دخل الوضع في لبنان مرحلة جديدة من التصعيد السياسي، إذ بلغ ذروته في رد مباشر للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله على تلويح وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بالاستقالة من الحكومة والخروج من الحوار «إذا بقي الوضع على حاله لئلا نتحول الى شهود زور على حساب مسؤولياتنا الوطنية». وقال نصر الله: «عندما يتكلمون عن الحوار كأنهم يتفضلون على الآخرين ويمنّون على اللبنانيين أنهم ذاهبون الى الحوار، نحن لا نقبل من أحد أن يمنّ علينا بحوار وإذا كنت تمنّ علينا بالحوار فبلاه (لا حاجة له) وإنهم قبلوا أن يكونوا في حكومة نحن موجودون فيها وتشعرون أنكم محرجون أو متفضلون علينا وعلى غيرنا من خلال بقائكم فيها فلا تشعروا بحرج والله معاكم» (راجع ص 5)
كلام السيد نصر الله جاء في خطاب متلفز لمناسبة ذكرى أسبوع أحد قادة «حزب الله» حسن الحاج الملقب بـ «أبو محمد الإقليم» الذي قتل خلال مشاركته في القتال الى جانب النظام في سورية ضد قوى المعارضة، وخصه في شكل أساسي للرد على المشنوق وسأل موجهاً كلامه الى «المستقبل»: «أنتم شو إلكم علينا يا أخي، وموضوع التفضل والمنية مرفوضان مع أنهم قبلوا بأن يكونوا في حكومة نحن موجودن فيها، وبأنه ربط نزاع».
ولفت الى أنه سيتداول في هذه المواضيع مع الرئيس نبيه بري، وقال: «كل هذا الكلام يحتاج نقاشاً وأنا سأدعو قيادة «حزب الله» لإعادة النظر لأنه إذا كان هيك (الوضع هكذا) مش أنت تفل (تترك) من الحوار أنا لا أقبل أن أتحاور معك ولا أقبل أن أقعد معك».
وأضاف: «من يحب أن يبقى في الحوار أهلاً وسهلاً فيه والذي يحب أن يفل (يترك) من الحوار الله معه ومع السلامة وكذلك الأمر بالنسبة الى الحكومة، ونحن نرفض الابتزاز».
ورد نصر الله أيضاً على تحميل «حزب الله» مسؤولية إعاقة تنفيذ الخطة الأمنية في البقاع الشمالي وقال: «ليست شغلتنا (ليس عملنا) نحن وحركة «أمل» أن نعتقل الناس ونسلمهم للدولة، وهناك من يريد أن يدخلنا في صراع مع العائلات والعشائر لأن شبابنا هم أولاد هؤلاء».
ومع أن نصر الله أشاد بصبر رئيس الحكومة تمام سلام «الذي أثبت صبراً وحكمة وهدوءاً في تحمل مسؤولية وطنية على رغم الأداء المتعثر لهذه الحكومة، وكنا من الذين يدعون للحفاظ عليها»، فإنه في المقابل لن يتطرق الى المواقف الأخيرة لحليفه رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون من انعقاد مجلس الوزراء، وفيها اشتراطه تعيين قائد جديد للجيش وأعضاء المجلس العسكري للمؤسسة العسكرية، على أن تكون له كلمة الفصل في تعيينهم، بذريعة أنه الأقوى مسيحياً.
كما تجنب نصر الله الرد على اتهام الحزب بأنه يراعي عون الى أقصى الحدود، ويشجعه على تصعيد مواقفه والإكثار من مطالبه، وفق مصادر في «14 آذار»، قالت لـ «الحياة»، إنها ترى في تشجيعه حافزاً لوضع «دفتر شروط» لمعاودة جلسات الحكومة على حساب صلاحيات رئيسها. وسألت كيف يوفق نصر الله بين إشادته بسلام وبين مصادرة عون صلاحياته.
وتضيف المصادر أن «حزب الله» و «المستقبل» تساويا في التصعيد السياسي وفي تبادل الاتهامات، وهذا من شأنه – كما تقول مصادر وزارية – أن يضع الرئيس نبيه بري أمام مسؤولية مزدوجة: الأولى تكمن في إعادة الأمور الى نصابها إفساحاً في المجال أمام استئناف الحوار بين الجانبين برعايته بدءاً من مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، والثانية تتعلق بتوفير النصاب السياسي لاستئناف الحوار الوطني الموسع في جلسة تعقد الاثنين المقبل في مقر الرئاسة الثانية، في عين التينة.
فهل ينجح بري – وفق المصادر ذاتها – في أن يعيدهما الى الحوار، وهو الأقدر على تدوير الزوايا، في محاولة منه لخفض التوتر بينهما، على أن يتعامل مع تبادلهما للحملات الإعلامية والسياسية وكأنه قوة ضغط لتعويم الحكومة لئلا تتحول دستورياً الى حكومة لتصريف الأعمال بعد أن أصبحت في هذا الوضع من الزاوية السياسية؟… مع أن نصر الله أراد من خلال دفاعه المضاد رداً على اتهامات «المستقبل» أن يخاطب جمهوره ويقول له إنه ليس محرجاً أو مضطراً للدفاع عن النفس في وجه حملات «المستقبل».