فيما يرتعد سكان الشرق الأوسط من البرد الآتي من ثلوج العاصفة «هدى – زينة»، ابتكر علماء أميركيون ثوباً يتحدى البرودة والثلوج، بل يزيل الحاجة إلى التدفئة خلال الشتاء! إنه ثوب النانوتكنولوجيا التي لم تعد حبيسة غد بعيد، بل ظهرت مطلع 2015. واستطراداً، يعني ذلك الرداء المصنوع من مزيج القطن ومحلول نانو الفضّة، توفير كميات كبيرة من الوقود الذي يستخدم في مختلف أدوات التدفئة، ما يؤدّي إلى خفض انبعاث غازات التلوّث أيضاً.
يزيد قوة الابتكار أنه يستند أساساً إلى القطن. وباستطاعة مصر مثلاً أن تستفيد من الابتكار لدعم زراعة القطن التي تعاني مشاكل جمة، إضافة إلى إنقاذ صناعة النسيج التاريخية فيها من مآزقها الكثيرة.
في المقابل، يحتاج الأمر إلى استيفاء شرط علمي أساسي هو التمكّن من تقنيات النانوتكنولوجيا وصناعاتها الأساسيّة، وهو شيء يسهل قوله، لكن تحويله واقعاً يتطلّب جهوداً مضنية تماماً.
في العودة إلى تفاصيل الابتكار، عمد علماء أميركيون إلى مزج أنسجة القطن المستخدمة تقليديّاً في صناعة النسيج، مع محلول من «نانو الفضة». ويقصد في ذلك أن الفضة تكون في قطع فائقة الصغر، مع تذكّر أن النانومتر يساوي جزءاً من ألف من مليون من المتر، وليس مجرد أنها ذائبة في ذلك المحلول. ومع تشرّب القطن المحلول النانوي، تصبح قطع «نانو الفضة» كأنها أسلاك خفيّة منبثّة في نسيج القطن.
وجرّب العلماء مجموعة من التراكيب للتوصل إلى حفظ التوازن بين إنتاج ثوب قماش قطني بمواصفاته التقليدية من جهة، بما فيه أن يكون جافاً وقابلاً لمرور الهواء والماء في مساماته كي «يتنفس» وينظَّف، وبين الاستفادة من مواصفات الـ»نانو فضة» في الحفاظ على الحرارة. وتمكّنوا من صنع ثوب خفيف يستطيع أن يحافظ على 80 في المئة من حرارة الجسم، ما يعطي قبلة الوداع للملابس الثقيلة والأغطية السميكة وغيرها من المنسوجات التي يستخدمها البشر ليقوا أنفسهم من البرد.
ماذا لو أراد أحد أن يذهب إلى التزلّج على جبال لبنان بثلوجها المتراكمة الكثيفة؟ لا يزيد المطلوب منه في تلك الحال، سوى أن يربط ثوبه ببطارية صغيرة، من النوع المستخدم في الراديو وبطارية اليد. والطريف أنه لا يحتاج سوى إلى جزء يسير من التيار الكهربائي الخفيف أصلاً الذي تعطيه تلك البطاريات.
وبالأرقام، يحتاج إلى تيار كهربائي تقل قوّته عن فولت واحد، فيما تعطي البطارية التقليدية 1.5 فولت. ومع مرور ذلك التيار الكهربائي الخافت، تتحوّل قطع الـ»نانو فضة» إلى أسلاك كهربائية، ويصبح الثوب كأنه مدفأة ضارية القوّة، تذيب البرودة الثلجيّة القارسة. وعلى رغم الصقيع، يستطيع رداء الـ»نانوفضة» القطني أن يوفر للإنسان حرارة تصل إلى 40 درجة مئوية!
وأجرى العلماء الذين ابتكروا ثوب الـ»نانو فضة» حسابات لكمية الطاقة التي يقتصدها الفرد إذا لبس ذلك الرداء. وأشاروا إلى أن الفرد يحتاج إلى تدفئة مضافة لقرابة 4 شهور في السنة، يستخدم خلالها أجهزة تدفئة داخل المنزل وخارجه. وتبيّن أن ارتداء الثوب يؤدي إلى اقتصاد في الطاقة بقرابة ألف كيلوواط/ساعة للفرد، ما يساهم في خفض انبعاث غازات التلوّث بقرابة 300 ليتر للفرد خلال أشهر البرد.
بقول آخر، لا يكتفي مرتدي ثوب الـ»نانو فضة» بأن يتحدى ثلوج العواصف، بل يشارك في الحفاظ على الغلاف الجوي الذي يساهم تلوّثه في اضطرابات مناخيّة تشمل عواصف الثلوج!
امتى بدو.يوصل على بلادنا