الطبع يغلب التطبع ولكن … – فائد بشارة

بقلم الشيخ فائد بشارة

يحكى ان اعرابية كانت تملك شاة وكانت في كل صباح تخرج بها الى المرعى لترعاها وعند المساء تعود بها الى بيتها ثم تحلبها وتتغذى بدرها . وفي احد الايام عندما كانت ترعى شاتها وقع نظرها على جرو ذئب صغير يكاد يكون ابن يومه يصدر اصوات استغاثة ، حاولت الاقتراب منه ولكنها فجاة تذكرت ان في ذلك خطرا عليها اذ لربما كانت امه بالجوار فتؤذيها فراقبته من بعيد حتى انقضى النهار فلم تر له مغيثا فاقتربت منه وحملته الى بيتها ، وكانت في كل يوم تخرج كعادتها  الى المرعى مع شاتها ثم تعود في المساء تحلب شاتها وتتغذى بدرها مع جرو  الذئب ، وقد انقضت على هذا الحال مدة طويلة حيث كبر الذئب . وفي احد الايام ذهبت لقضاء حاجة لها تاركة الشاة بجوار الذئب وعندما عادت وجدت الذئب قد افترس شاتها  و اثار الجريمة على فمه ، فوقفت حائرة ثم خاطبت الذئب قائلة : قتلت شاتي وافجعت قلبي                   وانت لشاتنا ابن ربيبغذيت بدرها ونشات معها               من اخبرك ان اباك ذيب ؟اذا كانت الطباع طباع سوء              فلا ادب ينفع ولا تاديب .سبحان الله ايها الاخوة والاخوات ان مسالة الطبع والتطبع ليست حكرا على الحيوان لا بل انها صفة يتصف بها بنو البشر ولربما بشكل اخر فنحن ايضا لنا طباع مختلفة نتمسك بها حيث تبدو على تصرفاتنا وندافع عنها بكل ما نملك من قوة اقناع حتى لو كنا على خطا ، فالغاية تبرر الواسطة والله من وراء القصد . وعلى سبيل المثال : من منا لا يعي ويدرك جيدا في هذه الايام العصيبة التي نعيشها في ظل الاحداث العالمية التي تدور حولنا وقد بدات بوادر تاثيرها السلبي علينا من حيث الغلاء والمخاوف من المجهول ، فنحن لازلنا نركب افخم السيارات وهي ليست ملكنا اذ نحتاج الى سنوات عديدة لتسديد اثمانها ، واولادنا لا يلبسون الا افخر الملبوسات غالية الثمن ، ولا ياكلون الا الاطعمة الجاهزة والمكلفة احيانا فالويل لربة المنزل اذا جهزت لاسرتها ” طبخة مجدرا ” واذا دخلنا البيوت نجد في كل بيت حانوت العاب وكمليات لا حاجة لها ، وفي يد كل طفل نقال او حاسوب او ايبد وغيره وغيره ، وكذلك اربع او خمس” عدات متي ” تتباهى بها ربات المنازل ، وبتنا كذلك نؤمن بعقيدة السفر الى الخارج الى حد فاق المعقول ، وهمنا الوحيد حياة الترف والبذخ ولا احد يحسب للدهر حساب . وهنا يكمن السؤال : هل هذا سيدوم ؟ هل سنتمكن من تسديد اثمان هذه المتطلبات ؟ اعتقد ان الجواب ربما لا . من منا كان يفكر بما الت اليه الامور في الوطن سوريا او لبنان او غيرها من بعض البلدان ؟ من قال ان الاوضاع عنا ستبقى على ما هي عليه اليوم ؟ علما ان ناقوس الخطر بدا يدق الباب منذرا بالسوء ، عندها ماذا سنقول لاطفالنا الذين تعودوا على حيات البذخ والترف ونحن لا نستطيع تلبية حاجاتهم ؟ صدقوني ايها الاخوة والاخوات ان الوقت قد حان لكي نغير ما بانفسنا ونهذب عاداتنا وسلوكنا ولا نطلق العنان لطباعنا بل نجعلها تتلائم مع حاجاتنا واوقاتنا وكما يقال : ” لا يغير الله بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ” .

تعليقات

  1. مسا الخير استاذ فائد كلامك جواهر وعنجد تطرقت بمقالك لوضعنا الحالي ..اني بأيدك ميه بالميه ..وانشالله نوعى على حالنا ..وفعلاً ما حدا بيعرف هالدهر شو مخبيلنا

التعليقات مغلقة.

+ -
.