فيما تتصاعد الدعوات في المحافظات العراقية إلى الإستقلال عن بغداد، وتتعمق الخلافات المذهبية والعرقية بين المكونات، ويكرس تنظيم «داعش» الإنفصال في المناطق التي يسيطر عليها، أعلن رئيس الوزراء نوري المالكي رفضه تشكيل حكومة «انقاذ وطني»، واتهم الاطراف التي طرحت هذا الخيار بالإنقلاب على الدستور. وأبلغ مصدر شيعي «الحياة» ان خيار «الولاية الثالثة» للمالكي انتهى بتسوية داخل «التحالف الوطني» (الشيعي) اقتنعت طهران بها، وان البحث يجري حالياً في خروجه «آمناً» من السلطة، فيما دعا مقتدى الصدر إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية «بوجوه جديدة». وأعلن المبعوث الدولي إلى العراق نيكولاي ملادينوف أن تقدم «داعش» في اتجاه بغداد توقف، وأن هدفه الآن فصل العاصمة عن الجنوب. (للمزيد)
وقال المالكي في كلمته الاسبوعية امس إن «المتمردين على الدستور تحالفوا مع عناصر تنظيم داعش وحزب البعث لضرب وحدة العراق واستقلاله»، واعتبر «من يتحدث عن أن عراق ما قبل نينوى (سيطرة داعش على المحافظة) يختلف عما بعدها متمرداً على الدستور»، في اشارة الى طروحات رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني خلال لقائه الاخير وزير الخارجية الاميركي جون كيري.
ورفض المالكي في خطابه الدعوات التي اطلقها اياد علاوي لتشكيل حكومة انقاذ وطني، واعتبرها «انقلاباً على الدستور وعلى العملية السياسية». واكد تمسكه بعقد جلسة البرلمان في موعدها وتشكيل الحكومة وقال «على رغم قساوة المعركة ضد الإرهاب سنبقى أوفياء ومخلصين لخيارات وإرادة الشعب العراقي (…) اننا سنحضر الجلسة الأولى لمجلس النواب انسجاماً مع الاستحقاقات الدستورية والتزاماً بنداء المرجعية الدينية العليا ووفاء لأبناء شعبنا».
وحسب المواعيد الدستورية فإن على البرلمان انتخاب رئيسه، ثم ينتخب رئيس الجمهورية الذي امامه 15 يوماً لتكليف مرشح الكتلة الاكثر عدداً تشكيل الحكومة.
لكن تلك المواعيد مرتبطة بعقد صفقة سياسية متكاملة تتضمن اختيار الرؤساء الثلاث،ما يصعب تحقيقه عملياً في الجلسة الاولى المقررة بداية الشهر المقبل.
وإصرار المالكي على عقد الجلسة من دون توافق سياسي شامل يضمن اختيار رئيس البرلمان، يعني دخول البلاد في فراغ دستوري، في ضوء فتوى اصدرتها المحكمة الاتحادية نهاية عام 2010.
وابلغ سياسي شيعي رفيع المستوى إلى «الحياة» ان اتفاقاً ابرم بين القوى الشيعية المختلفة، عدا كتلة المالكي الانتخابية، بقبول اميركي وايراني، وتحت انظار المرجع الشيعي الاعلى علي السيستاني، تقضي برفض الولاية الثالثة للمالكي بشكل قاطع في مقابل توفير غطاء قانوني، وتعهدات من الكتل المختلفة تضمن عدم مطاردته شخصياً في قضايا جنائية او سياسية.
واشار المصدر الى ان الاتفاق يتضمن ايضاً قبول اطراف «التحالف الوطني» الشيعي بمرشح بديل للمالكي من داخل «التحالف الوطني» لضمان وحدته ، مشيراً الى ان احمد الجلبي ما زال المرشح الاكثر قبولاً داخلياً وخارجياً.
الى ذلك، طرح الصدر في خطاب مبادرة اسماها «المحاولة الاخيرة»، ودعا الى ضمان الوحدة الوطنية ومحاربة الارهاب، وتشكيل حكومة وطنية بوجوه جديدة، وطالب بدعم دولي للجيش العراقي، لكنه رفض اي تدخل عسكري في البلاد ، كما انه رفض تدخل «المليشيات القذرة التي لها باع في تفتيت العراق».
في نيويورك، حذرت الأمم المتحدة من تفاقم التوتر الطائفي في العراق وانتقاله الى الدول المجاورة.
وقال ملادينوف إن «على الحكومة المقبلة، بغض النظر عمن سيرأسها، أن تضع خطة أمنية تحظى بموافقة وطنية لمواجهة الوضع الخطير جراء سيطرة تنظيم داعش على مناطق واسعة، وأن تلبي هواجس المكونات كلها»، مشيراً الى أن هناك مطالب «سنية يجب أن تلبى، ويجب زيادة التجنيد في القوات الأمنية في الموصل ومحافظة نينوى إذ أن سيطرة داعش هناك لا تحظى بموافقة الجميع».
وشدد في مؤتمر صحافي، عبر الفيديو من بغداد، على أن العراق «لن يستطيع مواجهة الأزمة الحالية من دون مساعدة الدول المجاورة والمجتمع الدولي، وهناك حاجة الى مواجهة التهديد القائم،ومواجهة تمويل المجموعات المتطرفة».
وأكد أن «تقدم داعش في اتجاه بغداد توقف لكني لا أريد أن أعطي توقعات للوضع في المستقبل» معتبراً في الوقت نفسه أن «استراتيجية داعش هي عزل العاصمة عن الجنوب».