اعلن رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته تنازله عن الدعوى التي اقامها أمام المحكمة الاتحادية للطعن في عدم تكليفه برئاسة الحكومة الجديدة ويؤكد دعمه للمكلف حيدر العبادي.
وتنازل المالكي في خطاب مسجل بثته قناة العراقية شبه الرسمية عن دعواه المقامة امام المحكمة الاتحادية.
وأكد المالكي “أن الشعب انتخبه وانه لا يتنازل عن حقه الدستوري ولكن خطوته هذه هي حفظا للدماء وللعملية السياسية.”
وأكد ايضا “أنه سيكون داعما وعضدا “لاخيه” حيدر العبادي،” و “أن القوة ليست أسلوبا” على حد تعبيره.
وقال “إننا زعماء للعملية السياسية ولست متشبثا بالسلطة.”
وكان نائب عن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي قد قال لبي بي سي صباح الخميس إن حلا للخلاف بشأن رئاسة الوزراء بات وشيكا وتوقع أن يعلن هذا الحل اليوم او غدا.
وكانت وكالة فرانس برس قد نقلت عن علي الموسوي الناطق باسم المالكي قوله إن “المالكي سيسحب الدعوى التي تقدم بها ضد رئيس الجمهورية وسيدعم رئيس الوزراء المكلف.”
وكان المالكي يصر على “حقه” في تشكيل الحكومة الجديدة كونه رئيس الكتلة الاكبر في البرلمان.
وكان الرئيس فؤاد معصوم قد كلف الاثنين الماضي حيدر العبادي – وهو قيادي في حزب الدعوة الذي ينتمي اليه المالكي – بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وهي خطوة وصفها المالكي بأنها تمثل تجاوزا للدستور.
الا ان الولايات المتحدة وايران عبرتا عن دعمهما للعبادي، كما اصدر المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني كتابا المح فيه الى ضرورة تنحي المالكي.
وكان الرئيس الامريكي باراك اوباما قد اعلن تأييده لرئيس الوزراء المكلف العبادي.
وقال الرئيس الامريكي “ما زالت امامه (العبادي) مهمة شاقة تلخص في تشكيل حكومة، ولكننا متفائلون الى حد ما بأن الامور تجري في الاتجاه الصحيح.”
كما اثنى الرئيس اوباما على القوات الامريكية التي شاركت في العمليات الاخيرة في شمال العراق التي قال إنها ساعدت عشرات الآلاف من النازحين الهاربين من مسلحي تنظيم “الدولة الاسلامية.”
واضاف ان القوات العراقية والكردية التي تحارب التنظيم ستستمر في تسلم الدعم الامريكي.
ثناء
وفي وقت لاحق، اثنى ممثل الامم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف قرار المالكي التنازل عن السلطة والتخلي عن موقفه المتعنت السابق واصفا القرار بأنه “نقطة تحول تاريخية.”
وقال ملادينوف في تصريح “إن قرار السيد المالكي بالسماح بالمضي قدما في تشكيل حكومة جديدة دون ابطاء يبرهن على انه رجل دولة يؤمن بالدستور والعملية الديمقراطية.”
واضاف “وسيتيح القرار الوصول الى نقطة تحول تاريخية اخرى، تتلخص في الانتقال السلمي للسلطة في بلد شهد الكثير من العنف وسفك الدماء.”
واثنى البيت الابيض الامريكي بدوره على قرار المالكي التخلي عن سعيه للفوز بفترة ولاية ثالثة ودعم رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي.
وقالت سوزان رايس مستشارة الرئيس اوباما للأمن القومي في بيان “اليوم، خطا العراقيون خطوة كبيرة نحو اعادة توحيد بلادهم، ونحن نثني على نوري المالكي لقراره دعم رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي في جهوده الهادفة الى تشكيل حكومة عراقية جديدة تماشيا مع الدستور.”
وقالت رايس إن الادارة الامريكية، التي ضاقت ذرعا من المالكي منذ فترة طويلة، قد احيطت علما بدعم العديد من الساسة العراقيين للعبادي، مضيفة ان العديد من الدول الاخرى عبرت عن دعمها ايضا.
وقالت “هذه تطورات مشجعة نأمل ان تضع العراق على طريق جديد وتوحد شعبه ضد الخطر الذي يمثله تنظيم “الدولة الاسلامية”. إن الولايات المتحدة ستواصل التزامها بالشراكة الوثيقة مع العراق والشعب العراقي.”
“مجموعة دعم”
من جانب آخر، قال مسؤول في الاتحاد الاوروبي إن الاتحاد يأمل في تشكيل “مجموعة دعم” تضم دول شرق أوسطية بما فيها إيران لمساعدة العراق على مواجهة تهديد مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية”، حسبما افاد مسؤول بارز في الاتحاد الاوروبي يوم الخميس.
وأضاف المسؤول الذي اشترط عدم ذكر اسمه ان وزراء خارجية الدول الاعضاء في الاتحاد الأوروبي سيعقدون محادثات طارئة بشأن أزمة العراق في بروكسل يوم الجمعة وسيبحثون كيف “يمكنهم (بالتعاون) مع دول المنطقة تشكيل مجموعة دعم بهيئة ما من أجل العراق.”
وأشار إلى أن المجموعة قد تضم السعودية ودول خليجية أخرى والأردن ولبنان وتركيا ومصر وإيران ودول اخرى.
وقال المسؤول “من المهم حشد الجميع ضد الدولة الإسلامية لانه يجب ألا ينظر إلى الأمر على انه مواجهة بين الدول الغربية والدولة الإسلامية. يجب ان تكون بكل وضوح مواجهة بين الدولة الإسلامية وكل دول المنطقة.”
ويهدف الاتحاد الأوروبي إلى تبادل المعلومات بشأن تنظيم الدولة الإسلامية بما في ذلك تمويله و”معرفة ما اذا كان في وسعنا جميعا المضي قدما ومحاولة ايجاد وسيلة ليس لوقف الهجوم الحالي لتنظيم الدولة الإسلامية بل لمحاولة صده أيضا.”
ولم يذكر المسؤول أي تفاصيل عن الكيفية التي سيتم من خلالها صد مقاتلي الدولة الإسلامية لكن لا توجد رغبة تذكر بين حكومات الاتحاد الأوروبي للانضمام إلى الولايات المتحدة في شن ضربات عسكرية ضد المتشددين.
وكان للتقدم السريع الذي حققه تنظيم “الدولة الاسلامية” في شمال العراق قد ادى الى التقاء نادر في المصالح بين الغرب وايران التي تخشى تمدد المسلحين السنة المتشددين في العراق وسوريا.
وقال المسؤول الاوروبي، ملمحا الى قيامه باحتلال السدود وآبار النفط، ان تنظيم “الدولة الاسلامية” ربما يمر بمرحلة استحالة من تنظيم ارهابي الى كيان اكثر تعقيدا.
وقال إن هذا الكيان الجديد “سيكون نموذجا جديدا لتنظيم يستطيع اداء دور مجموعة ارهابية ولكن يستطيع في الوقت ذاته ان يمسك بالارض وتأسيس دولة خاصة به.”
واضاف “وهذا احد الاسباب الذي يجعل من الضروري لنا بحث الموضوع مع دول المنطقة من اجل التوصل الى موقف موحد ازاء هذه الظاهرة.”
“تمويل ذاتي”
من جانب آخر، نقلت وكالة رويترز عن مسؤولين استخباريين امريكيين قولهم إن مسلحي تنظيم “الدولة الاسلامية” في العراق يقومون ببيع النفط من الحقول والمصافي التي يسيطرون عليها للسكان المحليين والمهربين بما يسمح لهم بتعزيز مواردهم المالية الغنية اصلا.
وقال هؤلاء إن جزءا على الاقل من هذه النفوط تستخدم لتجهيز محطة لتوليد الطاقة الكهربائية استولى عليها المسلحون.
وقال المسؤولون الذين اشترطوا عدم ذكر اسماءهم إن المسلحين الذين استولوا على المصارف ونهبوا المساكن والمصالح التجارية في المدن التي سيطروا عليها اصبح لديهم الآن “مئات الملايين من الدولارات” ليتصرفوا بها.
وقال احد المسؤولين الاستخباريين إن “التنظيم ممول ذاتيا الآن بشكل كبير”، ولكن ما زال عليه دفع اجور مسلحيه والانفاق على الخدمات العامة في المناطق التي يسيطر عليها.
وتوقع المسؤولون ان يأتي اليوم الذي يعجز فيه التنظيم عن الوفاء بالتزاماته المالية خاصة اذا استمر في احتلال المزيد من الاراضي.