تقول رسالة وجهها إثنان من الباحثين بعد تحليل قرائن قديمة تبين مدى قدرات إنسان النياندرتال -أقرب مخلوق منقرض الى إنسان العصر الحديث- بانه ربما لم يكن في ذكائه دون البشر الذين وطأوا كوكب الأرض قبل نحو 40 ألف عام.
ويقول الباحثان إن نتائج بحوثهما تؤكد ان كائنات النياندرتال لم تكن مخلوقات خرقاء بلهاء كما توصف دائما.
ومن بين الأدلة التي ساقها الباحثان على ذكاء النياندرتال وجود أدوات وأساليب معقدة للصيد تستلزم ضرورة توافر العمل الجماعي والتخطيط المسبق وإحتمال استعمال لغة للتخاطب بين أفراد إنسان النياندرتال والاستعانة بالأصباغ لتلوين الجسم واستخدام أدوات رمزية على غرار مخالب النسر وأسنان الحيوانات بعد احداث ثقوب بها لأغراض الزينة على ما يبدو فضلا عن مهارة توظيف النار في الأغراض الحياتية.
وقال ويل روبركس وهو عالم في الأحياء القديمة بجامعة لايدن الهولندية “لم نعثر على معلومات تعضد فرضية تدني القدرات الادراكية والمعرفية في المجالات التقنية والاجتماعية للنياندرتال بالمقارنة بنظرائهم من إنسان العصر الحديث”.
وأضاف “لقد عفا الزمن بالفعل منذ وقت طويل على فرضية الكائنات الشبيهة بالبهائم التي تحمل الهراوات والتي إندثرت في نهاية المطاف عندما اقتحم عالمهم إنسان العصر الحديث المتفوق”.
كانت مخلوقات النياندرتال قد ازدهرت في أرجاء قارتي أوروبا وآسيا منذ نحو 350 الفا الى اربعة آلاف عام إلا انها اختفت بعد ان وطأ الإنسان الحديث اوروبا قادما من افريقيا.
وكان كثير من العلماء يظن ان النياندرتال كان شديد الغباء وأخرق ولم يكن بمقدوره البقاء على قيد الحياة ومغالبة إنسان العصر الحديث الحاذق والأكثر ذكاء وقدرة على الإتقان والذي اقتحم موطنه.
وقالت باولا فيلا وهي أمينة بمتحف جامعة كولورادو للتاريخ الطبيعي إن الحقيقة في غاية البساطة.
وقالت إن الشواهد الوراثية تبين حدوث تزاوج بين النياندرتال وإنسان العصر الحديث.
وأضافت أن نسل هذا التزاوج من الذكور ربما كان عقيما وهو الأمر الذي ربما يكون قد أسهم في تراجع أعداد النياندرتال. ومضت تقول إن فلول عشائر النياندرتال ربما تكون اندمجت وإنصهرت في نهاية المطاف مع الأعداد الأكبر حجما من إنسان العصر الحديث في عملية اتضحت معالمها خلال بضعة آلاف من السنين.
وقالت “لم يندثروا تماما على نحو ما لأن بعض جينات النياندرتال لاتزال موجودة في الجينوم الخاص بنا”.
ولاتزال توجد بعض الاختلافات التشريحية بين النوعين فمخلوق النياندرتال كان متين البنيان وعريض الجبهة وكان إنسان العصر الحديث أقل بدائية وعلى سبيل المثال كانت أجسام النياندرتال أقصر وأكثر اكتنازا عن الإنسان العاقل وكان الجزء الأوسط من الوجه أكبر والأنف أكبر حجما.
وردت نتائج بحث فيلا وروبروكس في دورية (بلوس وان) الاسبوع الماضي لتبرز بعض قدرات النياندرتال.