسوية السياسية مع العالم العربي لضمان تفوق إسرائيل.
اما المستثمر بمجال التكنولوجيا شاي أغاسي فيشدد على ضرورة أن يتم دمج اليهود الحريديم والسكان العرب في مجال صناعة التكنولوجيا والابتكارات خاصة أن هناك آلافا من المهندسين والأكاديميين الخريجين الذي لم يتم استيعابهم بسوق العمل بمجال الصناعات التكنولوجية المتطورة الذي يضم قرابة ثلاثمائة ألف.
ويعتقد أغاسي أن تل أبيب ستجد نفسها أمام معيقات وعراقيل تحول دون الدفع بعجلة النمو الاقتصادي وإنتاج نظم المعلومات التي تدخل أرباحا بمعدل 25 مليار دولار سنويا، وذلك إذا ما أصرت على جعل عالم التكنولوجيا حكرا على شريحة اجتماعية دون غيرها.