إعداد وتحميع *
الجولان، أو هضبة الجولان كما درج اسمه، هو هضبة بازلتية تمتد بشكل منحدر من جبل الشيخ في الشمال وحتى بحيرة طبريا ونهر اليرموك في الجنوب. يقع الجولان في الجنوب الغربي لسوريا وتبلغ مساحته 1860كم2 (محافظة القنيطرة)، وهو ما يشكل 1% من مساحة سوريا. احتلت اسرائيل إثر حرب حزيران عام 1967 (1250كم2) من مساحته، بما فيها مدينة القنيطرة عاصمة الجولان، ولكنها انسحبت من المدينة (ما مساحته 50 كم2) بعد اتفاقيات فصل القوات بين سوريا وإسرائيل في العام 1974، التي وقعت بعد حرب تشرين 1973، ليبقى تحت الاحتلال ما مساحته 1200كم2 منه.
الجولان في أقصى الجنوب الغربي لسوريا
من الناحية الجغرافية يحد الجولان من الشمال سلسلة جبال حرمون (جبل الشيخ) التي تفصله عن لبنان، من الغرب نهر الأردن (الذي يفصله عن سهل الحولة) وغور الأردن وبحيرة طبريا، من الجنوب غور الأردن ووادي اليرموك (الذي يفصله عن شمالي الأردن- جبال عجلون)، ومن الشرق وادي الرقاد وسهل حوران. وهو ينحدر من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب انحداراً تدريجياً، إذ يصل ارتفاعه في أقصى الشمال، في بلدة مجدل شمس، إلى حوالي 1300م عن سطح البحر، بينما ينخفض في الجنوب على شاطئ بحيرة طبريا (سهل البطيحة) إلى قرابة 200م تحت سطح البحر، بينما يصل ارتفاع جبل الشيخ الذي يحده من الشمال إلى 2814م عن سطح البحر، وذلك في أعلى قمة له وتسمى “قصر شبيب”. ويمتد الجولان بشكل طولي من الشمال إلى الجنوب، فيبلغ طوله قرابة 80كم، أما عرضه فحوالي 30كم.
من الناحية الجغرافية أيضاً يجب الفصل بين جبل الشيخ والجولان، مع أنه سياسياً معتبر قسماً من الجولان نظراً لوقوعه تحت الاحتلال. فجبل الشيخ هو منطقة جبلية وعرة ذات صخور كلسية، أما الجولان فيتكون من سهول واسعة ذات صخور بازلتية. ويفصل بين جبل الشيخ والجولان وادي سعار الذي يمتد من جنوبي مجدل شمس في الشرق إلى بانياس في الغرب.
وكما ذكر فإن الجولان يتميز بسهوله الواسعة، ولكنها مع ذلك سهول منحدرة وتبرز عليها تلال بركانية تتراوح ارتفاعاتها بين 30 و 300م عن السهل المحيط بها، وكذلك حفر بركانية مختلفة الكبر، أكبرها بحيرة مسعدة (بركة رام)، وبعض التلال أهمها “تل وردة” قرب قرية بقعاثا، الذي يبلغ ارتفاعه قرابة 1226م عن سطح البحر.
ومن الناحية الجيولوجية، فإن الجولان مغطى بأغلبيته بتربة وصخور بازلتية بركانية.
مناخ الجولان مختلف في الشمال عنه في الجنوب، نظراً للفارق الكبير في الارتفاع عن سطح البحر. ففي الجنوب ترتفع درجات الحرارة صيفاً إلى 37 درجة على شاطئ طبريا، وتعتدل في الشتاء فتصل إلى 18 درجة. أما في الشمال فتنخفض درجات الحرارة شتاء إلى ما دون الصفر (في جبل الشيخ ومجدل شمس) وتعتدل صيفاً فتصل إلى 25 درجة. وتهطل الأمطار بغزارة على الجولان فتصل في الشمال إلى أكثر من 1000ملم سنوياً. يتأثر الجولان بشكل عام بمناخ البحر المتوسط. ويمتاز بوفرة مياهه، حيث تكثر فيه الوديان والينابيع، وتستغل إسرائيل من مياه ينابيعه ما يقدر بـ 76 مليون م3 سنوياً.
كان عدد سكان الجولان المحتل قبل احتلاله من قبل إسرائي 138 ألف نسمة (الجولان ككل – محافظة القنيطرة 153 ألف نسمة)، هجرت إسرائيل 131 ألف نسمة منهم أثناء الاحتلال (يقدر عددهم اليوم بـ 500 ألف نسمة)، وبقي فيه 7 آلاف يعيشون في خمس قرى تقع في أقصى شمالي الجولان (يبلغ عددهم اليوم حوالي 20 ألف نسمة). بلغ عدد القرى التي دمرتها إسرائيل بعد الاحتلال 137 قرية و112 مزرعة ومدينتين هما القنيطرة وفيق، وذلك في محاولة لمنع سكانها من العودة إليها. إسرائيل تدعي أن الجولان كان خالياً من السكان عند احتلاله. سن الكنيست الإسرائيل عام 1981 قانوناً يقضي بتطبيق القوانين الإسرائيلية على الجولان، وحاولت سلطات الإحتلال فرض الجنسية الإسرائيلية بالقوة على المواطنين العرب، فرفضوا ذلك على اعتبار أنهم مواطنون عرب سوريون. وهم يخوضون نضالاً مستمراً للمحافظة على عروبة الجولان، ويتعرضون للتنكيل والاعتقال، فبلغ عدد الذين أصدرت إسرائيل بحقهم أحكاماً بالسجن، عقاباً على نشاطهم الوطني، أكثر من 800 مواطن (من أصل 20000 هو عدد السكان الكلي)، فيما تعرض الآلاف للاعتقال التعسفي والإداري لفترات قليلة ودون محاكمة.
أقامت إسرائيل في الجولان المحتل 33 مستوطنة منتشرة على أنقاض القرى العربية المدمرة، ويعيش فيها أكثر من 16 ألف مستوطن يهودي ويستغلون معظم مقدرات الجولان الطبيعية، وبالأخص الثروة المائية، والمراعي، والأراضي الزراعية. مواطنو الجولان العرب الذين بقوا في الجولان يمتلكون ويستغلون حوالي 75 كم2 من الأرض فقط، ويسمح لهم باستهلاك 3 مليون م3 من المياه، ويدفعون ثمنها لشركة “ميكوروت” الإسرائيلية، مع العلم أن معظم المياه التي يستهلكونها تقع في آبار حفرتها إسرائيل في أراضيهم.
يستغل المستوطنون حوالي 5% من مساحة الجولان للزراعة، وتعرف 11% من المساحة كمناطق طبيعة مفتوحة، بينما أعلنت سلطات الاحتلال عن 17% من مساحته كمحميات طبيعية، بالإضافة إلى معظم مساحة جبل الشيخ، وباقي الأرض تستخدم كمراع وكمعسكرات ومناطق تدريب مغلقة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، ومناطق مزروعة بالألغام. فيبلغ عدد معسكرات الجيش الإسرائيلي حوالي 60 معسكراً، وتنتشر حقول الألغام بكثرة فيقدر عددها بـ 76 حقل ألغام، عدد منها داخل أو في محيط القرى العربية المأهولة.
خاضت سوريا حرباً لتحرير الجولان في العام 1973، تسمى حرب تشرين، بالتنسيق مع مصر، فباغتت الجيش الإسرائيلي في أول أيام الحرب، وتقدمت طلائع الجيش السوري إلى مشارف بحيرة طبريا، ولكنها لم تتمكن من المحافظة على مواقعها، بعد وقف الجيش المصري للمعارك من جانبه في سيناء، وتحول الجيش الإسرائيلي بكامل قوته إلى الجبهة السورية، فتراجع الجيش السوري أمام هجوم الجيش الإسرائيلي المعاكس، وتمكنت إسرائيل من احتلال مساحات إضافية لم تكن قد احتلها في العام 1967. وخاض الجيش السوري حرب استنزاف دامت قرابة ثلاثة أشهر، تم في نهايتها توقيع اتفاقية فصل القوات المشتبكة، وتراجعت إسرائيل إلى خطوط ما قبل الحرب، وانسحبت بالإضافة إلى ذلك من مدينة القنيطرة، بعد أن دمرتها بشكل نهائي.
_______________________
* المادة مأخوذة من مصادر متعددة