توصل العلماء إلى أفضل رؤية لهم على الإطلاق بشأن حالة الصفائح الجليدية الكبيرة التي تطفو فوق البحر إذ أنهم توصلوا إلى معلومات تفيد بأنها تذوب بوتيرة متسارعة.
واستعان الباحث فيرناندو باولو وزملاؤه ببيانات عمرها 18 عاما من أقمار صناعية رادارية أوروبية للتوصل إلى هذا التقييم.
وفي النصف الأول من هذه الفترة، بلغ إجمالي معدلات الذوبان لهذه الألسنة من الجليد التي تبرز من القارة 25 كيلومترا مكعبا سنويا.
لكن بحلول النصف الثاني، زادت كمية الذوبان بصورة كبيرة لتصل إلى 310 كيلومترات مكعبة سنويا.
وقال باولو وهو باحث في معهد سكريبس لعلوم المحيطات في سان دييغو بالولايات المتحدة لبي بي سي: “خلال العقد الذي سبق عام 2003، لم يحدث تغير كبير في حجم الجرف الجليدي. (لكن) منذ ذلك الحين كان حجم الذوبان كبيرا”.
وأوضح أن “الصفائح الجليدية الغربية تشهد ذوبانا مستمرا منذ عقدين، والزيادة في كميات الثلوج التي اكتسبتها سابقا في الصفائح الجليدية الشرقية بدأت تتوقف في العقد الأخير”.
ونشر هذا البحث الذي استخدمت فيه الأقمار الصناعية في مجلة “ساينس” العلمية. وتمثل هذه الدراسة خطوة متقدمة من الدراسات السابقة، التي قدمت فقط معلومات مقتضية حول سلوك الكتلة الجليدية في القطب الجنوبي.
وجمع فريق باولو في البحث الأخير بيانات من ثلاث بعثات مدارية متتالية لقياس الارتفاع تديرها وكالة الفضاء الأوروبية.
تدفق أسرع
وتظهر النتائج قيمة السلسلة الزمنية للمعلومات المستمرة وطويلة المدى.
والعديد من الصفائح الجليدية للقارة القطبية الجنوبية ضخم الحجم، فجرف “روس” الجليدي يعادل حجم فرنسا.
وإذا كانت معدلات ذوبان الجليد تعادل زيادة نسبتها على الأرض من خلال هطول الثلوج، فإن هذه العملية الطبيعية تماما لن تحدث أي تغيير في مستويات مياه البحر، لكن إذا أدى الذوبان إلى الكتلة الجليدية بصورة كبيرة تسمح بتدفق الجليد الأرضي بصورة أسرع باتجاه البحر، فإن هذا سيحدث خللا في النظام. وتظهر الملاحظات المستمرة حاليا أن هذه هي الحالة القائمة في أنحاء معظم الأجزاء الغربية من القارة القطبية الجنوبية.
وقالت هيلين اماندا فريكر التي شاركت في البحث إنه “إذا استمر الذوبان بالمعدلات التي أعلناها، فإن بعض الصفائح الجليدية في غرب القارة القطبية الجنوبية والتي رصدناها ستختفي بنهاية هذا القرن”.
وأضافت خلال حديثها في أحد برامج بي بي سي: “بعض من هذه الصفائح الجليدية تحول دون ارتفاع مستويات البحر بواقع متر إلى ثلاثة أمتار في الجليد الأرضي، وهذا يعني أنه في نهاية المطاف فإن هذا الجليد سيندفع إلى المحيطات، وسنشهد ارتفاعا في مستويات مياه البحر على مستوى العالم على هذا الترتيب”.
ويعتقد أن هذا الذوبان في الغالب نتيجة لارتفاع درجة حرارة المياه أسفل الجليد العائم على حواف القارة القطبية الجنوبية، وهو ما يؤدي إلى الذوبان من أسفل.
لكن العلماء لم يتوصلوا بعد لفهم كبير للعوامل الدقيقة التي تقف وراء هذا الذوبان وحجمها، وحتى يتوصل العلماء لفهم أفضل لبعض من هذه العوامل، فإن قدرتهم على التنبؤ بالتغييرات المستقبلية للكتل الجليدية في القارة القطبية الجنوبية ستظل محدودة.