تمكن فريق من علماء الطبيعة من تحديد الدور الدقيق الذي تلعبه خلايا أنبوبية الشكل داخل شبكية العين في تصنيف الألوان أثناء الرؤية.
وتضطلع هذه الخلايا، التي تقع أمام الخلايا الحساسة للضوء، بدور رئيسي في رؤيتنا للألوان، وهو ما تم اكتشافه في الآونة الأخيرة.
وتنقل هذه الخلايا الضوء الأحمر والأخضر إلى خلايا مخروطية الشكل، لتجعل اللون الأزرق ينساب على نحو تدركه الخلايا العصوية المسؤولة عن الرؤية الليلية.
ويقول الباحثون إن جوهر هذه العملية يكمن في شكل الأنابيب.
وتُعرف تلك الخلايا الطويلة والرفيعة باسم خلايا مولر الدبقية “Muller glia” وهي تلك الخلايا التي يُعتقد أنها تلعب دورا داعما أكبر داخل شبكية العين.
وتقوم هذه الخلايا بمهام تنظيف وتخزين الطاقة والحفاظ على الظروف الملائمة للخلايا الأخرى، مثل العصوية والمخروطية خلفها، لكي تحول الضوء إلى إشارات كهربائية للمخ.
وكانت دراسة نشرت العام الماضي قد أكدت تلك الفكرة، وهي أن خلايا مولر تعمل بأسلوب مشابه للألياف البصرية.
وبالإضافة إلى نقل الضوء عبر أنابيب إلى مؤخرة الشبكية، حيث توجد العصويات والمخروطات الضوئية، ترسل تلك الخلايا على نحو انتقائي الضوء الأحمر والأخضر، وهما أهم لونين يجعلان الإنسان قادرا على رؤية الألوان، إلى خلايا مخروطية تتعامل مع اللون.
وفي ذات الوقت، تترك الخلايا 85 في المئة من الضوء الأزرق ينساب ليصل إلى أقرب خلايا عصوية تتعامل مع الموجات الضوئية على نحو يتيح لنا أيضا إمكانية رؤية اللونين الأسود والأبيض اللازمين في الظروف المظلمة.
وأُجريت الدراسة داخل مختبر إريز ريباك من مؤسسة “تيكنيون”، وهو المعهد الإسرائيلي للتكنولوجيا.
وعلى مدار أكثر من عشر سنوات، حول ريباك، وهو عالم فيزياء فلكية، اهتمامه بالضوء والبصريات إلى دراسة العين بدلا من النجوم والكواكب.
لغز خلال قرون
وخلال اجتماع مارس لجمعية الفيزياء الأمريكية، قدم ريباك النتائج النهائية لدراسته بعنوان: “تفاصيل بصرية مدهشة” وراء عمل خلايا مولر.
وقال ريباك لبي بي سي “إذا كانت الشبكية سميكة أو رقيقة جدا، فهذا غير فعال. فلابد أن تكون سميكة على نحو كاف وأن تكون أمام مستقبلات الضوء.”
وأضاف أن فكرة أهمية خلايا مولر واجهت في البداية انتقادات من جانب علماء الطبيعة وأخصائيي الرمد.
وقال “كانت هناك معارضة شديدة في البداية، أعترف بذلك.”
وفي سبيل إقناع هؤلاء المعارضين، قدم فريق برئاسة ريباك صورا ثلاثية الأبعاد لتفاصيل بنية الخلايا والتي تقيس بدقة شديدة ما يحدث لموجات الضوء المنعكس على شبكية العين في البشر وفي حيوان خنزير غينيا.
كما أشار ريباك إلى أن هذه الوظيفة الموجهة بالضوء لخلايا مولر تفسر لماذا طورت الفقاريات، ومن بينها الإنسان، الشبكية بمستشعرات ضوء خلفية بعيدة عن الضوء.
وقال “هذا لغز استمر لقرون.”
وأضاف “يلزم تجاوز سمك يصل إلى 0.25 ميلليمتر، تحدث وراءه معالجة عصبية للبيانات.”
ويعرب مارك هانكينس، أستاذ علوم البصريات المرئية بجامعة أكسفورد، عن إعجابه بعمل ريباك، لكنه في ذات الوقت غير مقتنع بأن ظاهرة نقل الضوء عبر أنابيب هي “المحرك الموجه” لعين الفقاريات ذات الشبكية المعكوسة.
وقال لبي بي سي إن هناك أسبابا عديدة تجعل مستقبلات الضوء تعمل بكيفية أفضل في الخلف، من بينها تنظيف مكونات الخلايا البالية والحصول على إمدادات “الوقود” من جزيئات حساسة للضوء.
وهذه الخدمات تقدمها طبقة رقيقة سوداء اللون لخلايا تقع في مؤخرة العين مباشرة.
وأضاف هانكينس “علينا أن نتذكر أن العديد من الأنواع الحيوانية ليس لديها (أسلوب) تحديد الرؤية في مؤخرة العين وأيضا خلايا مولر.”
واستطرد بالقول “لذا فإن خلايا مولر تقوم بعمل أشياء كثيرة بالغة الأهمية إلى جانب عملها كمرشد ضوئي.”
لكنه أضاف أن النتائج التي توصل إليها ريباك تقدم وصفا دقيقا للغاية لوظيفة نقل الضوء عبر أنابيب، وتبرز كيفية عمل أجزاء مختلفة للشبكية معا، كما تعطينا رؤية واضح