أفول النجم المتألق
شعر سليمان سمارة
ذكرى الشاعر الكبير المرحوم سميح القاسم
أظلم الليل فاستفاقت جروح | |
نازفات بين الضلوع صروح | |
خيّم الحزن في العروبة جمعاً | |
فاكتوت بالأسى ذرىً وسفوح | |
أجهشت بالبكاء خضر الأماني | |
نادباتٍ ملوعاتٍ تنوح | |
وجرى الدمع من عيون القوافي | |
إذ تداعى برج القريض سميح | |
فهو بيت القصيد في روضة الشعر | |
وحسّونها الجميل الصدوح | |
*** | |
أي صوت عمّ الدنى يا سميح؟ | |
أم هتاف من الجنان يصيح؟ | |
بل هو الشعر صحبة العطر يغدو | |
ومع الطيب والأريج يروح | |
أفل النجم في خضم الدياجي | |
وتوارى ذلك المحيا الصبيح | |
أرياضٌ تخللتها عواتٍ؟ | |
أم مروج هبّت عليها لفوح؟ | |
أملٌ ضائع وخطب عظيم | |
وفراقٌ مرّ وجفن قريح | |
*** | |
يابن أرض الجليل يا صرح يمنٍ | |
والميامين في الجليل صروح | |
وكريم الخصال نفساً وخلقاً | |
جسدٌ ملؤه النقاء وروح | |
فارس الشعر تفتديك المغاني | |
والمروءات والعلا والطموح | |
وبنات الضاد الملاح اللواتي | |
أنت مأمولها الرشيق المليح | |
يا مثال الإبداع شعراً أصيلاً | |
فيه سبك الحلى وفيه الوضوح | |
أدبٌ ساحر البيان رفيعٌ | |
طيب المجتنى بليغ فصيح | |
من لقاح الأفكار عبر قرونٍ | |
يتجلّى في شعرك التلقيح | |
والثقافات، نهضةً وامتزاجاً، | |
لك فيها نماذج وشروح | |
فارس الساح عنفواناً وفكراً | |
وحياة الكفاح للحرّ سوح | |
أنت من قاوم الغزاة جهاراً | |
مثلما يفعل الجريء الصريح | |
في عقول الأفذاذ كل مجالٍ | |
والقوافي لها المجال الفسيح | |
*** | |
يا حليفَ النضال قولاً وفعلاً | |
اتجاهٌ حرٌّ ونهجٌ صحيح | |
أيها الثائر المقاوم غزواً | |
يملأ الجو صأيه والفحيح | |
يا أغر الجبين بين وجوهٍ | |
في تعابيرها الندى والسموح | |
إنما قيمة الأديب إباءٌ | |
وخيالٌ خصبٌ وعقلٌ رجيح | |
للأباة الأحرار من أي شعبٍ | |
قاعة المجد بابها مفتوح | |
تاج حرية الشعوب شهيد | |
يدخل الخلد وهو مدمًى ذبيح | |
وعروس النضال ثورة روح | |
هدأت عند ربها تستريح | |
*** | |
يا نصير المشردين انتخاءً | |
وانتصاراً للحق وهو كسيح | |
ينصر الحق في الورى عظماءٌ | |
حين يسبيه غاصب مستبيح | |
في فلسطين كنت نسمة خير | |
حيث يطغى الشرّ فيها جموح | |
يزأر الأسْدُ في الحمى لم يرعهم | |
اعتقال ولا دمٌ مسفوح | |
هكذا قمة الجهاد صمودٌ | |
ليس تثنيه رهبة ونزوح | |
هكذا ينبغي الكفاح سلامٌ | |
ينشر الأمن أو دماءٌ تسيح | |
حرّم القتل في البرية شرعاً | |
لكن الشرُّ قتله مسموح | |
*** | |
أيها الرمز أستميحك عذراً | |
ليس موت الرموز أمراً يريح | |
يا حبيب الجولان شعباً وأرضاً | |
أنت نعم الأخ الوفي النصوح | |
راحةٌ سمحةٌ وقلب عطوفٌ | |
وضميرٌ حيّ وطبعٌ سموح | |
نلت فيه مودّة واحتراماً | |
ومقاماً فوق العنان يلوح | |
أيها الرمز ما أجلّك قدراً! | |
بين أيدي الرموز يعيا الفصيح | |
قد يروح الغادي عن البال سهواً | |
والغوالي، إذا غدوا، لن يروحوا | |
فلدى ذكرك ابتسام الأقاحي | |
وعلى قبرك الرهام سيوح | |
يا حديث الأجيال عن رائع الشعر | |
جمالاً وقوة يا سميح |