التحالف يستهدف حماه لأول مرة.. ويضعف قصف “داعش” لكوباني

قوّضت ضربات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في سوريا، أمس، قدرة مدافع تنظيم داعش التي كانت تقصف الأحياء المدنية في مدينة كوباني (عين عرب) في شمال شرقي حلب، بموازاة محاولات التنظيم السيطرة على ثالث أكبر المدن الكردية في سوريا، في حين تواصلت الاشتباكات بين مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي و«داعش» على مداخل المدينة، وتركزت في محيط جبل مشتى النور المطل على كوباني، الذي يتحصن فيه المقاتلون الأكراد.

وأكد مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن ضربات التحالف «طالت للمرة الأولى محافظة حماه»، مشددا على أن الضربة «استهدفت مقار للتنظيم في المنطقة الواقعة بريف السلمية، المتاخمة إداريا لمحافظتي دير الزور والرقة». وقال: «لم نتمكن من الجزم بما إذا كانت الضربات نفذت بغارات جوية أو صواريخ توما هوك، نظرا لأن المنطقة خاضعة بشكل كامل لسيطرة التنظيم ويصعب الوصول إليها»، مشيرا إلى «غياب معلومات دقيقة عن حجم الخسائر وطبيعة المواقع المستهدفة».

وبهذا التطور، تكون ضربات التحالف شملت 7 محافظات سورية، هي دير الزور والحسكة والرقة وإدلب وحلب وحمص وحماه. ويتخذ التنظيم من منطقة ريف السلمية الواقعة شرق حماه معقلا له، وكان يتحضر خلال الشهر الماضي للتقدم باتجاه قرى في المنطقة.

وتجاوز عدد قتلى «داعش» جراء غارات التحالف منذ بدئها في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، الـ270 قتيلا، غالبيتهم من جنسيات غير سورية، كما أكد رامي عبد الرحمن، مشيرا إلى أن التقديرات لعدد القتلى من السوريين تشير إلى أن الرقم «يناهز 20 قتيلا من المقاتلين السوريين في (داعش)»، إضافة إلى عدد آخر من القتلى في صفوف مقاتلين ينضوون تحت لواء «جبهة النصرة» وتنظيمات إسلامية أخرى مرتبطة بتنظيم القاعدة.

وشن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب الذي تقوده الولايات المتحدة، أمس، غارات جديدة في محيط مدينة كوباني التي يحاصرها «داعش»، بحسب ما ذكره ناشطون والمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وذكر المرصد أمس أن «طائرات حربية للتحالف الدولي نفذت مساء الجمعة غارات على المدينة استهدفت آليات لتنظيم داعش على التخوم الشرقية والجنوبية الشرقية لعين العرب في قرى مزرعة داود ومقتلة القديمة ودهاب وقره حلنج»، مؤكدا أن الغارات دمرت بعض آليات التنظيم. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن 5 قتلى من «داعش»، على الأقل، قتلوا في استهدافهم في كوباني.

وقال مسؤول الإعلام الحر في مدينة كوباني مصطفى بالي لـ«الشرق الأوسط» إن الغارات التي تركزت فجر أمس على الجبهة الشرقية بشكل أساسي «قوضت إلى حد كبير القصف العشوائي الذي كانت تتعرض له المدينة من مدافع (داعش) المرابضة شرقها»، مؤكدا أن الضربة استهدفت إحدى الآليات الثقيلة للتنظيم «على بعد 5 كيلومترات شرق كوباني». وقال إن الآليات العسكرية الثقيلة التي يستخدمها التنظيم «تعوق المواجهة المباشرة بين المقاتلين الأكراد ومقاتلي (داعش) الذين يحاولون الدخول إلى المدينة»، مشيرا إلى أن ضربات مشابهة «تمنع تقدمهم باتجاهنا».

وكان تنظيم داعش قصف بشكل عنيف ومتواصل المدينة التي تشكل ثالث أكبر تجمع للأكراد في سوريا. وأشار المرصد إلى أن التنظيم استهدف المدينة الاستراتيجية المتاخمة للحدود التركية بـ80 قذيفة على الأقل أول من أمس في محاولته اقتحامها، بموازاة تأكيد مصادر المدينة لـ«الشرق الأوسط» أن التنظيم يتجه إلى إعلانها منطقة عسكرية.

بموازاة ذلك، نفذ التحالف ليل أول من أمس غارات أخرى على مواقع لـ«داعش» في محافظة الحسكة. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) أن «طيران الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها نفذ الليلة الماضية غارات جوية استهدفت عدة مواقع لتنظيم داعش الإرهابي في ريف الحسكة»، موضحة أن هذه «المواقع والتجمعات» هي «في منطقة حقول الجبسة والوحدة الداعمة ومساكن الشباب ومشفى الشدادي وعدة مصاف بدائية لتكرير النفط».

وأكد المرصد السوري من جهته حصول الغارات، موضحا أنها وقعت في «منطقة نائية في الشدادي ومحيطها، وأنها استهدفت مقار ومواقع لـ(داعش)». وأوضح أن الغارات أودت بحياة «ما لا يقل عن 30 عنصرا من (داعش)، جميعهم من جنسيات غير سورية، جراء الغارات على مقرات التنظيم في الشدادي وريفها ومحيطها، من بينها الوحدة الداعمة ومساكن الشباب بريف الحسكة الجنوبي». كما سمع دوي انفجارين في حي البوعواد ببلدة القورية، ناجمين عن قصف على مقر جيش إسلامي. وتواصلت المعارك على تخوم كوباني أمس، وتركزت في جبل مشتى النور الذي يتحصن فيه مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردي. وقال المسؤول الكردي مصطفى بالي المقيم في كوباني لـ«الشرق الأوسط» إن مقاتلي «داعش» «نفذوا أمس الهجوم العاشر على الجبل، وفشلوا في التقدم فيه»، موضحا أن التنظيم «يسعى للسيطرة على الجبل الذي يبعد 3 كيلومترات عن المدينة من ناحية الشرق، ويطل على كوباني ويمتد إلى مدخلها من ناحية الشرق».

وإذ أكد بالي أن الاشتباكات العنيفة وقعت على الجبهة الواقعة جنوب شرقي كوباني، تحدث ناشط كردي في المدينة عن قصف عنيف من تنظيم داعش استهدف مناطق عدة في كوباني، وخصوصا الجبهة الجنوبية الغربية. وأبدى عبدي، في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، تفاؤلا لعدم تمكن مقاتلي التنظيم، رغم الهجوم والقصف العنيفين، من دخول المدينة.

وأفاد المرصد السوري باندلاع اشتباكات على الجبهة الشرقية، والجنوبية الشرقية لمدينة «كوباني»، بين مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي و«داعش»، إثر هجوم للأخير في محاولة منه للتقدم واقتحام مدينة عين العرب، مشيرا إلى ارتفاع عدد مقاتلي وحدات الحماية الذين لقوا مصرعهم في الاشتباكات العنيفة إلى 10. ومن شأن السيطرة على كوباني أن تتيح لمقاتلي «داعش» السيطرة على شريط طويل وواسع حدودي مع تركيا في شمال سوريا.

وتسبب الهجوم على كوباني بنزوح كثيف للسكان وبلغ عدد النازحين نحو 300 ألف شخص من المدينة والمناطق المحيطة بها. وعبر نحو 160 ألف شخص من هؤلاء الحدود في اتجاه تركيا. وسيطر مقاتلو «داعش» على نحو 70 قرية سورية على الطريق المؤدي إلى كوباني.

+ -
.