التنفس السريع: القلب مؤشر الخطر الوحيد

تعتبر عملية التنفس من أهم العمليات الحيوية في الجسم، فعندما يتنفس الشخص بشكل هادئ تدخل، أثناء الشهيق، كمية من الهواء تبلغ نصف ليتر تقريباً، أما في الزفير فيطرد الكمية نفسها، لكن تميل هذه الكمية إلى الزيادة أو النقصان في حال تباطؤ وتيرة التنفس أو تسارعها.

ويتحكم في عملية التنفس عاملان: الأول عصبي، والثاني كيماوي، والإثنان ينظمان وتيرة التنفس وبالتالي كمية الأوكيسجين الواردة إلى الخلايا وسرعة التخلص من ثاني أوكسيد الكربون.

وتعتبر وتيرة التنفس من العلامات الحيوية، ويتم التعبير عنها في الوسط الطبي بعدد مرات الشهيق والزفير في الدقيقة الواحدة. ويبلغ عدد مرات التنفس في الحال الطبيعية عند الشخص البالغ في وضعية الراحة من 12 إلى 15 حركة في الدقيقة لتأمين الحاجة الوظيفية للجسم، ويختلف هذا الرقم عند الإنسان وفق العمر، ويكون أعلى عند الأطفال، خصوصاً المواليد الجدد والرضع، كما يلاحظ من خلال الجدول الآتي:

إعلان

المولود الجديد: 40 إلى50.

الرضيع : 25 إلى30.

الأطفال: 20 إلى 25 .

المراهق: 15 إلى 20.

البالغ: 12 إلى 15.

وإذا زاد عدد مرات التنفس عن الحد الطبيعي فمعنى ذلك أن الشخص يعاني من فرط التنفس الذي يتم فيه التخلص من كميات أكبر من غاز ثاني أوكسيد الكربون في الدم ما يسبب نقصاً في الضغط الجزئي لهذا الغاز المنحل في الدم، الأمر الذي تنتج منه زيادة في قلوية الدم، وفي هذه الحال يشكو المصاب من زيادة عدد مرات التنفس، ومن التهيج العصبي، والدوار، والتنميل في نهايات الأطراف، والتكزز في أصابع اليدين، وآلام صدرية لا تشبه مثيلتها في الذبحة الصدرية ولا تستجيب العلاج بالنتروغليسرين الموسع للشرايين.

هناك أسباب كثيرة يمكن أن تقود إلى فرط التنفس، منها:

– القلق، الذي يوقع صاحبه في دوامة من العوارض والشكاوى. ويتظاهر قلق الجهاز التنفسي بصعوبة في التنفس أو بتنهيدات تنفسية تصدح من حين إلى آخر، إلا أن فرط التنفس يكون الأكثر حضوراً، خصوصاً عندما يكون المصاب موجوداً في أماكن مغلقة، مثل الطائرة أو المصعد، إذ تبدأ وتيرة التنفس بالتسارع تدريجياً وبشكل لا شعوري، ما تترتب عنه تقلبات في كيمياء الدم، فيصاب المريض بالدوخة، والخدر في الأطراف، وربما بالإغماء، لكنه لا يلبث أن يعود إلى رشده وكأن شيئاً لم يحدث.

– الرياضة، إن سرعة التنفس تزداد في شكل ملحوظ أثناء النشاط الرياضي، وتختلف هذه الزيادة من شخص إلى آخر، وفق نوع النشاط ومدته وشدته.

– الأعمال الشاقة، وتقود هذه إلى زيادة وتيرة التنفس من أجل تغطية حاجة الجسم من غاز الأوكسيجين، وإلى طرد الكميات المتزايدة من غاز ثاني أوكسيد الكربون.

– الخوف والغضب والحالات الإنفعالية.

– الولادة قبل الأوان، اذ يعاني الطفل من سرعة التنفس نتيجة عدم اكتمال نمو الرئتين وغياب مادة معينة تبطّن جدار الحويصلات الرئوية.

– العيوب القلبية الولادية مثل وجود قناة مفتوحة بين الشريان الأبهري والشريان الرئوي.

– وجود السوائل في الرئة عند الولادة، فرئة الجنين تكون قبل الولادة مليئة بالسوائل، وفي الحال الطبيعية يتم التخلص من قسم من هذه السوائل أثناء مرور المولود إلى خارج بطن الأم، أما القسم الباقي من السوائل فيتخلص منه الوليد في الدقائق او الساعات الأولى من الولادة. إن هذه الظاهرة لا تحصل للطفل المولود بعملية قيصرية والذي يعاني من سرعة معدل التنفس، ومن أنين يصدر مع كل حركة تنفسية، ومن التوسع في فتحتي الأنف.

– الألم والحمى.

– الاكتئاب.

– أمراض الجهاز العصبي، مثل أورام الدماغ، والتهابات الدماغ، والتهابات السحايا، والرضوض والسكتات الدماغية.

– زيادة حموضة الدم.

– نقص الأوكسيجين في الأماكن العالية.

– بعض أمراض الرئة، مثل الصمامة الرئوية، والتهاب الرئة، والريح الصدرية.

– بعض الأمراض الاستقلابية، مثل داء السكري.

– الحمل.

– تناول بعض الأدوية.

كيف يتم تشخيص فرط التنفس؟

يتم التشخيص بناء على الفحص السريري، وإذا لزم الأمر يتم عمل فحوص أخرى، من بينها قياس غازات الدم الشرياني لكشف مستوى الأوكسيجين وغاز ثاني أوكسيد الكربون في الدم.

كيف يتم تدبير فرط التنفس؟

قبل كل شيء لا بد من تشخيص فرط التنفس، ومعرفة أسبابه. إن الصورة السريرية المتمثلة في وجود سرعة في التنفس، مترافقة مع حال من الخوف والقلق والتهيج والتنميل والتكزز في نهايات الأصابع، تسمح عادة بوضع النقاط على حروف التشخيص. لكن المشكلة هي عندما يكون فرط التنفس عارضاً في جوقة من العوارض الأخرى لعدد من الأمراض الرئوية والقلبية والعصبية والاستقلابية وغيرها، هنا يشكل تشخيص فرط التنفس تحدياً، لأن مداواة مصاب على أنه يشكو من فرط التنفس في حين أنه يعاني من مرض آخر، مثل الجلطة القلبية أو الرئوية، تعرّض حياته للخطر.

إذا كان فرط التنفس ناتجاً من حالة عصابية فيجب تهدئة المريض والعمل لإزالة مخاوفه وتبديد هواجسه وجعله يتنفس في كيس من الورق، أو بوضع اليدين على الفم على شكل فنجان من أجل رفع منسوب ثاني أوكسيد الكربون في الدم، وإذا أعطت هذه الوسيلة نفعاً كان خيراً، أما إذا لم تظهر بوادر تحسن فيجب العزوف عنها فوراً، وقد يحتاج الأمر إلى بعض الأدوية المهدئة من أجل السيطرة على الوضع. إن وجود آلام في الصدر، والخفقان، والغثيان، وتصبب العرق الغزير، وصوت أزيز خلال التنفس يجب أن تدفع إلى تقديم العون الطبي في أقصى سرعة.

أخيراً لا بد من إشارة الى العلاقة بين الجنس وسرعة التنفس، فالإثارة خلال الوصال الجنسي قد تسبب للرجل اللهاث وسرعة التنفس ما قد يؤدي إلى سرعة القذف وبالتالي إلى بتر العملية الجنسية، الأمر الذي يجعل العلاقة العاطفية أقل متعة ونشوة، لذا ينصح جاك جونستون في كتابه « النشوة المضاعفة للرجل خطوة خطوة» بأنه ما دام هناك علاقة وثيقة بين عملية التنفس والجنس، فإن التنفس العميق يساعد على شحن جهاز الإثارة، وتأخير الوصول إلى النشوة لدى الرجل، ما يقود إلى علاقة زوجية عاطفية أكثر زخماً… ومتعة.

+ -
.