يعرف كثيرا منا أن معظم الحواسيب الشخصية المنزلية هي حواسيب مجمعة، أي تم تجميع أجزائها وتركيبها معا لبناء الحاسوب دون أن تكون تلك الأجزاء بالضرورة من شركة مطورة واحدة, ويبدو أن هذا المصطلح سينتقل من الحاسوب إلى الهاتف الذكي، حيث من المتوقع أن نسمع مستقبلا بمن يمتلكون هواتف مجمعة بعدما تأكد أن شركة غوغل الأميركية جادة في سعيها لإتمام المشروع أرا.
ويهدف المشروع أرا -الذي كشفت عنه غوغل نهاية عام 2013- إلى إنتاج هاتف ذكي يستطيع المستخدم بناءه حسب المواصفات التي يريدها من خلال تطوير وحدات رقمية قابلة للفك والتركيب، مما يتيح له إمكانية ترقية عتاد ذلك الهاتف مستقبلا وتزويده بأحدث الابتكارات والوظائف.
وقد أعلنت الشركة قبل أيام في مؤتمرها الخاص بمطوري القطع العتادية التابعة للمشروع عن انطلاق المرحلة الثانية، وقالت إنها ستبدأ في نهاية العام الجاري تسويق نسخة تجريبية أولية من هذا الهاتف ولكن في سوق واحد فقط هو إقليم بورتوريكو التابع للولايات المتحدة.
وسيكون الهيكل الداخلي للجهاز متاحا بثلاثة أحجام، وعلى هذا الهيكل يمكن تركيب وحدات مختلفة باستخدام حامل مغناطيسي. وستقوم غوغل بإضافة ما تسمى وحدة تطوير (كيت) وأداة رقمية يتم فيها تخزين المعلومات اللازمة لإضافة الوحدات المناسبة. وتنوي الشركة لاحقا بيع بعض الوحدات عبر الإنترنت، مثل وحدة رقمية لقياس مستوى السكر في الدم.
وأتاحت غوغل المجال للمطورين والشركات المختلفة بالعمل على تطوير قطع جهازها، مما من شأنه أن يوفر قطعا داخلية متنوعة ومعقدة قد لا تستطيع الشركات المصنعة للهواتف التقليدية مجاراتها بسهولة دون أن يؤثر ذلك على توافقية تلك القطع في ما بينها.
وأثارت فكرة المشروع أرا بمجرد الكشف عنها إعجاب الكثير من المهتمين باقتناء التقنيات الحديثة، حيث بدا الأمر أشبه بلعبة المكعبات المعروفة “الليغو” من خلال شراء هيكل الهاتف الأساسي الذي تصنعه غوغل، ومن ثم شراء المكونات الأخرى القابلة للفك والتركيب كالبطارية والشاشة والحساسات والكاميرا والذاكرة من شركات أخرى تتولى تطويرها وتصنيعها، وبالتالي بناء هاتف حسب متطلبات وميزانية كل مستخدم.
ويرى محللون أن من شأن المشروع أرا أن يؤثر في صناعة الهواتف الذكية بشكلها الحالي ويضع أسسا جديدة لهذه الصناعة، موجها في الوقت ذاته تهديدات مباشرة للشركات الكبرى المتخصصة في صناعة الهواتف الذكية، لأن هواتف “أرا” ستتيح للمستخدمين الخروج من قيود الهواتف المغلقة إلى إمكانية تطوير الهاتف وفقا لرغباتهم.
كما يتوقع باحثون أن يدفع النجاح المتوقع للمشروع بعض الشركات المصنعة للهواتف الذكية على غرار سوني و”إل جي” و”إتش تي سي” وموتورولا لتصنع قطعا لهذه الهواتف، أو بناء نماذجها الخاصة من الهواتف القابلة للتركيب، مما قد يوجه تهديدا لكبار الشركات المصنعة للهواتف الذكية الحالية على غرار أبل وسامسونغ، مسببا انخفاض مبيعاتها من الهواتف التقليدية.
غير أنه يجب على المستخدم أن يدرك أن المشروع أرا لا يهدف إلى تطوير هواتف ذكية بمزيد من المميزات، بل هواتف ذكية تسمح للمستخدم باستبدال الأجزاء القديمة وتحديثها، مما يتيح استخدام الهاتف لفترة أطول.