أبٌ لاثني عشر بريئاً

بقلم وهيب الحلبي

تبّاً لك أيها الموت! فبرغم أنك مفهوم ضمناً، إلا أنك في كل مرة تفاجئنا وتفجعنا! ولكن، هذه المرة بات الحزن أكبر من وسع صدورنا.

بعد مضي أربعين يوماً على فاجعة الحرب، وبعد أن انقشع غبار الحزن، ما زالت أصوات أطفال بريئين وحالمين يلعبون كرة القدم تتردد في آذاننا: ” مرِّر!”، “سدِّد!”، “يا الله! كانت قريبة جداً، مرّت بجانب القائم”. أما في 27/7/2024، هذه المرة لم تكن قريبة، فَكُرَة النار دخلت شِباك مشاعر أمهات وآباء، فأحرقتها. فسمعناها مراراً: “حرقت قلبي يا إمي!”، ” حرقت قلبي يا بيي!”.

اثنا عشر طفلاً حلموا بالنجومية فنالوها، نجوم في السماء تشعّ صورهم بوجوههم المبتسمة في كل مكان. أسماؤهم تُعزَف في حناجر أحبائهم.
اثنا عشر طفلاً هم الوفد المفاوض الصامت للسلام في السماء، سمع بصوتهم المخفي عرّاب الإنسانية أثناء نومه العميق. وفي اليوم الواحد والأربعين قرر أيمن أبو جبل أن ينضم للوفد ويفاوض معهم من أجل السلام على الأرض، وسط حشود الملائكة والأنقياء. قرر أيمن أن يكون الأب الروحي لأطفال فقدوا عائلاتهم، علّه ينسيهم غياب أحبائهم. فضحى بنفسه من أجل بلده وبيته. لأنه كان يرى بنفسه صديقاً وأخاً وأباً لكل أفراد مجتمعه.
أيمن، الذي إذا قلن عته صاحب إمبراطورية الأخلاق كان سيغضب، لأنه لم يؤمن ولم يحبّ مبدأ القوة والاستبداد.
وإذا قلنا أيمن صاحب قصر التواضع، كان سيغضب أيضاً لأنه غير محبّ للطبقية وللتعالي.
أيمن الفارس النبيل بلا سيف؛ أيمن المدافع عن حقوق الإنسانية دون أن يحمل شهادIة محاماة. فرصيد هذا الفارس كان قلمه، عدسته، فكره، محبته وابتسامته.
فهنيئا لنا وشكراً لكَ أيمن الصديق على ما خلّفته لنا: بشار، ديار، عشتار ورفيقة دربك سماح. وهنيئاً لك باثني عشر طفلاً. محبتنا وسلامنا لكم. فنحن ننتظر أصداء رسالتكم على الأرض بشغف وشوق.

+ -
.