مع بدء التحضير للعام الدراسي الجديد، وما يرافقه من مستلزمات ومتطلبات ضرورية من ملابس وثياب وكتب وقرطاسيات، ومع استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية للعائلات محدودة الدخل، وتزامن اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك لهذا العام مع بداية العام الدراسي الجديد، والبدء في تجهيز تدفئة الشتاء المنزلية، لا تستطيع معظم العائلات الجولانية، ورغم تردي الاوضاع الاقتصادية، الاستغناء والتخلي عن مؤونة الشتاء، التي يجهزونها كعادة جميلة من بقايا العادات القديمة التي عرفها الجولان، أسوة بمختلف المناطق الجبلية في منطقة بلاد الشام منذ مئات السنين.
ورغم أن هذه العادة تختفي تدريجيا من المشهد داخل البيوت، وخاصة لدى العائلات الشابة، إلا أنها تتعزز أكثر كوسيلة للاسترزاق لدى الكثير من ربات البيوت، كتجارة وباب رزق، حيث كانت تحظى سابقاً باهتمام كل البيوت الجولانية، استعداداً لفصل الشتاء البارد، (“وحبسة المنزل أثناء تراكم الثلوج وتشكل الجليد”). ومع الوقت تراجعت، لأسباب عديدة، أهمها توفر أماكن لبيع هذه المؤونة، فحتى الحبوب واللحوم وأصناف الخضروات المجمدة أصبحت متوفرة على مدار السنة في المحلات التجارية، إضافة إلى عدم قدرة العديد من العائلات الشابة على ضمان مؤونة الشهر قبل مؤونة الشتاء، وشعورها بضائقة مادية مستمرة، حيث تعتمد أكثر على الشراء من السوق وفق الحاجة والامكانيات، أو تميل أكثر إلى بيت المونة لدى الأهل، حيث لا غنى عن هذه العادة الموسمية، على الرغم من توافر المواد الغذائية في المتاجر والمحلات، لكنها تختلف جوهرياً عن تلك الصناعة البيتية – نكهة وفائدة غذائية.
ورغم تراجعها الشعبي إلا أن معظم العوائل الجولانية تبدأ في هذه الأيام بتحضير مؤونة الشتاء، التي تشمل قائمة طويلة من المأكولات التي ينتجها فصل الصيف وينتهى أوانها مع نهايته، إلا أنها تبقى صالحة للاستهلاك بفضل أيادي وحكمة ربات البيوت، من الأمهات والجدات بشكل خاص، وهي بكل تأكيد بديل طبيعي وشعبيي متوارث عن الشراء من السوق، وعن المعلبات والمجمدات والمواد الحافظة.
“الميرمية، النعنع، البابونج، الصعتر، الشومر، السمّاق، ورق العنب، المخلالات بمختلف أصنافها، السميد المجروش، العدس، الكشك، دبس البندورة، اللبنة، الزيتون وزيت الزيتون، الكوسا، البامية، المكدوس، الداميية، المعاقيد (التين والسفرجل والمشمش واليقطين والكرز والتفاح)، كل تلك الأنواع والأسماء هي جزء من قائمة طويلة، تتقلص تدريجيا مع الوقت، تشكل مؤونة الشتاء التي تضمن، بالحد الادنى، “شبكة الأمان الغذائية” في فصل الشتاء للعائلات الجولانية.
مؤونة الشتاء وتخزين المأكولات لفصل الشتاء عادة قديمة، ارتبطت بالعوامل المناخية في منطقتنا الجبلية، خاصة في فصل الشتاء، وبالظروف السياسية والصراعات والحروب في المنطقة، وكانت بمثابة احتفال شعبي يجمع أهل البيت وأهل الحارة حول بعضهم البعض، يتعاونون ويتقاسمون ويتبادلون المؤونة من الحبوب والخضروات والمأكولات والمعاقيد، ويخزنونها بعد عملية السلق أو التجفيف أو العصر، وتُحفظ في أماكن داخل البيت، كانت في السابق داخل النميلة أو الكوارة، وحاليا أجهزة التبريد الكهربائية. ورغم التعب والجهد الذي يرافق عملية التجهيز، إلا أن أجواء الفرح والتعب والسعادة والاطمئنمان كانت سمات بارزة على وجوه الصغار والكبار.
وبالعودة إلى الوراء، لو قُدر اليوم لجيل الأجداد أن يراقب أنماط حياتنا وعاداتنا المستجدة، وتلك الأنظمة الغذائية والسلوكية التي نتلقاها اأو نتبعها اليوم للحفاظ على امننا الغذائي، لانفجروا ضحكاً علينا وعلى ما فقدناه من نعم وفوائد غذائية وصحية، كانت لهم قبل عصر التكنولوجيا وعصر الوجبات السريعة، من شوارما وهمبورغر وكنتاكي وبيتزا، وغيرها من المأكولات والمشروبات، التي تحمل “فوائد كبيرة لمن يحب مراكمة الدهون والكروش والأجسام السمينة وتعريض نفسه لسعرات حرارية زائدة عن احتياجاته الطبيعية”، وعليه ان ينأي بنفسه بعيداً عن الأمن والفائدة الغذائية “الشعبية” التي توفرها مؤونة الشتاء، التي تُجسد حكمة المثل الشعبي: “قرشك الابيض ليومك الاسود”…
ماده رااااائعه جدا يجب ان نعيد الماضي الذي ورثنا عن اهلنا وواجب علينا المحافظه على هذا التاريخ العظيم الذي يرسخنا بارضنا ويقرب القلوب من بعضها انا اذكر ايام زراعة القمح والصيد والرجيد والدراس كانت ايام مليئه بلحب مثل سنابل القمح …
بس تصفى قلوب الناس عبعضها وترجع المحبه والوفا واللهفه عبعض بالفرح وبالحزن تأكد بلا مترجع الحصيده والصيد وسلق القمح والكشك ومونة الشتا بترجع الحياه بتجنن واحلا مكانت لانو زمان كانو يقومو من الفجر يشتغلو ويشقو ويرجعو عالعتمات وكانو ملاقيين وقت لبعض للناس البيحبوهن بس اليوم مع كل الراحه والسهوله يلي عايشينها ومش ملاقيين وقت نجتمع باحبائنا واذا اجتمعنا حكينا كلو عن المصالح والمصاري … اذا رجعت ايام المونه والكشك والسميد والحصيده ومصفتش القلوب مش رح ترجع الفرحه والسعاده يلي كانت