هبطت أسعار السفر السياحي إلى أوروبا هذا العام للزوار من خارج أوروبا بنسب تتراوح بين 15 و20 في المائة، وذلك مقارنة بأسعار العام الماضي بفضل تراجع قيمة اليورو إزاء الدولار والجنيه الإسترليني. وتعد الأسعار الأوروبية الحالية الأرخص منذ عام 2008 الذي وقعت فيه الأزمة الائتمانية. وتوفر الأسعار الأوروبية الرخيصة فرص تسوق وسياحة غير مسبوقة إلى أوروبا الرخيصة.
وتنعكس الأسعار الرخيصة على الإقامة في الفنادق والفلل السياحية وعلى المشتريات وتكاليف الإقامة الأخرى في المطاعم والمواصلات. وتشير إحصاءات أوروبية إلى تراجع الأسعار بنسب متفاوتة بين الدول الأوروبية المختلفة على الرغم من مشاركتها في عملة واحدة، وكان الانخفاض في تكاليف الإقامة بنسب أكبر في إيطاليا وإسبانيا، بينما تراجعت أسعار الوجبات الغذائية بنسب أعلى في اليونان وكرواتيا.
وتعود أسباب تراجع قيمة اليورو إلى سياسة التسهيل الكمي التي يتبعها البنك المركزي الأوروبي بضخ مزيد من أوراق العملة إلى الأسواق لزيادة السيولة، وتخفيف حالة التقشف التي ظلت أوروبا تعاني منها لعدة سنوات. كذلك علق محافظ البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي أن نسب النمو الاقتصادي المتوقعة في أوروبا هذا العام سوف تكون ضعيفة. ووعد دراغي بضخ مزيد من السيولة في الأسواق إذا ما اقتضى الأمر.
ومع بداية موسم التحضير والاستعداد للعطلات الصيفية يؤكد خبراء السياحة أن الحجز المسبق الآن لعطلات الصيف أو التسوق في أوروبا من شأنها أن توضح مدى الادخار الممكن تحقيقه بالمقارنة مع تكاليف السنوات الماضية. وتشير إحصاءات شركات السياحة إلى أن الربيع الحالي يشهد فترة حجز مزدحمة للسفر إلى أوروبا للاستفادة من تراجع عملتها الموحدة.
ومن النماذج التي تشهدها السوق حاليا فيلا في إقليم روسيلون في فرنسا يبلغ إيجارها الأسبوعي 1395 يورو، تراجع إيجارها هذا الموسم إلى 1195 يورو. كذلك توجد فيلا في توسكاني في إيطاليا يمكنها استيعاب 16 شخصا يبلغ إيجارها الآن 5700 يورو في الأسبوع، وهو سعر أرخص بنحو 500 دولار عما كانت عليه في العام الماضي بحساب فوارق العملة.
ويستمر تراجع الأسعار الأوروبي إلى درجة أن بعض الفلل السياحية تقل في أسعارها الآن عما كانت عليه منذ أسابيع قليلة بفضل استمرار تراجع اليورو. وتظهر أهمية تراجع اليورو عند الدفع بالدولار أو بالجنيه الإسترليني.
ما أفضل الوجهات السياحية في أوروبا من حيث القيمة حاليا؟
الخبير السياحي آندرو بروان يقول إن «أرخص الوجهات السياحية من حيث الإقامة حاليا هي مناطق الغارف البرتغالية وكوستا ديل سول الإسبانية، ولكن تراجع أسعار الطعام يجعل من وجهات أخرى مثل قبرص وكريت مناطق عالية القيمة أيضا».
وينصح خبير آخر هو نيكولاس تريند بعدم الانتظار لتوقع مزيد من الانخفاض في قيمة العملة الأوروبية، فالمسافر الذي يعثر على الموقع المناسب له بالسعر المناسب يجب عليه الحجز فورا؛ لأن المسألة في بداية الصيف قد لا تتعلق بالأسعار وإنما بصعوبة إيجاد مواقع شاغرة.
وهنالك كثير من المدن مصنفة أنها أفضل المدن الأوروبية للتسوق. وتكتسب هذه المدن أهمية إضافية من تراجع قيمة اليورو إزاء العملات الدولية. وأهم هذه المدن وفقا لتصنيف دليل السياحة والسفر «فودور» هي:
– ميلانو: ثاني أكبر مدينة إيطالية، حيث تعد العاصمة الاقتصادية للبلاد وتقع في منتصف مقاطعة لومباردي. وتضم المدينة دار أوبرا مشهورة، وتعد أهم مركز إيطالي للتصميم والموضة، وهي من أفضل مدن التسوق الأوروبية وتضم أيضا أعظم لوحات الرسام الكلاسيكي ليوناردو دافنشي، كما أنها مدينة تجارية من الطراز الأول ومركز مواصلات واتصالات حيوي في إيطاليا بأكبر المطارات الدولية في إيطاليا وأفضل نظام مترو أنفاق أيضا، وهي مدينة تعكس الحضارة الأوروبية وعصر النهضة أكثر منها للتراث الإيطالي.
– فلورنسا: مدينة زهرة الزنبق (ليلي) ومنها ولد عصر النهضة وإليها ذهب الرحالة والسياح عبر العصور يبحثون عن الفن والجمال. وتشتهر بتعدد قصورها وبشوارع عتيقة لم يتغير فيها التاريخ عبر أكثر من سبعة قرون. تزدحم شوارع المدينة بالسياح طوال شهور العام. واكتشف السياح الأثرياء فلورنسا في القرن السادس عشر، واليوم يزور المدينة ملايين السياح من كل مكان. وصفها الكاتب العالمي مارك توين بأنها مدينة الأحلام والألوان. وتضم المدينة بعض أعمال الفنان مايكل أنجلو، كما تضم كثيرا من الميادين التي تعكس أسلوب المدينة في المزج بين الفن والحياة.
– روما: عاصمة إيطاليا التي يمتد تاريخها الروماني إلى 2500 عام. وتعد بمثابة متحف حي لهذا التاريخ الذي ما زال ينبض في مختلف أحيائها. ولكن روما لا تعتمد فقط على تاريخها القديم، وإنما تعيش أحلام العصر الحديث أيضا بنشاط سياحي يجمع بين زيارة معالم المدينة وبين التسوق في متاجرها. ويمكن قضاء أيام ممتعة في روما، فقد تكون أحلى الذكريات فيها مجرد الجلوس في مقهى أو التجول في أحد ميادينها.
– أنتويرب: ثاني أكبر ميناء أوروبي ومن أكثر مدن أوروبا نشاطا، وهي مدينة تشتهر بصناعة الماس وبتصميم الأزياء، وخرج منها كبار الفنانين المشاهير. وفي عصرها الذهبي كانت المدينة بشهرة باريس في التأثير الأوروبي. ومن أشهر فنانيها روبنز وفان دايك وغوردينز. وتاريخيا كانت أنتويرب مدينة الطباعة في أوروبا، وما زالت عاصمة الماس في العالم. والرحلة إلى المدينة تنتهي في العادة في مراكزها التجارية لشراء الجواهر والأزياء، ومعظمها من أنواع باهظة الثمن.
– باريس: من أجمل مدن العالم ومن أشهر مدن السياحة في العالم. ويأتي إليها السياح للاستمتاع بمعالمها السياحية مثل برج إيفل وقوس النصر وجادة الشانزليزيه، وهي أيضا ثرية بثقافتها وتراثها وخطوط الأزياء والموضة والعطور التي تصدرها إلى العالم. والزائر إلى باريس عليه أن يشمل في زيارته معالمها السياحية، وأن يتسوق في الشانزليزيه، وأن يتذوق وجباتها التي تعد الأفضل أوروبيا، وأخيرا عليه الاستمتاع بمتاحفها ومشاهدها الطبيعية ونهرها الهادئ.
– بروكسل: قلب أوروبا سياسيا واقتصاديا منذ اختيارها مقرا للاتحاد الأوروبي ومن قبله للسوق الأوروبية المشتركة. هي مدينة تجارية قديمة اشتهرت بحيادها السياسي، كما تعد الآن مقرا لكثير من الشركات التي تعمل في أوروبا، وتريد أن تكون قريبة من مراكز صنع القرارات فيها. كما أنها بوتقة تجمع بين القديم والجديد من مكاتب زجاجية حديثة بجوار شوارع تقليدية مرصوفة بالأحجار. وبفضل موقعها ووجود المؤسسات الأوروبية فيها، فهي أيضا مدينة متعددة الأعراق، حيث ثلث تعدادها المليوني من غير البلجيكيين. ويمكن سماع كثير من اللغات في شوارع المدينة. وتوفر بروكسل فرصة قضاء عدة أيام بين التسوق والتجول في شوارعها وأحيائها.
– كان: قلب الريفييرا الفرنسية ومدينة السياحة والتسوق الصيفية التي يأتي إليها الزوار من كل أنحاء العالم. ومن المدينة يمكن استكشاف الساحل الفرنسي الجنوبي والتمتع بمزايا المدن القريبة مثل نيس ومونت كارلو. وتستعد المدينة سنويا لاستضافة مهرجان كان السينمائي الدولي في بدايات الصيف من كل عام، وهي مدينة مفضلة للسياح من خارج أوروبا خصوصا في فصل الصيف، كما أنها نشطة سياحيا في فصل الشتاء أيضا بفضل مناخها المعتدل. وتعتمد المدينة اقتصاديا على السياحة والمعارض والتجارة والطيران، وبها مركز لصناعة الأقمار الاصطناعية، وأيضا متاحف فنية وتاريخية وكثير من القصور الساحلية، وتقع بالقرب منها كثير من الجزر وأشهرها سان مارغريت التي اشتهرت بسجن الرجل ذي القناع الحديدي، وجزيرة سان أونورات التي يسكنها بعض الرهبان.
شرق أوروبا
الآن هو الوقت المناسب أيضا لاستكشاف كثير من مدن أوروبا الشرقية حتى من الدول التي لم تدخل منطقة اليورو بعد. وحسب تصنيف موقع «برايس أوف يوروب» فإن أفضل المدن الأوروبية من حيث التكلفة في الوقت الحاضر هي:
– بوخارست، رومانيا: وتتكلف الإقامة في فندق مستوى 3 نجوم نحو 50 دولارا في اليوم. وتوجد في بوخارست كثير من القصور والمتاحف والأسواق المحلية التي يمكن قضاء بضعة أيام فيها بأقل التكاليف.
– صوفيا، بلغاريا: مماثلة في التكلفة من حيث الإقامة، وتجمع بين الجمال الطبيعي والعمران المبهر، وهي واحدة من أقدم المدن الأوروبية، وبها شوارع مرصوفة بالأحجار، وتنتشر في أرجائها المقاهي خصوصا في فصل الصيف.
– كييف، أوكرانيا: بعيدة نسبيا عن مناطق الصراع العسكري في شرق أوكرانيا، وما زالت تقدم الضيافة وكثيرا من المواقع التراثية العالمية لزوارها. ولا تزال تكاليف الإقامة في كييف تقل عن 50 دولارا يوميا.
– سراييفو، بوسنيا: منطقة لقاء الشرق بالغرب في أوروبا في مناخ بعيد تماما عن الحرب الأهلية التي عصفت بيوغوسلافيا السابقة قبل أكثر من عشر سنوات، وقد أعيد بناء المدينة وسط منطقة خضراء تعج بالأشجار والبحيرات تضمن قضاء فترة نهاية الأسبوع في مناخ ساحر بتكاليف لا تزيد على 50 دولارا في اليوم.
– بودابست، المجر: أفضل مواقعها يبعد عن المناطق المألوفة للسياح، ولا تزيد تكاليف يوم الإقامة الواحد فيها على 52 دولارا. وتنتشر في بودابست المطاعم والمقاهي الشعبية وكثير من المواقع السياحية الأخرى التي تستحق الاستكشاف.
– كراكاو، بولندا: واحدة من أرخص المدن الأوروبية التي يمكن الاستمتاع بها بأقل التكاليف وبإقامة لا تزيد على 53 دولارا يوميا، كما أنها تستضيف كثيرا من المعالم القديمة المصنفة تراثيا من منظمة اليونيسكو، وتضم أضخم ميدان عام يعمل كأنه سوق حية وقصر يقع على قمة التل الذي يطل على المدينة.
– بلغراد، صربيا: تتميز بجودة مستوى الإقامة على الرغم من بقاء التكلفة أقل من 55 دولارا يوميا، وتتميز بلغراد بعمارة متنوعة ما بين الأسلوبين البيزنطي والآرت نوفو، وهي تجمع ما بين المدينة الصاخبة والميناء الهادئ والنهر الذي يمكن قضاء يوم على زورق فيه. وتوفر المدينة التنوع وأسلوب المعيشة الهادئ.
– سبليت، كرواتيا: مدينة سياحية ذات ثقافة محلية عميقة، وتعبر عن أسلوب الحياة في كرواتيا بتكاليف إقامة يومية لا تزيد على 64 دولارا، وهي مدينة ساحلية يمكن منها استكشاف كثير من الجزر القريبة، وتشتهر بين الشباب الأوروبي خصوصا في فصل الصيف.