اللغة العربية مازالت تعيش في القرن التاسع عشر

يقول الكاتب والروائي اليمني حبيب عبد الرب سروري في كتاب جديد له ان اللغة العربية في الزمن الرقمي تواجه ست فجائع استطاعت دول اللغات الاخرى حلها مبكرا وقدم ثلاثة مقترحات قد تساعد في هذا المجال.

 

وشدد خلال بحثه على أمور منها ندرة الترجمة الى اللغة العربية وقال ان ما ترجمته اسرائيل في السنوات العشر التي تلت تأسيسها عام 1948 فاق كل ما ترجمه العرب منذ بدء القرن التاسع عشر.

إعلان

 

سروري وهو استاذ جامعي في علوم الكمبيوتر في كلية العلوم التطبيقية في روان بفرنسا والمولود في عدن كان يتحدث في كتابه “لا أمام سوى العقل” الذي جاء في 300 صفحة متوسطة القطع وصدر عن دار “رياض الريس للكتب والنشر” في بيروت.

 

الكتاب الذي يشدد في كل موضوعاته على ضرورة سيادة العقل اتخذ عنوانه من بيت للشاعر ابي العلاء المعري يقول فيه //كذب الناس لا امام سوى العقل / مشيرا في صبحه والمساء.//

 

ويقول سروري في مقدمة الكتاب “تدور فصول هذا الكتاب حول سبعة محاور الانسان ، الدين، التعليم، اللغة العربية والانترنت، قراءات تراثية، الربيع العربي، العلمانية” لكنها تصب في مشروع واحد عنوانه “لا امام سوى العقل حسب تعبير فيلسوف الشعراء وشاعر الفلاسفة ابي العلاء المعري. جميعها طوبات عقلانية لهيكل هذا المشروع وشتلات صغيرة في ارضه.”

 

وقال “استهل هذا الكتاب قبل الخوض في محاوره السبعة بموضوع بعنوان (في مديح رأس ابي العلاء) تحية لعظيمنا الخالد الذي حز الظلاميون مؤخرا رأس تمثاله في المعرة.” وكانت هذه اشارة الى متشددين في معرة النعمان في سوريا قاموا بقطع رأس تمثال الشاعر الكبير الذي كفروه وذلك خلال الاقتتال الدائر هناك.

 

وفي المحور الرابع من الكتاب وتحت عنوان خاص هو “اللغة العربية في الزمن الرقمي: ست فجائع وثلاثة مقترحات” وتحت عنوان فرعي آخر هو “مدخل نحو جدل حول مأساة واقع اللغة العربية في الزمن الرقمي” قال سروري “يستعمل العرب باعداد اكثر فاكثر لحسن الحظ البريد الالكتروني وتصفح مواقع وصحف الانترنت وتنزيل المواد الالكترونية.”

 

وأضاف “اذا اعتبر القارىء هذا الحضور العربي انتماء للعصر الرقمي فمن الافضل الا يواصل قراءة هذا الفصل لان القارىء الاريب أشبه تماما بمن يعرّف الانسان بكائن حي يتنفس ويأكل ويشرب فقط.”

 

ومضى يقول “هدف هذا الفصل /1 رسم الخارطة المأساوية لخواء حضور اللغة العربية في الزمن الرقمي /2 لفت نظر الجميع الى تأخرها المرعب في البدء ببناء قاعدة تحتية لحضورها على الانترنت في حين أكمل معظم الدول بناء هذه القاعدة التي أخذت عدة عقود قبل أن تبدأ عصر الرقمنة ومشاريعه المعرفية العملاقة /3 اثارة جدل عربي واسع حول هذا التأخر /4 ضم اكبر مجموعة من عشاق اللغة العربية من كتّاب وباحثين وطلاب واصحاب قرار ايضا…للعمل على تحقيق أهداف محددة متكاملة لانقاذ لغتنا التي نعشقها اي عشق.”

 

وتحدث عن “الفجائع” التي كان قد اشار اليها فقال “الفجيعة الاولى لغة بلا بناء تحتي معرفي” وقال ان القارىء يجد اليوم في مواقع انترنت الدول الاخرى “ملايين النصوص والكتب الرقمية العلمية والثقافية. جميعها مدججة “بصلات النصوص الفائقة” التي تسمح بالانتقال اللحظي المباشر الى جميع المراجع الرقمية المذكورة في تلك النصوص والكتب الموجودة على الانترنت.

 

“لعل اللغة العربية تحتضر اليوم بهدوء من جراء عدم مواكبتها الزمن الرقمي: لا يجد فيها الطالب او المدرس ضالته لذلك على سبيل المثال اصبحت المواد العلمية تدرس باللغات الاجنبية في كل المدارس الخاصة في العالم العربي.”

 

أما الفجيعة الثانية فهي عنده “لغة تعاني من أنيميا الترجمة”. وقال ان ضعف الدم الشديد او “أنيميا الترجمة العربية (هي ) صارخة اليوم: كثير من عيون الكتب العالمية لم تر النور بعد بالعربية! معظم أمهات الكتب الحديثة التي تشكل نبراس الحضارة المباشرة غير معروفة في العربية! يكفي لاستيعاب حجم الكارثة ملاحظة ان ماترجمته اسرائيل في السنوات العشر التي تلت تأسيسها يفوق كل ماترجمه العرب منذ بدء القرن التاسع عشر الى اليوم.”

 

وقال ان الفجيعة الثالثة هي وجود “لغة بلا مدونة” وان اللغات تمتلك اليوم “مدوناتها المسماة أحيانا بنوك اللغة” وهو أمر تفتقده العربية في عالم الانترنت.

 

وأضاف ان الفجيعة الرابعة ان العربية هي “بلا متعرف ضوئي للاحرف” وقال “يمثل عدم تصميم برمجية قارىء ضوئي آلي لاحرف اللغة العربية حتى الان عائقا كبيرا يمنع دخولها عصر الرقمنة.”

 

وزاد على ذلك قوله في الفجيعة الخامسة ان العربية “لغة بدون تقنيات تصحيح وموتورات بحث ملائمة” وأعطى مثلا على ذلك اننا اذا كتبنا كلمة بخطأ في التهجئة بالعربية وطلبناها من محرك البحث جوجل جاءنا الاف من الصفحات التي تحمل الكلمة المكتوبة خطأ بينما اذا طلبتها بالانجليزية او الفرنسية مثلا فان موتور جوجل يصححها بشكل آلي.

 

وقال ان الفجيعة السادسة هي ان العربية لغة لم تدخل عصر الرقمنة بعد فاللغة العربية لم تبدأ بعد بناء قاعدتها التحتية.

 

وقدم سروري ثلاثة مقترحات للمساعدة في هذا المجال هي “الاستفادة من التجربة الصينية في الترجمة المستندة الى تقنيات العصر الرقمي : فتح مسابقات ترجمة للجميع” و”فتح باب مسابقات للمدرسين الجامعيين داخل العالم العربي او خارجه” و”اكمال البناء التحتي للغة العربية على الانترنت (قارىء ضوئي للاحرف. مدونة للغة العربية. موترات بحث وبرمجيات تصحيح ملائمة. تقنيات ترجمة آلية) خلال ثلاث سنوات”.

+ -
.