واشنطن تندد باستمرار الهجمات الجوية والمدفعية على شرقي مدينة حلب السورية وتطالب كلاً من دمشق وحليفتها روسيا بالتوقف عن تلك الهجمات فورا وإلا تحمل العواقب، بعد أن توقف آخر مستشفى في ذلك الجزء المحاصر عن العمل جراء القصف.
يستمر القصف المكثف لقوات الحكومة السورية على شرق مدينة حلب لليوم الخامس على التوالي، إذ قتل 27 مدنياً على الأقل، فيما نددت واشنطن بعمل “شائن” وحذرت دمشق وحليفتها موسكو من عواقب هذه التحركات. وعبرت الأمم المتحدة عن صدمتها من التصعيد الأخير في أعمال العنف بسوريا وحضت على تأمين الوصول إلى شرق حلب لتقديم المساعدات، لاسيما في ظل وجود أكثر من 250 ألف شخص تحت الحصار منذ قرابة أربعة أشهر.
ومنذ بدء هجوم قوات الحكومة السورية الثلاثاء، دمر أحد آخر مستشفيات المنطقة واضطرت المدارس لإغلاق أبوابها، فيما بلغت حصيلة القتلى قرابة مائة مدني بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، المحسوب على المعارضة.
وبحسب مراسل وكالة فرانس برس في الأحياء الشرقية للمدينة التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة، فإن هذه الأحياء لاتزال عرضة لسقوط قذائف وصواريخ وبراميل متفجرة، مضيفاً أن التيار الكهربائي انقطع فيما توقفت مولدات الكهرباء بسبب عدم توفر الوقود في هذه المنطقة المحاصرة.
هذا ونشر عناصر الدفاع المدني في مناطق سيطرة المعارضة (الخوذ البيضاء) على صفحتهم في موقع “فيسبوك” السبت (19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016) مقاطع مصورة وصوراً تظهر مدى عنف القصف، يظهر في أحدها متطوعون قرب جثة مضرجة بالدماء في أحد الشوارع، بينما يقول أحدهم: “لم يعد لدينا أكياس” لتغطية الجثث. ويهتف آخر: “أسرعوا، أسرعوا” وسط نظرات المسعفين إلى السماء للتاكد من عدم تحليق مقاتلات.
وكتب المسعفون على “فيسبوك”: “إنه يوم كارثي في حلب المحاصرة مع قصف غير مسبوق بكل أنواع الأسلحة”، مؤكدين أنهم أحصوا انفجار “ألفي قذيفة مدفعية و250 ضربة جوية”.
ومن عاصمة البيرو ليما، نددت مستشارة الأمن القومي الأمريكي، سوزان رايس، بالقصف “الشائن” الذي استهدف مستشفيات في الأحياء الشرقية من مدينة حلب، محذرة موسكو ودمشق من عواقب مثل هذه الأفعال. وقالت رايس في بيان إن الولايات المتحدة “تدين بشدة الهجمات الرهيبة ضد منشآت طبية وعمال مساعدات إنسانية. لا عذر لهذه الأفعال الشائنة”، مضيفة أن “النظام السوري وحلفاءه، بالأخص روسيا، مسؤولون عن العواقب الفورية وعلى الأمد الطويل لهذه الأفعال”.
من جانبها، تقول موسكو إنها غير ضالعة في هذا الهجوم على حلب وتركز ضرباتها على المعارضة والجهاديين في إدلب المجاورة.
وتعد مدينة حلب الجبهة الأبرز في النزاع السوري والأكثر تضرراً منذ العام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين أحياء شرقية تسيطر عليها الفصائل المعارضة وأحياء غربية تسيطر عليها قوات الحكومة المصممة على استعادة القسم الشرقي. وأفادت وسائل الإعلام السورية الحكومية أن مدنيين قتلا بصواريخ أطلقتها فصائل معارضة على القسم الغربي من المدينة.
من جهة أخرى، أعرب مسؤولان كبيران في الأمم المتحدة عن “الصدمة” من التصعيد الأخير في العنف. وقال منسق الشؤون الإنسانية في سوريا، علي الزعتري، والمنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، كيفن كينيدي، إن “الأمم المتحدة تعرب عن شديد حزنها وصدمتها من التصعيد الأخير في الأعمال القتالية التي تجري في مناطق عديدة من سوريا”.
وجاء في البيان أن المنظمة الدولية لديها خطة لإيصال مساعدات إلى شرق حلب، موضحاً أن “الأمم المتحدة أطلعت جميع أطراف النزاع في حلب والدول المعنية على خطتها الإنسانية بشكل مفصل لتوفير المساعدة اللازمة والمستعجلة لسكان شرقي حلب وإجراء عمليات الإخلاء الطبي للمرضى والجرحى”.
وطالب البيان بـ”موافقة جميع الأطراف على الخطة والسماح لنا بتأمين الوصول الفوري والآمن ودون عوائق من أجل تقديم الإغاثة إلى من هم في أشد الحاجة في شرق حلب وعلى قدم المساواة في جميع الأجزاء الأخرى من سوريا حيث يتواجد المحتاجون”.
يشار إلى أن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، سيقوم غداً الأحد بزيارة إلى دمشق حيث يلتقي وزير الخارجية وليد المعلم، بحسب ما أفاد الموقع الإلكتروني لصحيفة “الوطن” السورية المقربة من النظام.