السمك واللبن… وجبة ممتازة

من لم يسمع بالنصيحة «الأزلية» التي تنادي بعدم تناول السمك مع اللبن لأن أكلهما معاً يتسبب بمشاكل هضمية وربما الإصابة بالتسمم القاتل.

إن مقولة عدم أكل السمك مع اللبن معاً هي مجرد هرطقة كلامية لا أساس لها من الصحة، لأنه حتى الآن لم يتم إثبات العلاقة بين أكلهما معاً وحدوث الوفاة، وحتى لو حصلت هذه فهي على الأرجح ناتجة من الحساسية تجاه السمك أو أحد مشتقات الحليب، أو بكل بساطة نتيجة التسمم الغذائي التالي لفساد السمك أو اللبن القابلين للتلوث الميكروبي بسهولة كبيرة.

إن بعض منتجات البحر، مثل السلمون والقد والتونا والقريدس والحبار وجراد البحر، يحتوي على بروتينات معينة يمكن أن تطلق العنان لتفاعلات تحسسية عنيفة لدى بعض الأشخاص فيقعون ضحية صدمة آنية يمكن أن تؤدي إلى الوفاة، لكن هذه تبقى حالات نادرة جداً. أما الحساسية تجاه الحليب أو أحد مشتقاته فهي ضئيلة للغاية ومن النادر جداً أن تنتهي بالصدمة.

ولا يتسبب تناول السمك مع اللبن تسمماً غذائياً، وقد فسّر العلماء التسمم المزعوم بأنه مجرد اضطرابات هضمية عادية نتيجة وجود كميات عالية من البروتينات في وسط حامضي غير مناسب هو الذي يؤدي إلى زوبعة من العوارض الهضمية المزعجة، مثل عسر الهضم، والمغص، وامتلاء البطن بالغازات.

إن اللبن غذاء ممتاز لأنه يحتوي على كمية عالية من الكالسيوم الضروري لصحة العظام والأسنان. وهو غني بالبروتينات التي تساعد في بناء العضلات. ويشتهر اللبن بغناه بالبكتيريا المفيدة التي تعزز عملية الهضم وتخفف من حموضة الأمعاء المتورطة في الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.

أما السمك فهو غذاء العقل والدم والعظام والأسنان لأنه غني بالمواد البروتينية التي يحتاجها الجسم لعمليات الترميم والبناء. وهو مصدر جيد لليود والفوسفور والكالسيوم الضرورية للعظام والأسنان والدم. والأهم من ذلك كله يشتهر السمك بغناه بالأحماض الدهنية أوميغا – ٣ التي تخفض من مستوى الكوليسترول السيئ في الدم، المتهم الأول في الجلطات القلبية والدماغية.

هناك وصفات تجمع السمك مع الحليب أو أحد مشتقاته، ولا تسبب أي تسمم للجسم، وكل ما في الأمر أن تحسنوا الاختيار عند شراء السمك واللبن لضمان سلامتهما من التلوث.

والشيء بالشيء يذكر، فقد روي عن العالم الكِندي أنه رأى الجاحظ يأكل السمك ويشرب اللبن فقال له: «لا تأكل السمك ولا تشرب اللبن». فرد الجاحظ: «ولمَ لا؟ إن كان من جنسه فقد ازددنا منه، وإن كان ضده فقد تداوينا به». وشاءت الصدفة أن أصيب الجاحظ بفالج في اليوم التالي… فأصبحت هذه الحادثة أسطورة تتناقلها الأجيال، مع أنه ثبت طبياً أن الفالج لم يكن له علاقة بتناول السمك مع اللبن.

+ -
.