أعلنت الأمم المتحدة أنها وزّعت أمس، آخر الحصص الغذائية المتوافرة لديها في أحياء حلب الشرقية، ما يُنذر بشتاء «كارثي» يواجهه أكثر من 250 ألف مدني يعيشون حصاراً صارماً تفرضه القوات الحكومية منذ الصيف الماضي. وفي مؤشر إلى انعدام الأمل بانفراجة قريبة لهذه المعاناة، رفضت وزارة الدفاع الروسية الخميس طلب المنظمة الدولية تمديد فترات الهدنة المقبلة في حلب للسماح بإدخال المساعدات إلى الأحياء الشرقية، وسط معلومات عن غارات عنيفة شنها الطيران الروسي على خط إمداد الفصائل المعارضة بين إدلب وحلب.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنها تلقت طلباً من رئيس مجموعة العمل الخاصة بالمساعدات الإنسانية لسورية يان ايغلاند لإطالة أمد الهدنة المقبلة للسماح بإدخال المساعدات. لكن الناطق باسم الوزارة إيغور كوناشنكوف، قال في بيان إنه سيكون «غير مفيد ومنافياً للمنطق» تمديد فترة وقف النار «لمجرد التمديد، ليس لإيصال المساعدات للمدنيين الآمنين وإنما لكي يتمكن الإرهابيون من استعادة قدراتهم القتالية بشكل أفضل».
وكان إيغلاند حذر في وقت سابق الخميس، من أن الحصص الغذائية على وشك أن تنفد في أحياء حلب الشرقية. وأضاف لصحافيين في جنيف «أن تداعيات عدم وصول المساعدات ستكون كارثية جداً لدرجة أنه لا يمكنني تخيل ما سيحدث»، موضحاً أن عدم السماح بدخول المساعدات يوازي «تجويع» ربع مليون شخص يواجهون شتاء قاسياً بعد نفاد المساعدات الغذائية.
ولم تتمكن الأمم المتحدة من إدخال المساعدات منذ بداية تموز (يوليو) على رغم إعلان القوات الروسية والسورية الهدنة عدة مرات، لعدم حصول المنظمات الإنسانية على الضوء الأخضر من كل الأطراف، وفق ما قال إيغلاند في جنيف.
وأعلنت روسيا الهدنة مرات عدة من جانب واحد، وأوقفت القوات السورية المعارك على الأرض للسماح للمعارضين والمدنيين بمغادرة حلب، لكن من غادروا كانوا قلة إذ عبّر كثيرون عن شكوكهم في شأن الممرات التي حُددت كطرق آمنة للخروج من المدينة. والتزمت روسيا بهدنة استمرت عشر ساعات يوم 4 تشرين الثاني (نوفمبر) ولثلاثة أيام في نهاية تشرين الأول (أكتوبر).
وتؤكد موسكو أنها أوقفت الغارات على شرق حلب منذ 18 تشرين الأول بعد شهر من القصف العنيف الذي أودى بحياة المئات من المدنيين واستهدف منشآت صحية، ما أثار موجة استنكار دولية. وأورد موقع «المصدر» الإخباري القريب من الحكومة السورية، أن سلاح الطيران الروسي شن في الساعات الماضية غارات عنيفة على خط الإمداد الرئيسي لفصائل «جيش الفتح» بين إدلب وحلب، متحدثاً عما لا يقل عن 25 غارة على سراقب وعشرات الغارات الأخرى على تفتناز والقاعدة الجوية القريبة منها.
في غضون ذلك، نشر موقع «روسيا اليوم» توقعات لمسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية، بأن «تبدأ روسيا قريباً عملية جوية مكثفة في حلب السورية بمشاركة الطائرات الحربية التي تحملها على متنها حاملة الطائرات الأميرال كوزنيتسوف». وذكر المسؤولون، بحسب التقرير، أن مقاتلات «سو-33» وميغ- 29 كا» التي وصلت إلى سواحل سورية على متن حاملة الطائرات في إطار مجموعة سفن حربية تابعة لأسطول الشمال الروسي، «بدأت بالتحليق فوق الأراضي السورية»، لكنها لم تشارك حتى الآن في عمليات قتالية على رغم أن «هناك دلائل على انضمام طائرات الأميرال كوزنيتسوف لقوة كبيرة ستشارك في عملية بمدينة حلب هذا الأسبوع».
ولفت العسكريون الأميركيون إلى أن مجموعة السفن الروسية التي تضم، بالإضافة إلى «الأميرال كوزنيتسوف»، الطراد النووي الصاروخي «بطرس الأكبر»، والسفينتين «سيفيرومورسك» و «الفريق البحري كولاكوف» الكبيرتين المضادتين للغواصات، انتقلت إلى منطقة بجنوب شرقي قبرص، وباتت على مسافة مناسبة لتوجيه ضربات إلى حلب، على ما جاء في تقرير «روسيا اليوم».
وأشارت المحطة التلفزيونية الروسية إلى أن مصدراً في وزارة الدفاع الروسية كشف أن «المهمة الرئيسية لمجموعة السفن التي تضم «الأميرال كوزنيتسوف»، تكمن في المشاركة بتوجيه ضربات جوية وصاروخية إلى عصابات الإرهابيين على مشارف حلب، والتي تحاول اختراق المدينة»، وأنه «سيتم توجيه تلك الضربات بالتعاون مع سفن أسطول البحر الأسود الروسي، وطائرات من الطيران الاستراتيجي وبعيد المدى، والطائرات الحربية في قاعدة حميميم الجوية بريف اللاذقية». وذكرت «روسيا اليوم» أن المصدر «نفى نية روسيا توجيه أي ضربات إلى أحياء سكنية للمدينة (حلب)»، متوقعاً أن «يتم القضاء على الإرهابيين على تخوم بعيدة لحلب».