حضت دول أوروبية، بينها بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وزير الخارجية الأميركي جون كيري على التمسك في المفاوضات مع الجانب الروسي بـ «رفض ترشح الرئيس بشار الأسد ومساعديه» في انتخابات تجري في نهاية المرحلة الانتقالية منتصف السنة المقبلة، بالتزامن مع عرض كيري مسودة اتفاق مع موسكو نصت على التوازي بين ثلاثة مسارات تتناول وقف النار ومحاربة «داعش» و «جبهة النصرة» والانتقال السياسي بدءاً من نهاية آب (أغسطس) المقبل.
وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون بعد محادثاته مع كيري في لندن أمس: «على الأسد أن يرحل، وهذا متفق عليه بين جميع القوى الغربية»، بعدما قال قبل اللقاء إنه سيكون «واضحاً في التعبير عن رأيي بأن معاناة الشعب السوري لن تنتهي ما بقي الأسد في السلطة. يجب على المجتمع الدولي، بما في ذلك روسيا، أن يكون متحداً في هذا»، لافتاً إلى «دور فريد» لموسكو في هذا السياق. وكان جونسون كتب في مقال صحافي بعنوان «برافو للأسد» في آذار (مارس) أشاد فيه بالرئيس السوري لإنقاذه مدينة تدمر الأثرية من أيدي «داعش». وأضاف: «بصرف النظر عما إذا كان نظام الأسد بغيضاً، وهو كذلك، فإن معارضيه في داعش أسوأ بكثير جداً».
وصاغت فرنسا وبريطانيا وألمانيا موقفاً موحداً تبلغه كيري وتضمن مبادئ الانتقال السياسي في سورية و «ضرورة إحداث تغيير جوهري في سورية من دون أن يكون للأسد أي دور في المستقبل، مقابل تأكيد على بقاء تركيبة الدولة وضرورة إصلاح بعض المؤسسات المضطلعة بأعمال القمع»، إضافة إلى تأكيد أنه «لن يكون هزم داعش ممكناً إلا ضمن إطار عمليّة انتقاليّة سياسيّة- تفاوضية»، وإلى أنه «لا يمكن الأسد أن يشارك في انتخابات خاضعة لرقابة دوليّة أو أن يرحل من طريقها»، ما يعني عدم الموافقة الأوروبية على خيار ترشح الأسد إلى الانتخابات كما تقترح إيران وروسيا.
وخلال وجوده في لندن أمس، تحدث كيري هاتفياً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف لاستكمال المحادثات في شأن الاتفاق العسكري الذي سلم مسودته إلى الكرملين الجمعة الماضي. ووضع الجانبان 31 تموز (يوليو)، أي عشية موعد بدء المرحلة الانتقالية بموجب القرار 2254، موعداً لـ «حلّ المسائل المترابطة الثلاث» وتشمل «تعاوناً عسكرياً واستخباراتياً لهزم داعش وجبهة النصرة وترجمة وقف الأعمال العدائيّة إلى وقف إطلاق نار شامل ودائم يُطبّق على مراحل خلال العمليّة الانتقالية السياسيّة»، إضافة إلى «وضع إطار عمل للعملية الانتقالية السياسية يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254».
ولا تزال واشنطن تنتظر رد موسكو على هذا الاقتراح الذي يتطلب مشاورات بين مسؤولين روس والحكومتين الإيرانية والسورية، لعلاقته بنشاط القوات النظامية السورية وأنصارها، إضافة إلى البحث في الانتقال السياسي واحتمال استئناف مفاوضات جنيف في الشهر المقبل.
ميدانياً، أكد الجيش الأميركي أمس، أن «قوات سورية الديموقراطية» سيطرت على مقر قيادة عمليات «داعش» في منبج شرق حلب، في أبرز تقدم لهذه القوات المدعومة من جنود في القوات الخاصة الأميركية وطائرات التحالف الدولي في إطار هجومها الذي بدأ آخر أيار (مايو) الماضي ويهدف إلى طرد التنظيم المتشدد من مناطق سيطرته قرب حدود تركيا. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن ما لا يقل عن 56 مدنياً بينهم 11 طفلاً قتلوا في ضربات جوية شمال منبج. وقالت منظمة «العفو الدولية» في بيان، إنه ينبغي على التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بذل المزيد من الجهد للحيلولة دون وقوع قتلى من المدنيين.