أنس دنقل ينشر قصائد جديدة الراحل

يقول أنس دنقل شقيق الشاعر أمل دنقل: “عقب وفاة شقيقي أمل دنقل السبت 21 مايو 1983 بأشهر قليلة، كان في بيتنا بالصعيد العديد من المخطوطات والقصائد لأمل، إضافة لبعض الجرائد والمجلات المنشور بها العديد من القصائد التي جمعتها على عجل، وسافرتُ للقاهرة لألتقي بزوجته الصحفية عبلة الرويني، لإقناعها بأن أصوّر لها هذه المقتنيات، نظير أن تتكرّم بإعطائي صورة مما لديها من مخطوطات أمل”.

ويضيف: كنتُ أعلم يقيناً أن بين أوراقه الموجودة حوزتها مسودات العديد من القصائد، إضافة لمسودات ديوان “أقوال جديدة عن حرب البسوسط، حيث نشر أمل في حياته شهادة الملك كليب بعنوان “لا تصالح”، كما نشر شهادة “اليمامة بنت كليب”، وبقيت شهادة “جساس” مع تبريراته لجريمته، وشهادة “جليلة بنت مرة” الممزقة بين البطلين زوجها وأخيها، إضافة لشهادة بعض الشخصيات التي تلعب دوراً معلقاً على الأحداث.

كما توجد لدى السيدة مسرحية شعرية بعنوان “مأساة الحاكم بأمر الله”، رأيتها بعيني بين أوراقه بالقاهرة، كما تحدث أمل عن المخطوط في برنامج “أمسية ثقافية”، بالتليفزيون المصري في حواره مع الشاعر فاروق شوشة.

في كتابه الجديد “أمل دنقل.. قصائد لم تُنشر” إعداد وتقديم أنس دنقل – صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب – يعرض شقيقه أنس بعض قصائد شقيقه التي لم تُنشر، فيشير إلى قصيدة بعنوان “المنبر”، “صورة من القرية”، وجاء إهداؤه “إلى الذين يموتون في قريتي بسياط الكلمات وينعقون الجراح لأن سياطهم مقدسة”.

يقول شاعرنا أمل دنقل:

ما الذي نهذي به في كل مسجد؟!

فوق أخشاب المنابر

في حديث غجري الزيف.. فاتر

واعظ يهرف فينا باسم شرعه

ولعاب الجهل في شدقيه يزبد

ما الذي يذكر الوعاظ للقوم الجياع

عن شرور الخمر والميسر والمال المضاع؟!

وهمو لن يبصروا الخمرة يوماً للممات

وهمو إن فلكوا القرش مضى في الحاجيات

وفي قصيدة “أين.. المسيح” كتبها في أول مايو/آيار 1962:

اثنان.. لم يحتفلا بعيد ميلاد المسيح

أنا.. والمسيح

غرفتنا لم تنطفئ أنوارها عند انتصاف الليل

لأنها لا تعرف الأنوار!

غرفتنا لا تعرف الليل من النهار

عين المسيح في دجاها قمر حزين

في الصمت ينزف الدموع

يسوعنا في حاجة إلى يسوع

يمسح عن جبينه كآبة الأحزان

لأنه في عيده السجين

مد يديه، لم تصافحا سوى القضبان والقضبان!

ويشير أنس دنقل إلى حوار الشاعر أمل دنقل مع عبدالله علي صائغ في مجلة “الثقافة” العراقية، حيث يقول شاعرنا في هذا الحوار: لديَّ مشروع بدأته منذ سنتين كان في البادئ فكرة تؤرقني كثيراً، والمشروع ببساطة هو إرجاع المفردة العربية إلى أصلها الثنائي، وأتصوّر أن تجاربي حققت اكتشافات هائلة، ويوم أعلن عنها سيتحرك الماء الساكن.

وأدركت أنني محتاج إلى جهد استثنائي في فقه اللغة المقارن وفقه المنطق، وجلست في غرفتي أتابع نتائج تجاربي، وأثبت هنا بأن مشروعي هو صورة لتعلقي بالعربية وحبي لها، والمشروع يسير بهمة، ولست شاكياً من تعب أو عقوق، وسوف أطبع نتائج أبحاثي وتوصياتي في كتاب مستقل وقريباً. (انتهى كلام أمل دنقل).

ويستطرد أنس دنقل قائلاً: كنتُ حريصاً أيامها فقط على التفاهم مع السيدة عبلة، حتى لا تضيع أعمال أمل دنقل الأخيرة، خصوصاً إذا وقعت بين يدي مَنْ لا يعرف قيمة ما لديه من أوراق أدبية، لهذا حملت إليها هذه الأوراق، إضافة لأجندة كبيرة مكتوب فيها بخط أمل الجميل ديوان “العيون الخضر”، والذي بمجرد أن قرأت السيدة عنوانه حتى بدا على ملامحها الغضب والامتعاض الشديدان، وألقت بالديوان جانباً، وأنهت المقابلة بإشارة من يدها قائلة: إنها ستقرأ هذه الأعمال الليلة، وستجمع ما لديها من أوراق لنلتقي في الصباح عند الدكتور جابر عصفور لنصوّر كل الأوراق، ونبقي نسخاً منها لديه لإعدادها للنشر، إلا أن الكارثة أنني أمضيت أسبوعاً كاملاً بالقاهرة أحاول لقاءها، والسيدة تتهرّب من اللقاء، إلى أن انتظرتها أمام باب دار “أخبار اليوم”، وكانت خناقة في شارع الصحافة، وقطيعة حتى الآن.

ويبقى أخيراً، أن أبوح لكم أن لدي عملين لم يُنشرا لأمل دنقل وهما: مسرحية بعنوان “الخطأ”، تتناول نقداً للأنظمة العسكرية مكتوبة في مطلع ستينيات القرن الماضي، وقد قمتُ بنشر مسودتها بجريدة “البديل” القاهرية، وهي جريدة محترمة، ولكنها لا تدفع مليماً لمن ينشر لديهم، عكس مجلات وجرائد الخليج التي تراسلها السيدة وتجزل لها العطاء، إلا أنني عقب النشر بجريدة “البديل” القاهرية، فوجئتُ بالسيدة تنصب مدافعها، مدعية أن المسرحية ليست لأمل دنقل، رغم أن المسرحية منشورة كمسودة بخط يد أمل المعروف، وجميع أصول المسرحية موجودة في بيتنا.

والعمل الثاني هو دراسة نثرية بعنوان “قريش عبر التاريخ”، سبق وأن نشرتها السيدة عقب وفاة أمل بجريدة “أوراق” القبرصية، وأعاهد عشاق أمل دنقل بأن كلا العملين سيجدا طريقهما للنشر قريباً، ولو كره الكارهون. (خدمة وكالة الصحافة العربية)

+ -
.