أرفض الانتخابات لأنّها خطوة من خطوات، ولأنّها انتحار على المدى القريب والبعيد – عمر حلبي

Rai

*تنويه: لا يحوي هذا المنشور على أيّ مواد تاريخية، بل هو مزج بين رأي شخصي وبين الحقيقة من وجهة نظر أحد الرواة.

لقد بدأ الاضراب الكبير بالجولان عند ذروة أيّام الشّتاء القاسية من العام 1982، ولقد فُرض الحصار على جميع السّكان فيما بينهم رعاة الأغنام.
كان الحصار بالنّسبة للرّعاة قاتلًا، فعدم خروج القطيع إلى المرعى يعني أنّ النّتائج ستكون وخيمة. فمخازن العلف في تلك السّنة كانت فارغة، ولا غذاء للماشية سوى عشب الجبال.
لم يحاول الرّعاة الخروج إلى المرعى في ساعات الصّباح خوفًا من الجنود، فكلّ من تمّ القبض عليه أُلزم بالجنسيّة الإسرائيليّة. وتفاديا لهذا الموقف الكارثيّ، اضطرّوا إلى الخروج للمرعى ليلًا.
كانت هذه المهمّة الصّارمة من نصيب الفتية والشّبان الّذين يستطيعون تحمّل قسوة الظروف، أمّا الشّيوخ فكانوا ينتظرون في منازلهم المغلقة، كلّ ليلة، بقلق شديد حتى عودة الأبناء والقطعان سالمين.
مرّت الشّهور وحياة الرّعاة تتلخّص بمهمّتين أساسيّتين؛ الأولى أن لا يموت القطيع والثّانية أن لا يموت الضّمير.

بعد انتهاء أشهر الإضراب السّتّة، لم يجد أحد من هؤلاء اسمه مكتوبًا على الوثيقة الوطنيّة، ولم يدعوهم أحد لإلقاء الخطابات الرّنّانة عبر مكبّرات الصّوت، ولم يصل إليهم شيئًا من أموال المعونات التي وصلت، لكنهم لم يكترثوا لذلك أبدًا، فهم فعلوا ما فعلوه دون أن يسألوا عن المقابل، لقد فعلوها بالفطرة والحدس!  فكما يميّز الراعي برق الخُلَّبِ عن الغيم الماطر، يميّز الحق عن الباطل.

ونحن اليوم أمام حدث لا يقلّ أهميّة عن أحداث عام 1982، لكنّ الفرق بين اليوم والأمس أن حدث اليوم ناعم الملمس خبيث النوايا، وعلى المرء أن يختار الدّرب الّتي يريد أن يكمل المسير فيها، فالعالم لن ينتهي غدًا وزرع اليوم هو حصاد الأمس.

فأنا أرفض الانتخابات ليس من أجل أحد، ولا أتبنى أي شعارات كبيرة وطنانة. أرفضها لأنّها لا تريحني. لأنها غير مجدية ولن تجلب سوى الشّقاق والضغينة، وقرانا المعزولة لن يتغيّر حالها طالما نحن محكومون بهذا الشكل.

أرفض الانتخابات طالما بقيت فينا الذّكوريّة والقبائليّة والعنصريّة الهوجاء.
أرفض الانتخابات طالما يقف الرجل منكم كماردٍ أمام زوجته وبناته وكلُكعٍ أمام الغزاة.
أرفض الانتخابات لأنّها خطوة من خطوات، ولأنّها انتحار على المدى القريب والبعيد.
أرفض الانتخابات لأنّ الجولان لا يساوي شيئًا بلا عناد الرعاة وبأسهم.

ــــــــــــ
الوثيقة الوطنية: قصاصة ورق تعهّد الوجهاء فيها بأن يبقوا أوفياء للوطن.
البرق الخلّب: السحاب الذي لا مطر فيه.
لُكع: الأحمق أو اللئيم.

تعليقات

  1. نفرت احدى العنزات من القطيع في غفلة من الراعي ..تحت جنح الضباب ووشوشات العتمة.. يممت شطر قمة الجبل معنوياتها الوطنية في السماء السابعة…وهناك لحق بها ثلاثة تيوس من اوادم القطيع لاعادتها…لم تحفل بهم نظرا لوطنيتهم.. النايصة.. واكملت الدرب ردد الوادي صدى الصوت وهي تقول لن اسلم على نعاج الجامعة العربية…لا لالءات الخرطوم.لن ازور انطاليا لئلا يتهموني بدم الخاشقجي….وفجاة جاءت عنزة غجرية مكحولة العينين..تحت ابطها زجاجة مشروب روسي النشاة دارت الكاس وحمي الوطيس ولكشتني في وطنيتي وقالت…اخبرني تيس هرم مخضرم الحكمة بانه سيصل الجولان الى المشمر والمقشمر وتنتعش البهورات بين المعارضة والموالاة… وستلقون بنا منتخبين منتحبين. وستصبحون ممزقين عائليا وقرويا ..بكت العنزة الجولانية واذا هي في المنام وتمنت ان لا يعود هكذا كابوس،،،قل لي من تنتخب اقل لك من انت،،،،،،

  2. قال مدير صندوق الانتخابات لهذا الراعي الاشم،، عندك شي كاسة حليب ماعز..فاجابه ساحاول ان احلب لجنابك تيسا…لكن اعطني رقمك ع عجل….للطوارئ

  3. كل الاحترام اخ عمر ان ما كتب في هذا المقال يعبر عن ما في خاطري باحلا وصف وباجمل الكلمات، شكرا لك .

التعليقات مغلقة.

+ -
.