إسرائيل ليست جمعية خيرية توزع الحماية والمال على الناس

يطالعنا في الأونة الأخيرة بعض البسطاء ممن يطلبون العون من هذا الشيخ أو ذاك، مع احترامي الشديد للمشايخ طبعاً، ولنياتهم الطيبة في المساعدة، يطلبون منهم حماية هذه الطائفة أو تلك، أو نقل خط وقف إطلاق النار، أو استجلاب عمال للعمل في الكيبوتسات أو.. وكأن إسرائيل جمعية خيرية توزع الحماية والمال على الناس، ويتناسون أن إسرائيل دولة لها مصالحها وهي تستعمل المشايخ والطوائف والقوميات من أجل تنفيذ مآربها. فهي تسعى لتقسيم سوريا وافتعال اقتتال طائفي، لأنها تريد أن تبقى سوريا، وفقاً لمفهومها الأمني، دولة ضعيفة لا تشكل خطراً على إسرائيل.

كلنا يذكر دويلة سعد حداد التي أقامتها إسرائيل في جنوب لبنان، وكلنا يذكر استجلاب عمال من لبنان ليعملوا في إسرائيل. وللتذكير فقط، عندما قرر باراك الانسحاب من لبنان لم يّبلغ جيش لحد بذلك، فبدأوا يتراكضون ليدخلوا إسرائيل قبل إغلاق بوابة فاطمة بين إسرائيل ولبنان، لأنهم يعرفون أنهم أصبحوا في العرف اللبناني خون، وفي العرف الإسرائيلي مرتزقة.

يا إخواني لو كان هذا الشيخ أو ذاك يقرر سياسة إسرائيل لكان استطاع الغاء قانون القومية الذي حولهم، وهم بالمقدمة، إلى مواطنين من الدرجة الثانية، ولكان استطاع هذا الشيخ أو ذاك الغاء قرار هدم بيت واحد لأحد الجنود الدروز الذين يخدمون بالجيش الإسرائيلي، كما حصل في يركا مؤخراً، أو الغاء مشروع المراوح في الجولان الذي يصادر ألاف الدونمات من أراضينا، فكفوا عن هذا الهراء، ولا تحمّلوا هؤلاء المشايخ ما ليس بإمكانهم حمله، فإذا كانت مصلحة إسرائيل تقتضي فعل شيء فهي ستسعى لفعله وتدفع البعض بهذا الاتجاه وليس العكس.

إعلان

وهناك من يظن للأسف، أن الأموال التي أقرتها حكومة اسرائيل لدعم المجالس المحلية الدرزية والشركسية تهدف لدعم دروز السويداء، وهذا محض هراء وكذب. ولتعلموا أن هذه الخطة سبقها العديد من الخطط التي لم يصل منها إلا النذر اليسير، فهي وعود خلبية لأربع سنوات قادمة، ستتغير الحكومة قبل تنفيذها، وتذهب هذه الأموال مع الحكومة أدراج الرياح. وما هذه السياسات إلا مسكنات للدروز والشركس ليقنعوهم أن لهم مكانة خاصة. والحقيقة أن هذه الدولة هي دولة اليهود فقط ولن يتشاركوا بها مع أحد.

وهنا أريد أن أتوجه لبعض إخواننا في جبل العرب، واعتقد أنهم قلة، مما انطلت عليهم هذه السياسات، وأقول لكم بكل صدق ومحبة، وأنا أعرف وضعكم الاقتصادي المزري وأتفهم حاجاتكم: ليكن جيش سعد حداد لكم عبرة، فلا تتعاملوا مع أي مشروع يأتيكم من الخارج، فلا تستمعوا الى ما ألفوا، ولا تصغوا إلى ما زخرفوا، وعودوا إلى صحائفكم وبيضوها بتجديد حسن الولاء الى تاريخكم المشرف، والذي كانت بوصلته دائما تتجه نحو دمشق، فأنتم ركيزة الوحدة السورية، والصخرة التي تكسرت عليها كل مشاريع التقسيم عبر التاريخ. وإن اختلفتم مع حكام دمشق، فلا بأس أن تناضلوا لبناء الدولة الديمقراطية المدنية مع كل شرائح الشعب السوري. ولكم بقائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش قدوة؛ عندما جاء أديب الشيشكلي ليعتقله، رفض رفع السلاح بوجه الجيش السوري، ولم يدع الى التقسيم، بل كانت ثقته كبيره بأن الشعب السوري سيسقط كل من يطغى ويتجبر وهذا ما حصل.

تعليقات

  1. تحياتي د.ثائر، ولكنني للاسف في معركة خاسرة.
    التقيت اثناء دراستي في جامعة بيرزيت بمستشرق اوروبي وعندما سماعه لهجتي كان متحمسا جدا، وخلال الحديث قلت له اننا في لهجتنا المحلية نكسر الالف فمثلا نقول سلمين وليس سلمان والغريب اننا لا نفعل المثل مع صالح حيث اننا لا نكسر الالف، وعندها مباشرة قال لي لان الصاد حرف مضخم.
    المقصود هنا انهم يملكون القوة والمال والمعرفة ويعملون بجد ويفهموننا اكثر من انفسنا وبينما نحن نكتفي بالشعارات والمظاهر لذلك من الواضح وللاسف ان الغلبة ستكون لهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

+ -
.