خشبة المسرح المعتقة – بقلم وهيب الحلبي

لعلنا اليوم في حاجة كبيرة للعناية بالمسرح، هذا الأدب التمثيلي الذي يحتاج إلى رعاية خصوصا في الوقت  الذي نبحث فيه عن خطة تنعش البناء لغد آمن ومستقر. دورنا تدعيم هذا الفن سعياً منا لتربية أذواقنا على لون من الفنون ليس لنا فيه ماض بعيد. الأدب التمثيلي وسيلة تاثيرية قوية؛ فهي تعتبر وسيلة للتطهير الانفعالي الشخصي والاجتماعي.

الأدب التمثيلي يعتبر فناً درامياً مركباً وشاملاً يتكون من اللغة، الحوار، الحركة، الصوت، المؤثرات، اللون، الضوء، الزي، وحتى الفراغ، إضافة للممثل الذي يتعامل مع كل هذه المنظومة حتى يصل إلى الجانب الآخر من المسرح؛ الجانب المظلم، الصامت، الساكن، الكثيف، الممتلئ، المتنوع، المكتظ والخفيّ؛ وهذه منظومة الجمهور التي تتغذى على التفاعل الشعوري والفكري.

في الأمس القريب أشرقت الشمس على بلدنا ولمع بين أطفالنا بريقٌ لطالبين موهوبين. موهبة نبع الأدب التمثيلي وهو النص:

الطالبة سيلا حسام أبو صالح التي كتبت كتيّباً بعنوان “حياتي”، وفكرته مستوحاة  من كتاب (مذكرات طالب) للكاتب جيف كيني. وهذا ناتج عن مطالعة وشغف للانتاجية الأدبية.

والطالب عدي زاهر محمود، أيقونة أخرى من الصف الخامس قادته أحلامه ومخيلته وكرّس وقته يفكر كيف له أن يكتب نصاً مؤلفًا من شخصيات وأحداث، حتى وصل إلى كتابة نص مسلسل عدد حلقاته 25 بعنوان “الأخوة الثلاثة”.

هذه البذور سوف تنبت إنجازاً أدبياً بلا شك، بشرط أن نوفر لها بيئة تلائم احتياجاتها الحسيه والمهنية من خلال احتضان ودعم ومتابعة وحتى تمويل . الأمر الذي يمكن أن يتوفر من خلال أفراد ومؤسسات.

الحالة الإبداعية ليست مهارة يمكن أن نطورها، ادإنما هي حالة استحواذ تسكن في عقل حاملها وتتلذذ في نحت ورسم وتلوين فكرةٍ حتى تتبلور وتولد عملاً ملموساً بكل المجالات. فهذا التسلط والاستحواذ لحالة شعورية نراها تهيمن على كل من الممثل والكاتب رائد شمس، وعلى المغنية ومعلمة الموسيقى وديان صبرا، حتى وصلت بهم منظومة الفن المرئي والمسموع إلى حد الاستعمار، فاطلقا “استعمار شعوري”.

“استعمار شعوري” عمل مسرحي غنائي يعكس صورة من صور المجتمع قد يكون قريباً أو بعيداً مضمونه واضح مستتر. اعتمد كل من رائد ووديان على مبدأ البسيط المعقد، الجميل القبيح، ما خلق حالة شعورية متخبطة في منظومة الجمهور، فنراه ينفجر ضاحكاً وفجأة يتعاطف مع الحالة. هذا التفاعل والانسجام حققه مجموعة من طلاب ثانويتنا ثانوية مجدل شمس.

مجدل شمس السبّاقه في التطور والإنجاز الراقي والمتوازي اجتماعياً أكادمياً ومهنياً وحتى فنياً. يتذكر البعض خشبة المسرح في الثمانينيات، كانت عبارة عن برنده أو ساحة ترابيه في أعراسنا. كاتبها قصص وحكايات مزارع وراعي، ممثلوها هم أصحاب القصة أو الحكاية. جمهورها عريس وعروس، أقارب وجيران. اليوم تطورت خشبة المسرح وأصبحت منظومة متكاملة مستندة على علم ومنهج مدروس. هذا المنهج انتج العمل الرائع من كتابة النص مروراً بالآداء التمثيلي الموسيقي والغنائي، وصولاً الى التقنيات الصوتية والضوئية فأثمر إعجاباً وتقديراً من الجمهور.

أخيرا نتمنى الاستمرارية، لأن في الاستمرارية نجاحاً. ونأمل أيضا تواصل الدعم المؤسساتي والمهني. فدعم هذا اللون الذي له دور أساسي في صياغة هوية المجتمع. المجتمع الذي يحتضن ويدعم أعمالاً مسرحية وفنية بشكل عام، هو مجتمع يعالج قضاياه ولا يعاقب مخطئيه.

وليكن الآتي أجمل…
هنيئا لمجدلنا.

تعليقات

  1. هذا شيء يدل على النجاح والعمل المستمر والمبدع
    نطمح بذلك إلي حث من لا يعمل الى العمل لعل الامور تتحسن ويصبح للمدرسه تمثيل افضل في المجتمع وندع القلم والكتابه جانبا ونتحول لفعالين

التعليقات مغلقة.

+ -
.