عن صفحة الدكتور فراس مرعي
بعد الاستهتار بالمرض وعدم التقيد بالتعليمات تفشي المرض بمنطقتنا بشكل ليس له مثيل، وبتنا نودع أحباءنا بشكل شبه يومي. ومن المزعج انسياق قسم من الناس وراء الأساطير والشائعات وبدء الترويج للمؤامرة ورفض اللقاح الذي هو حبل النجاة والذي بات قريباً جداً من أن يصل إلينا.
علينا أن نحكم عقلنا وضميرنا وننأى عن الأذى بأبناء جلدتنا.
سأحاول أن أجيب عن بعض التساؤلات بشكل قصير ومختصر:
- كورونا ليس موجوداً بل هو خدعة؟
بغض النظر عن كون فايروس كورونا جاء بسبب طفرة جينية أو أنه من صنع مختبرات؛ فإنه بات موجوداً في كل زاوية وبات يهدد كل بيت وكل شخص فينا.
-نحن في الجولان أكثر الناس الذين ذاقوا مراره فراق الأحبة بسبب كورنا. ففي قسم الكورونا في مشفى صفد، و منذ إقامته، لقي حتفه حوالي 30 مريضاً جميعهم من قرى الجولان. وتعالَجَ فيه وتماثل للشفاء ما يقارب الـ 300 شخصاً في الفتره الأخيرة معضمهم من قرى الجولان. فهل ما زال عندكم شك بأن المرض موجود؟!
- الكرورنا يفتك فقط بالمرضى اللذين يعانون من أمراض مزمنة أو المتقدمين بالسن؟!
ههذا ليس دقيقاً، فكم من متقدم بالسن أصيب بالفايروس وشفي، وكم من شاب قضى بسبب كورونا (دون ذكر حقائق وأسماء). التقدم بالسن والأمراض المزمنة (كأمراض الرئة والقلب والسكري وغيرها…) هي عوامل خطورة، والفايروس لا يعفو عن الشباب؛ والخطر عند الشباب هو:
أولاً: أن يكونوا غير عرضيين وينقلوا المرض للآخرين.
ثانياً: اختلاطات (عواقب) الفايروس المستقبلية المزمنة، متلازمة ما بعد كورونا. - لماذا ننظر للمرض فقط على أنه مميت أو لا؟
ماذا عن الذين أصيبوا وشفوا وما زالوا يعانون من اختلاطات (مشاكل) بعد الإصابة بالفايروس (post corona syndrome ). يسبب فايروس الكورونا بشكل أساسي أذية رئوية وأذيه كلوية مستديمة، فمن المتوقع أن يحتاج الذين أصيبوا وشفوا في المستقبل، بعد سنوات عدة إلى علاجات دوائية بشكل مزمن، ومن الممكن أن يصل الأمر إلى الحاجة إلى زرع رئة أو العلاج بالدياليزة (غسل الكلى) أو زرع كلى (وعددهم ليس بالقليل).
أستذكر قصة زميل(ج.ك). طبيب تخدير في فرنسا، كان بصحة جيدة، أصيب بالفايروس وعانى من صداع وآلام عضلات وحمى، لم يصب بضيق تنفس وحالته لم تكن بحاجة إلى العلاج بالمشفى. بقي بالبيت حتى تعافى وعاد إلى العمل، لكنه بقي يشعر بوهن عام شديد، فأجرى فحص دم روتيني، وتبين أن لديه أذية كلوية بدرجة متقدمة، وهو اليوم يعالج بالدياليزة (غسل الكلى).
وهنا وجب التنويه إلى ضرورة إجراء فحص المسحة البلعومية PCR، عدا عن كونه فحص حيوي لقطع سلسلة العدوى.
إن من يصب بالفايروس ويشفى ولم يجري فحص (عينة بلعومية) وفي المستقبل يحدث عنده اختلاط –عواقب للمرض- (أذية كلوية مثلا)، وغير مثبت أنة أصيب بكورونا، فلن يحصل على التعويض المالي المطلوب).
- الادعاء أن اللقاح يحاكي تقنيات الجيل الخامس 5G، تستعمل فيه تقنية النانو لزرع مجسات في اجسامنا!! وهدفه السيطرة على البشرية أو تحديد عدد سكان العالم وإلخ؟؟؟
نعم، لربما اللقاح طور بشكل سريع وهذا لأنه مصنع بتقنية المرسال الجيني (m-RNA)، تقنية طورت حديثاً ولا تشبه التقنيات الكلاسيكية (شرح مفصل عن نوع اللقاح سأعطيه في الفقرة القادمة). سأجيب على هذه الإدعائات بأكثر من نقطة:
1- في الإحصائيات الأولية في كندا وأمريكا حوالي الـ 80- 85٪ منالناس مقبول عليهم أخذ اللقاح و10 ٪ يرفضون، لأن اللقاح حسب رأيهم لم يستوفِ الشروط اللازمة لقبوله، وقله قليلة تؤمن بنظرية المؤامرة.
أما العجب فعند العرب، إذ 85٪ منهم يرفضون اللقاح بسبب نظرية المؤامرة، بسبب تخويفهم من اللقاح وخوفاً من أن يُسيطَرَ عليهم وتسرق منهم أدمغتهم!!!
العرب قلقون على أدمغتهم أكثر من الأمريكان والكنديين!!؟؟
2-نحن هشّون جداً ومسيطر علينا بشكل كبير فقط من هواتفنا، فلا داعي لجهد ولتقنيات أكثر تطوراً.
3- تتهافت كل دول العالم المتقدم للحصول على اللقاح وفي مقدمتهم إسرائيل، هل هدف هذه الدول التخريب على مواطنيها؟ لو أن قادة العالم يريدون الحد من عدد سكان العالم لكان اللقاح سيوزع في دول أفريقيا وآسيا وليس في أوروبا وكندا وأمريكا!!!
4- سيتم المباشرة بإعطاء القاح في منطقتنا بعد أسبوع تقريبا. القاح الذي وصل حتى الآن من شركة (فايزر) Pfizer الأمريكية. بشكل أولي سوف تكون في منطقنا 4 مراكز لإعطاء اللقاح: كريات شمونة، صفد، طبريا، كتسرين، ومن الممكن إقامة مركز في إحدى قرى الجولان .
كل عبوة (أمبولة) من اللقاح تكفي 5 جرعات، أي تكفي لـ 5 أشخاص. بمعنى آخر، من المستحيل إعطاء كل شخص وحده عبوة تحمل رقم(كود) خاص. أي من نفس العبوة سوف يحقن (محمد وعاموس ويعقوب وشلومو وفاطمة. وهذا يدحض بشكل قاطع فكرة حقن (ميكرو-تشيب)، تقنياً ليست هناك إمكانية.
- عن اللقاح، الشركات المصنعة، التقنية، وبماذا يختلف لقاح ما عن باقي اللقاحات؟
(المعلمومات هنا منقولة وليست من مترجمة مباشرة من المصدر)
من أكبر إنجازات الطب الحديث هي اللقاحات. تخيلوا حال العالم بدون لقاح شلل الأطفال ولقاح الجدري ولقاح الكزاز والدفتريا والحصبة؟
طريقة عمل اللقاحات الكلاسيكة:
الجهاز المناعي عند الإنسان يشكل أضداد نوعية (مناعة) لكل من بروتينات العامل الممرض (المستضد). (مايسمي انتي جين أو مكون الضد) الموجودة في اللقاح.
في البدايات كان يلقح الانسان بكامل العامل االممرض”الفايروس” (حي مضعف أو معطل (ميت)) ويصنع الجهاز المناعي اضداداً لكل بروتيناته… المهم منها وغير المهم أو عديم الفائدة.
أولاً: لقاح شركة فايزر وموديرنا (لقاح امريكي)
mRNA vaccine (Pfizer and Moderna)-A
مع تطور العلم أصبح بإمكان العلماء بتطور العلوم المختلفة وخاصة علم المناعة. أن يحددوا البروتين المنتخب الذي بواسطته يستطيع العامل الممرض إرساء المرض. كما نعلم أن فايروس كورونا يدخل الجسم بواسطة النتوءات الشوكية، أو spike، وبذلك يكون أفضل لقاح وأكثر فاعلية اللقاح الذي يحوي هذا البروتين فقط (الذي يعطل النتوء الشوكي..)، وبواسطة علم الوراثة وإمكانية تحديد المورث المسؤول عن تكوين أي بروتين، استطاع العلم تحديد المورث المسؤول عن تكوين بروتين النتوءات الشوكية أو ال spike protein، وتمكن العلماء من تركيبه في المختبرات، وهو من نوع المرسال mRNA، وصنع لقاح يحوي هذا المورث فقط.
يحقن المورث مغلفاً بغلاف من الدسم بتقنية النانو، وهذا تقدم كبير في علم اللقاحات والمناعة وهذا لم يحدث فجأة. فالمحاولة كانت مستمرة لهذا الانجاز منذ تسعينات القرن الماضي لأهداف أخرى علاجية، ومن ثم لقاحات لأمراض أخرى منها (الايبولا ونقص المناعة المكتسب HIV و الملاريا والسل، وكانوا قد تقدموا بالطريقة، إذ نجحوا بحقن المورث للجسم بأمان دون إرتكاسات (ردود فعل) مسيئة. ولذلك عندما جاء حدث صنع لقاح كورونا كان جهد ثلاثة عقود تقريبا جاهز في الخدمة، واستطاعوا صنع لقاح خلال 63 يوما في شركة فايزر ومودرنا.
ثانياً :
- لقاحات الناقل الڤيروسي ،لقاح أوكسفورد
شركة:AstraZeneca’s COVID-19 Vaccine
ما هي آلية عمله؟
يعتمد على آلية الناقل الفيروسي عبر حقن ڤيروس غير مرضي عند البشر- فايروس adenovirus الذي يسبب الزكام عند الشيمبنزي، وبعد تعديله وراثيا ليصبح غير قادر على التكاثر في جسم الإنسان وليصبح شبيها بالكورونا المستجد و يحمل تشفير نتوئاته السطحية S Spikes، التي تحرض الجهاز المناعي على انتاج أضداد ضدها، و هكذا يكون الجهاز المناعي مهيئاً لمواجهة فايروس كورونا المستجد.
وتبين أن فعالية اللقاح تصل الى ٩٠٪ (رمية من غير رامي).
بشكل عام لم تسجل للقاح آثار جانبية خطيرة عند 34,000 متطوعاً في عدة دول.
من ميزة هذا اللقاح أنه يمكن حفظه في درجة حرارة 2-8 مئوية. مثل البراد العادي. وهذا سيسهل نقل اللقاح حول العالم. وسوف تكون كلفة الجرعة زهيدة، ويعتقد أن هذا اللقاح سوف يكون أكثر لقاحات الكورونا انتشاراً في العالم، وخاصة في الدول النامية بسبب رخص ثمنه وسهولة نقله وحفظه (براد عادي)، مما يمكن إعطاؤه في العيادات والصيدليات و المستوصفات و المؤسسات و المشافي.
اللقاح الروسي سبوتنك sputnik vaccine يعمل بآلية مشابهه للقاح البريطاني astraZeneca
بالرغم من أنه قد تم تطوير اللقاح بشكل متسارع لم يسبق له مثيل، إلا أن اللقاح قد استوفى جميع مراحل التجربة المطلوبة حسب تنظيم/ترتيب اللقاحات الجديد المقبول عالمياً.
تمت تجربة اللقاح على أكثر من 40,000 متطوعاً بأكثر من بحث علمي، والنتيجة أن اللقاح آمن.
للقاحات بشكل عام أعراض جانبية بالطور الحاد، أي في الفترة القريبة من أخذ اللقاح، ولا توجد اختلاطات/مشاكل معروفة عن اللقاحات للأمد الطويل.
أثبتت الأبحاث أن فعالية اللقاح تصل إلى 95٪ للحد من العدوى.
لم تجرى بعد الأبحاث الكافية على الحوامل والأطفال.
وللختام..
انت بتاخذ التطعيم عشانك وعشان غيرك ،عشان بيتك وأهل بلدك. بالنهاية كل واحد حريته يأخذ اللقاح أو لا. بس ما تكونوا سبب لأذية الاخرين. وما تكونوا السبب بالتظليل ونشر وتسويق المعلومات المغلوطة.
حكْموا عقلكم وحكموا ضميركم.
أتمنى السلامة والصحة للجميع
د. فراس مرعي
مشكور جدا دكتور فراس. وارجو من كادرنا الطبي ان يكثر من هذه المقالات الرائعه لعلها تستطيع اقناع اصحاب العقول المغسوله دماغياً بنظرية المؤامره والاستهداف كأن العالم لا شغل ولا عمل لديه غير التأمر علينا
شكرا د. فراس على التوضيحات المهمة
من المهم جدا للجمهور التمييز بين المنشورات التي تتداولها وسائل التواصل والتي ينتجها احدهم من رأسه (او بالاكثر ‘من تحت باطو’) بينما هو جالس وراء شاشته, من جهة, وبين المعلومات التي تستند الى بيانات وقياسات وعمل مضني للباحثين من جهة اخرى.
لا يمكن للعقل السليم ان يتقبل اي كلام او ترويج لرفض اللقاح, وهذا يعني نزع الثقة عن العلم, في حين ذات الشخص يثق بالطبيب ليداوي جميع علله الاخرى والمهندس ليبني بيتا آمنا له وسيارة فيها كل تقنيات الامان, ومهندس الكترونيات ليصنع له حاسوبا او هاتفا ذكيا ينشر من خلاله جهله بالأمور.
الشائعات حول مصدر الفيروس عززت ما يسمى بنظريات المؤامرة منذ بداية الأزمة , وما زاد من انتشارها هوعجز الجمهور عن الوصول الى مصادر البيانات الأصلية.
فيما يلي ترجمة للعمل العلمي الاكاديمي الذي حسم السؤال حول مصدر الفيروس, وقد نشربشهر آذار2020 في مجلة Nature Medicine (من اجل المقارنة, مقال واحد في هذه المجلة يمكن ان يوصل الباحث الى درجة بروفسور).
ترجمة غوغل: ” إلى المحرر – منذ التقارير الأولى للالتهاب الرئوي الجديد (COVID-19) في ووهان ، مقاطعة هوبي ، الصين ، كان هناك نقاش كبير حول أصل الفيروس المسبب ، SARS-CoV-2 (يشار إليه أيضًا باسم HCoV -19) . أصبحت الإصابات بفيروس SARS-CoV-2 منتشرة على نطاق واسع ، واعتبارًا من 11 مارس 2020 ، تم تأكيد 121564 حالة في أكثر من 110 دولة ، مع 4،373 حالة وفاة.
SARS-CoV-2 هو الفيروس التاجي السابع المعروف أنه يصيب البشر. يمكن أن يسبب SARS-CoV و MERS-CoV و SARS-CoV-2 مرضًا شديدًا ، في حين يرتبط HKU1 و NL63 و OC43 و 229E بأعراض خفيفة. هنا نراجع ما يمكن استنتاجه حول أصل SARS-CoV-2 من التحليل المقارن للبيانات الجينومية. نحن نقدم منظورًا حول السمات البارزة لجينوم SARS-CoV-2 ونناقش السيناريوهات التي كان من الممكن أن تنشأ من خلالها. تُظهر تحليلاتنا بوضوح أن SARS-CoV-2 ليس بنية مخبرية أو فيروس يتم التلاعب به عن قصد.”
https://www.nature.com/articles/s41591-020-0820-9?fbclid=IwAR1Nj6E-XsU_N6IrFN1m9gCT-Q7app0iO2eUpN5x7OSi-l_q6c1LBx8-N24
جزيل الشكر دكتور على طرح هذا الموضوع ، والمقال وافي ومُفصل بشكل يتيح لنا فهم بعض النقاط التي لم يكن مُسلط عليها ضوء .