في البداية كان يدخل إلى عالم الشبكة العنكبوتية حيث يمضي بعض الوقت على سبيل الفضول. لكن يوماً بعد يوم أصبح يمضي أوقاتاً طويلة فتحول الأمر من حب الفضول إلى شعور ملح لا يقاوم بضرورة الدخول إلى الشبكة كلما حاول أن يبتعد عنها، إلى درجة أصبح فيها جهاز الكومبيوتر، الثابت منه والمحمول، الخل الوفي له في حله وترحاله، يستطيع من خلاله الولوج إلى العالم الخارجي وكل ما يدور فيه من خلال القفز على المواقع المختلفة التي يزورها قصداً أو عن غير قصد.
فمتى يجب الشك في أن الشخص قد يكون مدمناً على الشبكة العنكبوتية؟
الحالات الآتية لا تترك مجالاً للشك في الإدمان:
– إذا حصل لديه انقلاب في نمط حياته اليومي التقليدي.
– إذا كان يمضي ليله وهو يتصفح الشبكة وينام في النهار.
– إذا ترك وظيفته أو توقف عن الدراسة حباً وولعاً بالإنترنت.
– إذا انقطع عن التواصل العائلي والاجتماعي بعد زياراته المكوكية للشبكة.
– إذا كانت تنتابه نوبات من التهيج والقلق وعدم الراحة عند التوقف عن استعمال الإنترنت طوعاً أو مجبراً.
– إذا كان يطيل الوقت للبقاء أمام الكومبيوتر أكثر فأكثر من أجل الحصول على المتعة المنشودة.
– إذا كانت تراوده لهفة عارمة للعودة إلى الكومبيوتر بعد التوقف عن ذلك.
– إذا كان حديثه الدائم عن الشبكة ومغامراته عليها.
– إذا كانت جولات الشبكة تفقده السيطرة على سلوكه الذي بات يشكل تهديداً جدياً لحياته النفسية والاجتماعية والعائلية والمهنية.
لا شك في أن تكنولوجيا الاتصالات الحديثة، وفي مقدمها الشبكة العنكبوتية، أحدثت قفزة نوعية على صعيد التفاعل بين البشر، وكذلك على صعيد وفرة المعلومات والمعارف التي تقدمها لمستخدميها، لكن يجب ألا نغفل أن هناك مخاوف مشروعة من الآثار السلبية، النفسية والجسدية والاجتماعية والثقافية، التي قد تحدثها بسبب تزايد الإقبال على الشبكة العنكبوتية وسوء استخدامها المتمثل في قضاء وقت طويل في الإبحار فيها، وبالتالي بروز ما يعرف بإدمان الإنترنت كظاهرة لا يمكن تجاهلها، خصوصاً من قبل الدارسين والباحثين.
وكانت عالمة النفس الأميركية كيمبيرلي يونغ الأولى التي وضعت مصطلح إدمان الشبكة العنكبوتية في عام 1994، وكذلك كانت أول من قامت بدراسة على هذا النوع من الإدمان، وقد أكدت أن كل من يمضي أكثر من 38 ساعة أسبوعياً على الشبكة هو مدمن عليها. وقسمت يونغ إدمان الشبكة إلى خمسة أنواع:
1- الفضاء الجنسي.
2- التواصل الاجتماعي.
3- المقامرة أو الشراء.
4- ألعاب الكومبيوتر.
5- البـــحث المـــفرط عن المعلومات.
ويــعتــبــر الــنوع الأول من الإدمان، أي الإدمان الجنسي، من أخطر هذه الأنواع، لأنه يؤدي إلى الإثارة الجنسية والكبت الجنسي وإلى ظهور العديد من المشاكل الاجتماعية وإلى تفكك الأسرة لاحقاً.
كيف يتظاهر إدمان الشبكة العنكبوتية؟
إن الإدمان على الشبكة بات ظاهرة منتشرة في كل المجتمعات في العالم بسبب توافر أجهزة الكومبيوتر في كل مكان حتى في المقاهي التي توفر استخدام الشبكة. ويشير الاختصاصيون في علم النفس إلى أن شخصاً من بين 200 شخص من مستخدمي الشبكة العنكبوتية تظهر عليه علامات الإدمان، ويعتبر طلاب المرحلة الثانوية الأكثر تعرضاً لهذا الخطر وما يتركه من شروخ على الصعيدين النفسي والاجتماعي.
وتكمن مشكلة الإدمان على الشبكة في أن معظم مستخدميها لا يدركون خطورة أو حدود المشكلة، فتجدهم يقعون في فخها من دون أن يعرفوا بذلك، فتبدأ عندها المعاناة من عوارض نفسية وجسدية واجتماعية كثيرة، منها: العزلة، والقلق، والإحباط، والعصبية الزائدة، والخمول، وقلة النشاط، واضطرابات النوم، وآلام في الرقبة والظهر، والتهابات في العينين، ومشاكل في العمل أو في الدراسة، وانقطاع التواصل الاجتماعي والعائلي، والاستيقاظ في شكل مفاجئ من النوم لفتح الشبكة، إلى جانب اضطرابات جنسية في حال الإدمان على المواقع الإباحية.
أما عن تأثير استخدام الشبكة العنكبوتية الزائد عن الحد على الأطفال فحدث ولا حرج، فقد أفادت دراسات عدة بأنه يؤدي إلى العزلة الاجتماعية، وإلى اضطرابات في النوم، ومشاكل مدرسية وعائلية واجتماعية تحصل غالباً نتيجة الدخول، من دون علم الأهل، إلى المواقع المحظورة أو إلى غرف الدردشة، أو بسبب توقف الأطفال عن ممارسة أنشطة وهوايات أخرى، كالقراءة وممارسة الرياضة، فضلاً عن نوبات الغضب والعنف عند محاولة الأهل وضع ضوابط لاستخدام الشبكة.
وفي دراسة لجمعية الأطباء النفسيين الأميركية شملت 500 شخص من مستخدمي الشبكة العنكبوتية بإفراط، سجل المشرفون عليها عوارض تشابه تلك التي تنتج من الإدمان على المقامرة، معتبرين أن مثل هذا الإفراط يؤدي في النهاية إلى تدمير الحياة الأكاديمية والاجتماعية والمالية والمهنية بالطريقة نفسها التي تقوم بها أشكال الإدمان الأخرى، مثل المقامرة والكحول والمخدرات.
وعلى ما يبدو أن هناك أشخاصاً أكثر تعرضاً من غيرهم لخطر الإدمان على الشبكة، فحسب الدراسات النفسية التي أجريت في هذا المجال، فإن أكثر الأفراد تعرضاً لهذا الخطر هم: الأشخاص الذين يعانون من العزلة الاجتماعية، وأولئك الذين يكونون دوماً عرضة للسخرية من غيرهم، والذين يفشلون في إقامة علاقات إنسانية طبيعية مع الآخرين. وكذلك الأفراد الذين يعانون من مخاوف غامضة. فجميع هؤلاء وجدوا في عالم الشبكة العنكبوتية مخرجاً واسعاً لتفريغ مخاوفهم وقلقهم، ما مكّنهم من إقامة علاقات مشبوهة مع الآخرين في عالم تسوده الإلفة المزيفة لكنه يتحول لاحقاً إلى كابوس وهمي يهدد كيانهم.
كيف يمكن حل مشكلة الإدمان على الشبكة العنكبوتية؟
قبل كل شيء لا بد من الإشارة هنا إلى أن مشكلة إدمان الإنترنت لا تعني في أي حال من الأحوال التوقف عن استخدام الشبكة العنكبوتية، لكن يجب الانتباه إلى إمكان وجود هذه المشكلة وعدم تجاهلها، خصوصاً أن الإدمان هنا يعتبر مقبولاً من الناحية الاجتماعية.
إن علاج إدمان الشبـــكـــة العنكبوتية والوقاية منه يحتاج إلى خطة تقوم على الآتي:
– الاستخدام المعتدل للإنترنت، ووضع ضوابط لهذا الاستخدام.
– التدرب على نمط حياة صحي يكون فيه لكل شيء وقته.
– مقاومة الحاجة الملحة لفتح الشبكة بالقيام بأنشطة أخرى.
– وضع جدول يحدد الأيام التي تستخدم فيها الشبكة وكذلك عدد الساعات المخصصة لها.
– وضع منبه للتذكير بنهاية فترة التجوال على الشبكة.
– القيام بنشاطات أخرى محايدة لتفادي التعلق بالشبكة.
– ضرورة وجود الـــرقـــابة الأسرية مع متابعة وتوجيه الأهل للأبناء عند استخدام الشبكة.
– القيام بالنشاطات الرياضية وحبذا لو تمت باشراك الآخرين من الأقرباء والأصدقاء.
إذا فشل المدمن علـــى الشبكة في وضع حـــد لإدمانه، فإنه يفضل أن يستعــين باختصاصيين نفسيين للخروج من المحنة التي أوقع نفسه فيها من خلال البرامج العلاجية المتنوعة وبرامج العلاج الجماعي.
مسك الختام إن الشبكة العنكبوتية هي سلاح ذو حدين، فهي وسيلة مفيدة في حال استعمالها بشكل معتدل ومفيد يفي بما هو مطلوب منها. في المقابل فإن الاستخدام الزائد عن الحد للشبكة يعرض الشخص إلى الوقوع في شباكها لتصبح شغله الشاغل ويغدو كل همه هو كيف الرجوع إليها إذا ما فارقها، وبهذا يفقد استقلاليته ويصبح العبد المأمور لها ما يعرّضه إلى اضطرابات سلوكية ونفسية يستدل عليها من خلال مجموعة من العوارض التي تنضوي تحت مسمى إدمان الشبكة العنكبوتية، وهو إدمان نفسي يشبه في طبيعته الإدمان الذي يسببه التعاطي المفرط للمخدرات والكحوليات، خصوصاً أنه يمر في المراحل نفسها التي يمر فيها إدمان تلك الممنوعات، لكن حتى الآن لم يصنف بعد ضمن قائمة الأمراض النفسية المعروفة لكنه مرشح بقوة لهذا الانضمام!
شكرا للموقع بنقله لهذه المعلومات المهمه جدا وحبذا لو يبقى هذا المقال فترة طويله على الموقع بصفحته الرئيسيه ليتصفحه كل شخص وليتداوله مع اصحابه واقربائه في المنطقه لعله يجدي نفعا بالشفاء التلقائي من هذا المرض المعدي في مجتمعنا !!!!!!!