
بقلم حمد مداح
يعيش نصف دروز العالم تقريباً في دول أمريكا اللاتينية والشمالية وأوروبا وأستراليا، وغيرها، والنصف الآخر يعيشون في الشرق الأوسط كما يعلم الجميع.
السؤال: لماذا الدروز في الغرب لا يتكتّلون ولا يتحزّبون ولا يتطرّفون ولا يسعون لحمل السلاح؟
الجواب يعرفه الجميع، وهو لعدم شعورهم بالخوف من الآخر في تلك الدول، بل أنهم أكثر وأسرع الناس اندماجاً مع مَن حولهم. أما في الشرق الأوسط، وتحديداً في سوريا ولبنان، فالحال مُختلف. ففي تلك الدول يسعى الدروز لِأن يكونوا مُكوّناً أساسياً في البلد اللذين يعيشون فيه، ويسعون إلى وحدته، بل ويدافعون عنه بشراسة.
منذ أكثر من مائة عام عُرض على الدروز، وأكثر من مرة، إقامة دولة درزية مستقلة، وبدعم دولي، ولكن الدروز أنفسهم رفضوا، لا بل حاربوا الفكرة وأحبطوها، وكانوا ضد كل مشاريع الإنفصال والتقسيم.
لم ولن أكون يوماً طائفياً، ولا أرغب الكلام بهذه اللغة أصلاً، ولست مُخوّلاً بالتحدّث بأسم أي درزي آخر، بل أقول رأيي الشخصي لا أكثر:
عندما يرى الدرزي اللبناني تركيبة الدولة اللبنانية الطائفية، وإلى أين وصل لبنان من مُحاصصة على أساس طائفي، وولاء الطوائف إلى دول وقوى إقليمية، وقتها يحق للدرزي في لبنان الإلتحاق بجماعته والتمسّك بسلاحه، كما الآخرين من أبناء شعبه.
أما في سوريا فالوضع أكثر تعقيداً. ففي ثورة 1925 ضد المستعمر الفرنسي، كان الدروز في مقدمة الثائرين. وبالرغم من أنهم كانوا يُشكّلون أقل من ثلاثة بالمئة من سكان سوريا، فقد كان أكثر من ثمانين بالمئة من شهداء الثورة دروزاً.
الآن وبعد قرابة مائة عام تقريباً، وفي عام 2018 تحديداً، دخلت ما تُسمى جبهة النصرة الى قُرى درزية على أطراف السويداء، وقتلت وذبحت أكثر من 250 طفلاً وامرأة وشيخاً، بإيعاز من بشار الأسد ومخابراته، وعلى مرأى من جيشه الجبان.
الآن، وبعد ما حصل التغيير في سوريا، نرى نفس العَلم (علم جبهة النصرة)، واللذي قُتل وذُبح تحته المئات من الدروز، موجوداً في وزارة الداخلية والدفاع، وغيرها من المؤسسات الحكومية، فكيف يُطلب من الدروز تسليم سلاحهم لتلك المؤسسات والتي يقودها في غالب الأحيان مرتزقة من غير السوريين؟
الشعب السوري لم يطلب تبديل الايراني بالتركي، ولا تبديل حزب الله والميليشيات الشيعية العراقية بمتطرفين شيشان وطاجكستانيين…
باختصار، يحق لكل إنسان، أينما كان، حماية نفسه وعائلته على طريقته التي يرتأيها، دون الإذعان الى المزايدات من بعيد، ولا يحتاج أي شخص الى الدفاع دائماً عن نفسه من جوقة التخوين والتشكيك. فعندما تقع الواقعة لن ينفعك سوى عقلك و…
المطلوب من حكومة سوريا الحالية طرد جميع الأجانب خارج سوريا، واتخاذ خطوات جريئة تبعث برسالة طمأنة لجميع مكونات الشعب السوري، وبناء دولة مدنية مُسالمة، تسعى إلى تحقيق السلام والاستقرار والازدهار لهذا الشعب الذي عانى الكثير. لا زال هناك الوقت لفعل هذا. أما إذا لم تكن هناك خطوات كهذه فلكل فريق الحق في تقرير مصيره كما يشاء. وفي النهاية نتمنى الخير للجميع.