تتجه أنظار المستثمرين إلى روسيا ونيجيريا حيث يتآكل فائض ميزان المعاملات الجارية والاحتياطيات الأجنبية تدريجيا باعتبارهما الضحية التالية لأزمة الأسواق الناشئة إلى جانب مجموعة من الاقتصادات التي لديها عجز مالي مزدوج.
ولا يبدو أن أسواق المال ستكتفي بالنظر إلى مدى اعتماد الدول على رأس المال الخارجي، وهو العامل الذي دفع المستثمرين للنزوح من الاقتصادات الخمسة الناشئة الهشة، ومن بينها الهند وإندونيسيا العام الماضي, بل من المتوقع أن تصبح الدول المصدرة للسلع الأولية هدفا جديدا.
والسبب في ذلك أن تباطؤ الاقتصاد الصيني يصاحبه انخفاض في الطلب على السلع الأولية، وهو ما يؤدي إلى تآكل احتياطيات الدول المصدرة للسلع الأولية من العملة الصعبة ويضعف ميزان المدفوعات.
ومع ضعف التجارة الروسية ونزوح رؤوس الأموال يتعرض ميزان المدفوعات الروسي لضغوط، فضلا عن كونه عرضة لضربات خارجية بسبب اعتماد الاقتصاد الشديد على صادرات النفط والغاز.
ويسجل ميزان المدفوعات كل المعاملات الاقتصادية للدولة مع بقية دول العالم من خلال ميزان المعاملات الجارية وميزان المعاملات الرأسمالية.
وقد خرجت من روسيا العام الماضي تدفقات رأسمالية صافية قدرها 62.7 مليار دولار، وتقلص فائض ميزان المعاملات الجارية إلى أقل من النصف ليبلغ 33 مليار دولار تقريبا، وانخفضت احتياطيات النقد الأجنبي أكثر من 7% مقارنة بمستواها قبل عام لتبلغ 493.4 مليار دولار.
وينفق البنك المركزي الروسي 400 مليون دولار يوميا في أسواق العملة لدعم العملة الروسية. ويتوقع البنك تلاشي فائض ميزان المعاملات الجارية بحلول العام 2016.
وقال مدير أبحاث الأسواق الناشئة في مؤسسة كابيتال إيكونوميكس الاستشارية نيل شيرينغ إن روسيا لديها مشكلات هيكلية عميقة، فميزان المدفوعات ضعيف، ومن الضروري أن يهبط الروبل.
وانخفض الروبل بالفعل إلى أدنى مستوى في خمس سنوات مقابل الدولار وسجل مستويات منخفضة قياسية مقابل اليورو.
نيجيريا
وفي نيجيريا المنتجة للنفط أيضا انخفضت الاحتياطيات الأجنبية إلى 40.68 مليار دولار بحلول 24 فبراير/شباط، أي بنسبة 14% تقريبا عما كانت عليه قبل عام بعد تدخل البنك المركزي في السوق لدعم العملة النيجيرية “النايرا” التي هبطت نحو 5% في العام الجاري بعد أن أوقف الرئيس النيجيري محافظ البنك المركزي عن العمل.
ومن المتوقع أن يرتفع عجز ميزانية نيجيريا إلى 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام من 1.85% في 2013.
وقد يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى تفاقم العجز إذا لم تخفض الدولة الإنفاق، وهو أمر صعب قبل انتخابات 2015.
عجز مزدوج
ويدرس بنك مورغان ستانلي أوضاع اقتصادات ناشئة ذات عجز مالي مزدوج – وهو العجز في الميزانية وميزان المعاملات الجارية – وهي جنوب أفريقيا والبرازيل وتركيا والهند وإندونيسيا وأوكرانيا.
وقد ساعدت الأموال التي تدفقت من الاقتصادات المتقدمة على تلك الدول بتكلفة رخيصة في نمو الطلب المحلي بصورة كبيرة وأدت إلى زيادات كبيرة في الأجور.
لكن البرازيل والهند وإندونيسيا كانت سباقة في محاولة استعادة التوازن الداخلي والخارجي من خلال رفع أسعار الفائدة العام الماضي لخفض الطلب المحلي وتخفيف الضغوط التضخمية.
ورفعت تركيا أيضا أسعار الفائدة بنسبة كبيرة في يناير/كانون الثاني. وجاءت في ذيل القائمة جنوب أفريقيا التي رفعت سعر الفائدة نصف نقطة مئوية فقط.
وبسبب الانتخابات العامة في تلك الدول من الصعب على الحكومات أن تقوم بخفض الإنفاق لتقليص عجز الميزانية، وهو ما يجعل العملة اللاعب الرئيسي في عملية استعادة التوازن.
وقال يواكيم فلس وفيليب أرفورث الاقتصاديان لدى بنك مورغان ستانلي في مذكرة “في جنوب أفريقيا كما في غيرها من اقتصادات العجز المزودج ستتحمل السياسة النقدية عبئا زائدا لاستعادة التوازن إذا لم تقم الميزانية والطلب الخارجي بدورهما”.