من مفارقات السياسة الإسرائيلية، أن يهبّ زعيم حزب المستوطنين «البيت اليهودي» وزير التربية والتعليم، نفتالي بينيت، لصدّ التحريض عن المواطنين العرب وفلسطينيي الأراضي المحتلة، الذي أطلقه زعيم «المعسكر الصهيوني» المحسوب زوراً على «اليسار الإسرائيلي» يعقوب هرتسوغ، بدعوته أعضاء حزبه إلى «التحرر من واجب الشعور بأننا نحب العرب من أجل كسب أصواتهم في الانتخابات».
واستهجن بينيت أقوال هرتسوغ ولبس بدوره لبوس «الحمائمي»، بقوله إن العرب يشكلون خُمس سكان الدولة، وهم لا يتدفّقون (على صناديق الاقتراع، في غمز من قناة رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو). إنهم مواطنون متساوو الحقوق. وأنا وزير التعليم للجميع. أحب جميع الطلاب ولا نكرههم. كفى لمثل هذه الأقوال». وأضاف: «ماذا يمكن طالباً عربياً أن يشعر عندما يسمع أقوال هرتسوغ؟ توقعت منه أن يكون أكثر ذكاء وحساسية».
وكان هرتسوغ ألقى بتصريحه في لقاء مع ناشطي حزبه، حين تحدث عن التغييرات الحاصلة في المجتمع الإسرائيلي و «وجوب إحداث تغييرات في الحزب تجذب إليها جمهور الناخبين، بإقناعهم بأنه في وسعنا تغيير الأوضاع في الدولة من دون التخلّي عن الأمن، ومن دون أن نمنح الإسرائيليين الشعور بأننا دائماً نحب العرب»، مضيفاً: «لا يجوز أن يكون على رأس الحزب من يفضل مصالح الفلسطينيين، وثمة شعور مغلوط لدى الإسرائيليين بأننا نهتم بمصالح الفلسطينيين قبل مصالح دولة إسرائيل».
وأثارت التصريحات انتقادات واسعة داخل الحزب، لكنّ مراقبين أدرجوها ضمن مساعي هرتسوغ لاستمالة يمين الوسط، في ظل استطلاعات الرأي التي تؤشر إلى انحسار نفوذه لمصلحة حزب يمين الوسط «يش عتيد» بقيادة يائير لبيد. كما عزاها آخرون إلى ضائقة هرتسوغ داخل الحزب بعد تحقيق الشرطة معه بتمويل حملته الانتخابية في شكل غير قانوني، فضلاً عن المطالَبة داخل الحزب بتبكير انتخاب زعيم للحزب.
وكان هرتسوغ فاجأ الساحة السياسية قبل أشهر، حين أعلن أنه يستبعد حل الدولتين في المستقبل المنظور، ثم تهجّمه الشديد على النائب العربي في حزبه زهير بهلول، لرفضه اعتبار الفلسطيني الذي يطعن جندي احتلال في الأراضي المحتلة «مخرباً». وطالب بهلول زعيم حزبه بالاعتذار من المجتمع العربي في إسرائيل، مضيفاً أن «التخلّي عن خُمس سكان الدولة في هذه الصورة والتنكر بلباس اليمين المعتدل، لن يكفلا للحزب أن يكون البديل لليكود. وزاد: «هذا تدهور آخر غير مبرر لحزب اسحاق رابين وتراثه. أندّد بتصريحات هرتسوغ، وأدعوه الى الاعتذار للمجتمع العربي كله». وتابع أن هذا «الغمز لإرضاء المعربدين والذهاب الجنوني نحو اليمين، يتسبّبان في أن يفقد حزبي هويته».
وقال رئيس «القائمة المشتركة» النائب أيمن عودة، معقباً، إن هرتسوغ «ليس ذا شأن وليس قائداً، إنما نسخة رخيصة وشاحبة لنتانياهو».
وقالت زعيمة حزب «ميرتس» اليساري، زهافا عالؤون: «هذه صهيونية عنصرية من أجل التملّق للجمهور المتّجه نحو اليمين». وأضافت زميلتها ميخال روزين، أن هرتسوغ يبدو كمن ينافس على منصب الناطق بلسان نتانياهو، ولهاثه للانضمام إلى الحكومة يقوده الى التحريض والكراهية والعنصرية. هذا تصريح شعبوي ناجم عن ضائقة سياسية يراد منه تحقيق مكاسب انتخابية، لقد بات التحريض على العرب عجلة إنقاذ لقيادته المهزوزة، والأفضل له أن يقدم استقالته».