ألمانيا قلقة من تأثير العقوبات على روسيا في القطاعات الاقتصادية والمالية الأوروبية

قرع ممثلو الاقتصاد الألماني جرس الإنذار مجدداً للتحذير من الآثار المالية والاقتصادية السلبية على اقتصاد البلد ودول أوروبية أخرى الناتجة عن تنامي التوتر بين الغرب وروسيا على خلفية الأزمة الأوكرانية والعقوبات الاقتصادية التي فُرضت على موسكو وإمكان توسيعها.

وحذروا من أن مصير عشرات آلاف العمال الألمان مرهون بالعلاقات الاقتصادية مع روسيا، لافتين إلى أن 60 ألفاً من أصل 300 ألف ألماني يعيشون من التجارة مع هذا البلد خسروا عملهم حتى الآن. وقال رئيس هيئة الشرق في الاقتصاد الألماني إكهارد كوردس إن العامين الحالي والمقبل «سيكونان صعبين جداً»، مطالباً حكومته بالإبتعاد عن المواقف المنحازة، والعمل على دعوة طرفي النزاع إلى الجلوس حول طاولة مفاوضات للتوصل إلى حل للنزاع القائم. وحذر من أن الخطر «لا يكمن في خسارة روسيا كسوق تجارية فقط، بل كشريك أوروبي أيضاً».

ولفت كوردس إلى أن استطلاعاً أجري أخيراً بين الشركات الألمانية المتعاملة مع روسيا، أظهر أن نحو 75 في المئة من مسؤوليها أعربوا عن عدم اقتناعهم بجدوى العقوبات الغربية المفروضة على موسكو. وأشار إلى أن الصادرات الألمانية إلى السوق الروسية تراجعت حتى الآن بمعدل 20 في المئة تقريباً.

إلغاء وظائف

وفي استطلاع أجرته «غرفة التجارة الألمانية – الروسية» في ألمانيا بين أعضائها، أكد مسؤولو 30 في المئة من الشركات الألمانية أنهم يعتزمون خفض عدد العاملين لديهم في روسيا أيضاً. وفيما ذكر 75 في المئة من مسؤولي الشركات العضو في الغرفة أنهم سيتوقفون عن الاستثمار في أعمالهم هناك بسبب العقوبات المفروضة، ذكر 91 في المئة منهم أنهم ينتظرون مردوداً سلبياً هذه السنة. وأشار القائمون على الاستطلاع إلى أن أجواء الشركات المستطلَعة «كانت الأسوأ خلال السنين الـ 10 الماضية».

وعلى رغم مواصلة الحكومة الألمانية نهج التهديد بفرض عقوبات جديدة على موسكو في حال استمر نزاعها مع كييف، ألا أنها تأخذ مخاوف الاقتصاد الألماني على محمل الجد، وتسعى إلى التخفيف من وطأة العقوبات عبر تقديم عرض إلى الحكومة الروسية لإنشاء منطقة حرة وفضاء اقتصادي مشترك يمكّن الشركات الألمانية والروسية من متابعة التعامل بينهما. ورحّب كل من كوردس ورئيس «غرفة التجارة الألمانية – الروسية» راينر زيلِه بهذا العرض.

وأثنى زيلِه، الذي يرأس شركة «فينترسهال» الألمانية للنفط، على حكومته لقبولها أخيراً بهذا الاقتراح الذي سبق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن طرحه وحدّد له «فضاء يمتد من لشبونه إلى فلاديفوستوك».

ولفت إلى أن شركات غربية عديدة «تخشى من أن تدير روسيا ظهرها لأوروبا وتتجه نحو الصين» في حال استمرت العقوبات الاقتصادية الغربية عليها لفترة طويلة.

وأظهر استطلاع الغرفة المشتركة أن 78 في المئة من الشركات الألمانية أيد فكرة أن تصبح أوكرانيا جزءاً من الفضاء الاقتصادي الأوروبي و»الاتــحاد اليورو آسيوي» الذي تشكّل أخيراً بمبادرة من روسيا ويضم إليها روسيا البيضاء، وكازاخستان، وأرمينيا وقرغيزيا.

وحذر زيلِه من أن قطاعي صناعة الآلات الألمانية وصناعة السيارات تلقيا ضربة قاسية، مشدداً على أن كل الشركات المستطلعة أكدت «بقاءها وفيّة للسوق الروسية».

وأضاف أن «العقوبات الغربية أضرت كثيراً بالاقتصاد الروسي وأضعفت الروبل جداً، كما جاء انخفاض سعر النفط ليزيد الوطأة على موسكو، إضافة إلى توقف المصارف الروسية في شكل شبه كامل عن منح قروض للشركات الروسية».

استقرار مالي؟

إلى ذلك أوردت صحيفة «دي فيلت» الألمانية أخيراً أن الوضع المالي في روسيا، التي بدت وكأنها تقف على عتبة الإفلاس أواسط كانون الأول (ديسمبر) الماضي بسبب انهيار قيمة الروبل إزاء الدولار واليورو ومعه قيمة الأسهم في بورصة موسكو، عاد ليستتب من جديد. وأضافت أن «مؤشر ار تي اس» العامل بالدولار استعاد خلال الشهرين الماضيين 50 في المئة من قيمته السابقة، كما ارتفع سعر الروبل مجدداً، وكذلك سعر النفط والغاز في الأسواق الدولية، ولو قليلاً.

+ -
.