احتدمت «الحرب السورية» أمس على «الجبهة» الأميركية- الروسية، فبعد انتقادات حادة وجهها وزير الخارجية الأميركي جون كيري لموسكو محملاً إياها مسؤولية «تعنت» نظام الرئيس بشار الأسد في مفاوضات جنيف، ردّ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعنف مماثل أمس على الموقف الأميركي، وأكد أن بلاده لن تسمح لمجلس الأمن بإصدار قرار للتدخل في سورية تحت ذريعة الوضع الإنساني، واتهم أطرافاً بالعودة إلى تبني الخيار العسكري عبر محاولات خلق هياكل جديدة للمعارضة السورية تعارض المسار السياسي.
وبرزت أمس تصريحات لقائد «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري» الإيراني الجنرال قاسم سليماني، اعتبر فيها أن «إيران تتمتع الآن بقوة حقيقية»، مذكّراً بوجودها في «شرق البحر الأبيض المتوسط». وشدد على أن «إيران لم تتصرّف يوماً استناداً إلى مبادئ أعدائها، ولم تتوسّع من خلال القوة، الحرب، أو حتى المال». ورأى أن سورية «تشكّل الآن المحور الرئيس للمواجهة» مع أعداء بلاده، وزاد: «هناك العالم كله من جهة، وإيران من جهة أخرى. يحلو لبعضهم التذاكي بقولهم: ماذا سيحدث إذا رحل هذا الرجل (الرئيس بشار الأسد) وأتى آخر. يقولون ذلك لأنهم لا يدركون الحقيقة».
وجاءت هذه التطورات في وقت ضيّقت القوات النظامية ضغطها على مدينة يبرود، إحدى آخر المواقع المهمة للمعارضة السورية في جبال القلمون شمال دمشق. وسُجّلت معارك عنيفة في مناطق قريبة من المدينة، في ظل أنباء عن تقدم القوات الحكومية بمساعدة من مقاتلي «حزب الله» اللبناني في اتجاهها.
وتزامنت معارك يبرود مع تقدم للقوات الحكومية أيضاً على جبهة حلب، إذ أعلنت وسائل الإعلام الحكومية أن قوات الجيش باتت على بعد «أقل من 7 كيلومترات» من سجن حلب المركزي الذي يحاصره مقاتلو المعارضة منذ شهور، بعدما سيطرت على قرية الشيخ نجار وتلة الغالي والفئة الأولى من المدينة الصناعية لحلب.
وفي تطور ميداني لافت، أعلن النظام «اكتمال تسوية أوضاع أكثر من 300 مسلح في بلدة ببيلا» قرب العاصمة دمشق، في إطار تسوية سياسية بدأت بوقف للنار قبل أكثر من أسبوعين وتضمنت بنودها «عودة المدنيين وفتح الطرقات والإفراج عن موقوفين». وتم رفع علم الحكومة السورية على مقر بلدية البلدة، فيما شوهد مسلحون من المعارضة يقفون جنباً إلى جنب مع جنود حكوميين دخلوا البلدة. وبموجب التسوية تم إدخال مساعدات غذائية وأدوية.
وبالعودة إلى الجدل الأميركي- الروسي، حمل لافروف بقوة أمس على «الائتلاف» السوري المعارض، ووصفه بأنه فشل في تمثيل المعارضة كما ينص بيان جنيف الأول، كما هاجم بعنف أطرافاً قال إنها زادت من عمليات تزويد المعارضين بالأسلحة والعتاد.
وقال الوزير الروسي إن بلاده لن تسمح بإصدار قرار في مجلس الأمن يمكن أن يجيز التدخل في سورية تحت غطاء إنساني. وأوضح: «لن يحصلوا على هذا القرار ومجلس الأمن لن يقدم على سابقة تنتهك سيادة دولة عضو في الأمم المتحدة وإذا اردوا التحرك (عسكرياً) سيكون من خارج مجلس الأمن».
وكرر لافروف دفاع بلاده عن نظام الرئيس بشار الأسد، وقال إنه (النظام) «ليس مسؤولاً عن الجرائم البشعة التي يتحدثون عنها والمعطيات تشير إلى أن غالبيتها ارتكبت على ايدي معارضين مسلحين».
كما دعا واشنطن إلى فتح حوار مباشر مع دمشق، بدل الاكتفاء بالضغوط والتلويح بالخيار العسكري. وحذر الوزير الروسي مما وصفها «محاولات البعض لخلق هياكل معارضة جديدة تتألف من الجهات والشخصيات التي تعارض مسار التفاوض، واعتبرها محاولة للابتعاد عن مسار الحل السياسي في جنيف والعودة للتلويح بالخيار العسكري.
روسيا تعيش في عالم إفتراضي يصعب فهمه ..