تعتمد فكرة تقنية “إنترنت الأشياء” على جعل كافة ما يحيط بالإنسان متصلا بالإنترنت، وفيما بينها، بغرض التصرف بشكل ذكي خدمة للمستهلك.
وعند الحديث عن “إنترنت الأشياء”، تستحوذ “المنازل الذكية” على جل الاهتمام، لأسباب منها تنوع تطبيقاتها، التي تشمل منتجات على غرار الأقفال الذكية، والروبوتات المنزلية، والثلاجات الذكية.
لكن ترافق هذه التقنية مخاوف عديدة من تسببها بانتهاك خصوصية المستخدم نظرا لإحاطتها بكافة تفاصيل حياته، خاصة في حال تمكن القراصنة من اختراق شبكات المنازل الذكية، الأمر الذي دفع إلى تسويقها بشكل آخر حيث أصبحت توصف حديثا بأنها طريقة لتحويل الإنسان إلى ما يوصف بعبودية التقنية، إلى موقع يسمح له بالتحكم بها وتسخيرها لخدمته.
ففي مراجعة نشرتها الحكومة البريطانية العام الماضي، أشار رئيس الوزراء “ديفد كاميرون” إلى أن من شأن تقنيات “إنترنت الأشياء” أن تجعل الإنسان أكثر إنتاجية وصحة وفعالية، وأن تساعد على توفير الراحة له والتخفيض من استهلاكه الطاقة.
وطبقا للمراجعة المذكورة فإنه من المرجح أن تؤثر “إنترنت الأشياء” على المجتمع بشكل يفوق تأثير الثورة الرقمية، الأمر الذي يثير حوله الكثير من التساؤلات حول طبيعة تلك التأثيرات وانعكاساتها سلبا أو إيجابا على الإنسان والمجتمعات.
مخاوف.. محاذير
وتعتبر مراقبة صحة كبار السن والمرضى من المزايا الهامة التي توفرها “إنترنت الأشياء” كونها تسمح للمريض بالمكوث في منزله لتتم مراقبته عن بعد دون ضرورة البقاء في المستشفى، فبمقدور هذه التقنيات التقاط الإشارات الحيوية للمريض، مثل معدل النبض والتعرق ونسبة الأكسجين في الدم، وإرسالها إلى المشفى مما يساهم بتخفيض تكاليف الرعاية الصحية بمقدار كبير.
وفي تقرير نشرته هيئة التجارة الاتحادية الأميركية مطلع هذا العام، أشارت إلى وجود 25 مليار جهاز متصل بالإنترنت، وحذرت من عقبات ذلك على الأمن والخصوصية.
وفي تأكيد منها لمخاطر هذا الأمر، حذرت شركة “إتش بي” الأميركية من 250 ثغرة أمنية مرتبطة بتقنيات “إنترنت الأشياء” في حين نبهت المحامية البريطانية المختصة بالشؤون السياسية والتقنية، جوليا باولز، إلى أن “إنترنت الأشياء” قد توفر بنية تحتية مثالية لمراقبة الإنسان.
ومن الضروري الانتباه والحذر من المخاطر الأمنية التي قد تنجم عن “إنترنت الأشياء” وفقا لأستاذ الاقتصاد الرقمي بجامعة نوتنغهام، ديريك ماكاولي، الذي نبه من أشياء، على غرار قدرة اللصوص اختراق شبكات المنازل الذكية لمعرفة أوقات نوم قاطنيها لسرقتهم، أو تمكن المخترق من إيقاف نظام التدفئة أيام الشتاء القارس مما قد يتسبب بمخاطر على حياة كبار السن، وغير ذلك من الاحتمالات التي تجعل من عمليات الاختراق هذه وسائل لارتكاب جرائم وعمليات إرهابية.
ثورة المستخدمين
إن اختراق شبكات المنازل الذكية قد لا تنعكس مخاطره على خصوصية المستخدمين وسلامتهم فحسب، بل يمكن أن يستغل الأمر للتلاعب بفواتير استهلاك الطاقة لزيادتها أو خفضها.
وفي الواقع، فإن بيانات مستخدمي “إنترنت الأشياء” ليست ملكهم، وهنا تكمن إحدى النقاط المثيرة للقلق، فمثلا، إن رغب المستخدم بفتح قفل باب منزله لدى وصوله، يقوم هاتفه الذكي بإرسال الأمر عبر الإنترنت إلى الخدمة السحابية المسؤولة عن قفل الباب لتقوم بدورها بفتحه، إن أي اختراق محتمل للخدمة سيؤدي إلى وقوع كوارث حقيقية.
ويعمل مؤسس شبكة الإنترنت “تيم بيرنرز-لي” مع مجموعة من الباحثين على بناء نظام يسمح للمستهلكين بالتحكم بحركة بياناتهم عبر الإنترنت، حيث توقع حصول ما وصفه بثورة المستخدمين للمطالبة باستعادة بياناتهم.
ومن المنتظر أن تجد جهات تنفيذ القانون حول العالم حلولا وضوابط فعالة لحماية بيانات مستخدمي “إنترنت الأشياء” خاصة وأن هذه التقنيات بدأت تحظى بانتشار متصاعد خاصة بعد دخول لاعبين كبار بعالم التقنية إلى هذا المضمار، مثل غوغل وآبل.