بدأت مرحلة «إنترنت الأشياء» Internet of Things بفرض نفسها على قطاع الأعمال، وهي تعرف بالثورة الصناعية الجديدة وتساهم بإحداث التحول بطرق عمل الشركات في مختلف القطاعات. ويوجد تأثير إيجابي كبير لمبادرات التحول الرقمي للشركات على نتائج الأعمال ووظائفها، مثل زيادة العائدات وتطوير الخدمات وتسريع طرح المنتجات في الأسواق. ويمكن أن يضمن تبني تقنية إنترنت الأشياء استدامة الأعمال ونجاحها في هذه المرحلة الرقمية.
وحضرت «الشرق الأوسط» مؤتمر شركة «ديل إي إم سي» Dell EMC التنفيذي «توقع المزيد» Expect Moore في العاصمة المجرية بودابست في 28 مارس (آذار) بمشاركة مجموعة من قادة الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وتركيا. ونذكر ملخص المؤتمر.
– إنترنت الأشياء
في البداية فان تقنية «إنترنت الأشياء» تهدف إلى جعل كل شيء من حولنا متصلا بالإنترنت لمشاركة البيانات المرتبطة به، بالإضافة إلى إمكانية توظيف الذكاء الصناعي للتعامل مع الكمية المهولة للبيانات واستكشاف سبل جديدة لتطوير الأعمال والمنتجات.
ويمكن، مثلا، إضافة مجسات في المصانع تقيس مستويات الحرارة والانبعاثات الغازية والضغط، ومشاركة تلك البيانات مع أجهزة تسجلها وتحلل كميات كبيرة منها لملاحظة أي نزعات أو تذبذب في العمل، وذلك لاتخاذ ما يلزم من الإجراءات.
ويمكن للسيارة تبادل معلومات وجهة القيادة مع السيارات المحيطة بها لخفض نسب الحوادث المرورية، أو قراءة سرعة دوران محركات الطائرات للتعرف على اقتراب نهاية العمر الافتراضي للمحرك أو الدارات الرئيسية وصيانتها استباقيا.
ويمكن تحليل هذه البيانات سحابيا عبر أجهزة خادمة، أو في مراكز البيانات الخاصة بالمؤسسات الخاصة أو الحكومية ذات الطبيعة الحساسة.
وعلى الرغم من أن القواسم التقنية المشتركة كثيرة بين إنترنت الأشياء الصناعية وإنترنت الأشياء الشخصية، فقد لا يدرك كثيرون أن ثمة اختلافات كبيرة بينهما. ففي الوقت الذي تتيح فيه إنترنت الأشياء إحداث تحول ثوري في مختلف القطاعات (كالمؤسسات الكبيرة والزراعة والمستهلكين والرعاية الصحية والصناعات وخدمات المياه والطاقة والحكومة)، نجد أن إنترنت الأشياء الصناعية، وهي قسم فرعي لإنترنت الأشياء بمفهومها واسع النطاق، تركز على المتطلبات المتخصصة للتطبيقات الصناعية التي تسمح للشركات الصناعية بتطوير العمليات وتمكين إجراءات الإدارة الذكية للموارد وتوسيع الخدمات.
– مؤشر التحول الرقمي
وأظهرت دراسة بحثية جديدة لشركة «ديل» المصنعة للكومبيوترات أن قطاعات الأعمال قد شرعت في دخول الحقبة المقبلة من الشراكة بين البشر والآلات.
واستعرضت الشركة دراسة «مؤشر التحول الرقمي» التي أوضحت بأن 52 في المائة من المشاركين قد شهدوا تقدما ثوريا ملحوظا في قطاعاتهم نتيجة لتبني التقنيات الرقمية، بينما اعتبر 78 في المائة أن الشركات الناشئة الرقمية تشكل تهديدا راهنا أو مستقبليا.
وأظهرت الدراسة أن تأثير التقدم التقني الثوري في الحفاظ على الميزة التنافسية مهم للغاية في هذا العصر الرقمي؛ إذ رأى 62 في المائة من المستطلعة آراؤهم في الدراسة بروز منافسين جدد في قطاعاتهم جراء تبني التقنيات والمبادرات الرقمية، الأمر الذي يرفع من الضغوط المفروضة على الشركات القائمة كي تظل قادرة على المنافسة.
وتحدثت «الشرق الأوسط» مع محمد أمين، النائب الأول للرئيس لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا في الشركة، الذي قال إن علامات الثورة الصناعية القادمة قد حلت، وأن ثلثي الشركات في جميع أنحاء العالم قد تواجه خطر خسارة حصتها السوقية الكبيرة وقيمتها السوقية على مدى فترة مقبلة تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات جراء تأخرها عن منافسين يمتازون بكونهم أكثر مرونة وأكثر تفوقا من الناحية التقنية.
وعلى الشركات اتخاذ الخطوات اللازمة لتفعيل التحول الرقمي الذي يُعتبر حاسما للنجاح في هذا العصر التنافسي، وذلك لتتمكن من لعب دور حيوي في الثورة الصناعية المقبلة.
ويرى بأنه ووفقا لدليل الإنفاق العالمي على إنترنت الأشياء الذي يصدر مرتين سنويا، فمن المتوقع أن يصل الإنفاق على إنترنت الأشياء في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا إلى 12.62 مليار دولار بحلول عام 2021 في ظل ضخ الشركات والمؤسسات المزيد من الاستثمارات في الأجهزة والبرمجيات والخدمات وقدرات التوصيل الكفيلة بتطوير حلول إنترنت الأشياء.
ونظرا لكون المملكة العربية السعودية واحدة من أكبر الأسواق الناشئة في منطقة الشرق الأوسط، فهي تتيح سبلا ممهدة للاستثمار وتعرض إمكانيات اقتصادية مزدهرة لم يتم استغلالها بالكامل بعد، لا سيما وأن رؤية المملكة لعام 2030 تهدف إلى تقديم اقتصاد مستدام من خلال التقنيات المبتكرة، ومنها إنترنت الأشياء. وترغب الشركات في المنطقة بتبسيط عملياتها وتطبيق كفاءة الإنفاق ودعم عملياتها التجارية في إطار مساعيها لتبني مبادرات التحول الرقمي ومواءمة رؤيتها في مجال تقنية المعلومات مع رؤية المملكة 2030.
ويعتبر قطاع تقنية المعلومات في البلاد أحد أكبر القطاعات الاقتصادية وأكثرها تقدما في الشرق الأوسط.
– مستقبل المدن الذكية
وإن كانت الحكومات والسلطات ترغب بإيجاد مدن ذكية، فيجب أن تكون مجهزة لتمكين قياس أكبر عدد ممكن من جوانب المدينة وسكانها بطريقة آمنة وسلسة وغير جائرة، ومترابطة لتمكين حركة البيانات واندماجها لحظيا، الأمر الذي يضمن إتاحة البيانات أينما دعت الحاجة وفي أي وقت، وذكية لتمكين استنباط الأفكار من البيانات ومشاركتها مع الجهات المعنية، ما يسمح للمدينة وسكانها بالتجاوب مع الأحداث والتكيف معها.
وينبغي لهذه المدن التعامل مع النمو السكاني والتصدي للتحديات المتعلقة بالسلامة وحركة المرور والتلوث والتجارة والثقافة والنمو الاقتصادي وغير ذلك، كما أن عليها التعامل مع توقعات السكان وتلبيتها بما يشمل مختلف شرائح المواطنين والمقيمين والزائرين والأعمال التجارية التي تتغير هي الأخرى.
ويجب على السلطات المعنية بإدارة المدن الموازنة بين هذه المتطلبات الجديدة أثناء محاولة تحسين الموازنات المالية وتخصيص الموارد، مع الحرص على مواصلة تلبية احتياجات المواطنين ومتطلباتهم.
ومن المهم اختيار الأسس المناسبة لبناء منظومة تقنية المعلومات والاتصالات، لا من أجل التصدي للتحديات الناشئة فحسب، بل أيضا لتطوير إدارة رأس المال البشري والموارد الطبيعية والبنية التحتية والأصول الفكرية.