بقلم هايل أبو جبل
الجزء “2”
كما ورد في سابقاً في حديثنا “حول فتح الطريق أمام الطلاب من الجولان المحتل للدراسة في جامعة دمشق عام 1977″، فقد اوقفت سلطات الاحتلال خروج الطلاب من الجولان للالتحاق بجامعة دمشق، بسبب إعلان إضراب أبناء الجولان الذي استمر حوالي ستة أشهر، وكان ذلك الإضراب رفضاً واحتجاجاً على فرض الجنسية الإسرائيلية على سكان الجولان المحتل بقصد ضمه بعد ذلك، كان لا بد من العمل على إيجاد بديل.
كنا، عناصر من الحركة الوطنية، ومن خلال علاقاتنا النضالية مع الحزب الشيوعي الإسرائيلي، نعلم أن المنح السوفيتية تُقدم بطريقتين: واحدة للدول الصديقة وأخرى للأحزاب الشيوعية، ولكوننا مواطنين سوريين يجب أن تكون المنح المقدمة لنا إما من حصة الحزب الحاكم (حزب البعث)، أو من حصة الحزب الشيوعي السوري، وبما أنه لا علاقة بين حزب البعث الحاكم في الوطن والحزب الشيوعي الإسرائيلي، كان الخيار هو التوجه إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي ليساعدنا، ويكون وسيطا بيننا وبين الحزب الشيوعي السوري في هذا الموضوع.. وهكذا كان…
كان أكثرنا معرفة بقيادة الحزب الشيوعي الإسرائيلي هو الاخ أبو مجيد أحمد القضماني، وكان له الدور المهم في إنجاز هذه المهمة. فقد توجه برسائل إلى الجهات ذات الصلاحية، يضعهم فيها بصورة الوضع، ويحثهم على إنجاز هذا المطلب الملح لابناء الجولان المحتل.
لم يطل الوقت حتى تبلغ الأخ أحمد بموافقة الجهات ذات الشأن على مطلبه، ولتنفيذ ذلك كان المطلوب أن تكون هناك لجنة تهتم بهذا الموضوع وتختار المستحقين من بين المتقدمين للحصول على منحة تعليمية. لم يكن تشكيل اللجنة بالأمر السهل. بعض الأعضاء من الحركة الوطنية رفض المشاركة لاقتناعهم أن الأمر مستحيل التنفيذ، وآخرون، لأسباب حزبية، رفضوا المشاركة، لكن اللجنة تشكلت من الإخوة أحمد علي القضماني، أسعد محمود الولي، حمود سلمان مرعي، سلمان صالح الصفدي، منير مزيد أبو صالح، نزيه قاسم أبو فياض، سلمان فخر الدين وهايل حسين أبو جبل. هذا في مجدل شمس. كما تشكلت لجان في كل من قرى بقعاثا ومسعدة وعين قنية تختار كل لجنة الطلاب من قريتها.
في السنة الأولى أي سنة 1983، حصلنا على عشر منح، وقد تم توزيعها بحسب نسبة عدد سكان كل قرية، وأيضاً نسبة عدد طلاب الثاني عشر من كل قرية، فكانت حصة مجدل شمس خمسة، بقعاثا اثنان، مسعدة اثنان وعين قنية واحد. ولأسباب متعددة تم إنجاز معاملات 8 طلاب فقط، وتوجهوا إلى الاتحاد السوفييتي في أواخر الشهر الثامن من تلك السنة.
لم نتوقف عن المطالبة بالمزيد من المنح وقد حصلنا على خمسة منح إضافية. ولكوننا نؤيد التعليم الجامعي للفتيات أعلنا أن هذه المنح الخمس مخصصة من الإتحاد النسائي السوفييتي حصراً لطالبات من الجولان، لكن لم يحالفنا التوفيق، فقط ثلاث طالبات من مجدل شمس خرجن للتعليم في تلك السنة، لكن الأمر تحسن في السنوات التالية.
في العام 1986، واستجابة ًللمطالبة التي قامت بها اللجنة بالمزيد من المنح، وبإلحاح من الأخ أحمد القضماني (أبو مجيد)، وتلبية للعدد المتزايد من خريجي المرحلة الثانوية، تم تخصيص ستين منحة على حساب الدولة السورية هذه المرّة، وأصبح عدد المنح المخصصة لطلاب الجولان خمس وسبعون منحة، الأمر الذي لبى حاجتنا للمنح في تلك المرحلة.
استمر العمل بهذه الطريقة حتى العام 1991، سنة تفكك الاتحاد السوفييتي، بعد ذلك توقفت المنح وأصبح الأمر شخصياً وبأساليب مختلفة تماماً.
من المؤكد أنه لولا الموقف النضالي المشرف لمعظم أبناء الجولان، ولولا الإلحاح والعمل الدؤوب لطليعة النشاط النضالي في الجولان، لما كان قد حصل هذا الانجاز.
كنا ولا زلنا نقدر ونثمن هذا الدعم من الاتحاد السوفييتي، الذي مهد الطريق أمام طلابنا لنيل العلم في معاهده، والعودة إلى بلدانهم لخدمة مجتمعاتهم ولرفع مستواها الصحي والعلمي على حد سواء.
عندما أتحدث عن المنح التعليمية في الاتحاد السوفييتي، لا بد أن أذكر وأثمن الدور الداعم والكبير الذي قام به الحزب الشيوعي الإسرائيلي، بتقديم العون فتح هذا الطريق أمام طلابنا، وأخص بالذكر المرحومين الدكتور إميل توما، الشاعر والمناضل توفيق زياد والأديب محمد نفاع، الذين كانوا حلقة الوصل مع الجهات المختصة.
في نهاية هذا الجزء ارجو من كل من لديه أي معلومة إضافية تخدم صلب الموضوع وتساعد على تصحيح أي خطأ، إن وجد، أن يتواصل معي بالطريقة التي يراها مناسبة لنقوم بالمطلوب.
لم يكتمل الموضوع بعد، فهناك مرحلة التسعينات من القرن الماضي لا يمكن عدم التطرق لها ولو بعد وقت.
إقرأ أيضاً:
الجزء الأول: شهادة حول فتح الطريق أمام الطلاب من الجولان المحتل للدراسة في جامعة دمشق عام 1977 – هايل أبو جبل