ألمانيا على عتبة نموّ كبير سيؤثر إيجاباً في منطقة اليورو

مع صدور «تقرير الربيع» الاقتصادي لعدد من أهم معاهد البحوث الاقتصادية الألمانية، وتقرير آخر لصندوق النقد الدولي في اليومين الماضيين، تأكدت توقعات خبراء المال والاقتصاد الألمان الأخيرة، بأن اقتصاد ألمانيا يقف الآن على عتبة نمو مرموق سيؤثر إيجاباً في تعزز آفاق النمو لدول منطقة اليورو بعد سبع سنوات من الأزمة المالية الخانقة.

وأكد «تقرير الربيع» السنوي، أن الاقتصاد الألماني يعيش حالياً بفضل هبوط سعر النفط وضعف اليورو، مرحلة انتعاش قوية إثر انخفاض كلفة الإنتاج، وبالتالي أسعار المنتجات المصدرة إلى الخارج. لذلك، ضاعفت معاهد الاقتصاد الألمانية معدل النمو المنتظر هذه السنة من 1.2 إلى 2.1 في المئة، وتوقعت نمواً من 1.8 في المئة في 2016.

ولتوفير الإطار المالي المناسب لاستمرار النمو في السنوات المقبلة، اقترحت المعاهد على الحكومة إصلاح نظام الضرائب في البلاد وخفضها على أصحاب الدخل المتوسط والمنخفض، من أجل تعزيز الاستهلاك الداخلي والحفاظ عليه كمدماك أساسي للنمو. ولفت تقرير المعاهد إلى أن خزينة الدولة ستمتلئ مجدداً بفضل الضرائب العامة. أما صندوق النقد الدولي، فتوقع بدوره حصول نمو في ألمانيا بواقع 1.6 في المئة هذه السنة، وإن كان المعدل أقل مما يتوقعه الخبراء الألمان.

وكان مؤشر معهد البحوث الاقتصادية في ميونيخ «إيفو»، وهو أهم مؤشر اقتصادي في البلاد، أفاد بأن أجواء الشركات الألمانية في شهر آذار (مارس) المنصرم تحسّنت للشهر الخامس على التوالي، وواصلت الارتفاع من 106.8 إلى 107.9 نقطة. وسبق ذلك إعلان مركز بحوث الاقتصاد الأوروبي في مانهايم «زد إي في»، أن مؤشره لآفاق النمو في ألمانيا الذي يحتسبه شهرياً، تحسّن بدوره من 53 إلى 54.8 نقطة.

وفي منطقة اليورو، أعلن خبراء الاقتصاد التابعون للمفوضية الأوروبية آخر الشهر الماضي، أنهم فوجئوا بارتفاع أجواء مؤشر النمو «إي أس آي» في المنطقة بمقدار 1.6 إلى 103.9 نقطة، بعد أن انتظروا ارتفاعه إلى 103 نقاط فقط. وقالوا إن أجواء الشركات في دول اليورو الـ19، تحسنت بوضوح في مختلف القطاعات مثل تجارة القطعة، والاستهلاك، والخدمات، والصناعة والبناء.

وذكر كريس ويليامسون، كبير خبراء مؤسسة «ماركيت للبحوث»، أن استطلاعاً أجرته مؤسسته مع أربعة آلاف شركة صناعية وخدماتية في منطقة اليورو، أظهر ارتفاع مؤشر نمو الطلبات الشرائية بنسبة 0.8 إلى 54.1 نقطة، وهو الارتفاع الأعلى للمؤشر منذ أربع سنوات. وسجّل المراقبون تحسناً في أجواء إيطاليا في صورة خاصة، حيث توقع الخبراء تحقيق نمو لاقتصادها من 2.4 في المئة، وآخر لألمانيا من 1.8 في المئة، و1.7 في المئة لإسبانيا. وانسحبت الأجواء الإيجابية هذه، على البورصات الأوروبية فارتفعت قيمة الأسهم فيها.

ولفت التقرير الاقتصادي الشهري الصادر أخيراً عن غرفة التجارة والصناعة العربية – الألمانية في برلين، إلى أن «مجلس حكماء الاقتصاد الخمسة» المعين من الحكومة الألمانية لتقديم الدراسات والمشورة لها، سبق الجميع مطلع العام الحالي في توقع تحقيق نمو أعلى في البلاد، وضاعف تقريباً حجم النمو المنتظر هذه السنة من 1.0 إلى 1.8 في المئة.

وأضاف أن معهد بحوث الاقتصاد الكبير والنمو «إي أم كا»، كان بدوره أكثر ثقة بحركة النمو وينتظر نمواً من 2.2 في المئة هذه السنة، وكذلك في السنة المقبلة. وذكر مجلس الحكماء أن التراجع الكبير في أسعار النفط والمحروقات، انعكس إيجاباً على حركة الاستهلاك في ألمانيا، كما استفاد المصدرون الألمان من سعر اليورو المنخفض إزاء الدولار، لأنه مكّن دولاً عديدة من زيادة استيرادها من ألمانيا ومن دول منطقة اليورو. ورفع بذلك توقعه لمتوسط معدل النمو في دول اليورو هذا العام من 1.0 إلى 1.3 في المئة.

وأشار المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية «دي أي في» في برلين، إلى أنه من المنتظر أن يسجل النمو في البلاد في الربع الأول من هذا العام، 0.7 في المئة كما حصل في الربع الأخير من العام الفائت. وقال خبير المعهد سيمون يونكر، إن النمو المنتظر سيستند إلى الاستهلاك الداخلي الذي سيزداد في الربع المذكور، بفضل تراجع البطالة وارتفاع الأجور. وصرّح الخبير في مؤسسة بحوث السوق في نورنبيرغ رولف بوركل، بأن ميل المواطنين الى الاستهلاك عالٍ ويتماثل مع نسبة استعدادهم المسجلة عام 2001، ملاحظاً أن أزمة اليونان والخلاف حول بقائها في منطقة اليورو أو عدمه، «لم يعودا «يثيران الخوف في قلوب الناس ولا يصرفانهم عن الاستهلاك».

ويرى خبراء كثر هنا، أن التحسن الطارئ والمفاجئ في دول منطقة اليورو، سيزيد تفاؤل الشركات الألمانية في تنامي القدرة المالية لهذه الدول على الاستيراد منها، أكثر مما فعلته خلال السنوات الماضية بفعل أزمتها المالية. ومعروف أن صادرات ألمانيا إلى دول اليورو تراجعت بعد الأزمة المالية عام 2008 من 44.7 في المئة من مجمل صادراتها إلى الخارج إلى 36.6 في المئة عام 2014، أي بخسارة 8.1 في المئة تبعاً لما صرّح به المكتب الاتحادي للإحصاء المركزي في فيسبادن.

+ -
.