«العرّاب» السوري في خندق «الربيع العربي»

تستعد الشاشة الصغيرة العربية لاقتباس «أيقونة» السينما العالمية «العراب» (The Godfather) إنتاج 1972، والمقتبس عن الرواية التي ألفها ماريو بوزو عام 1969، وعمل عليها مع المخرج فرانسيس فورد كوبولا مدة سنتين، منذ 1970 لتصبح نصاً سينمائياً. خلال أيام تدور كاميرا المخرج السوري المثنى صبح في دمشق، لتصوير النص الذي تنتجه «سما الفن الدولية»، للكاتب حازم سليمان، بعدما وضع سيناريو وحوار 60 حلقة موزعة على قسمين يعرضان في الموسمين «الرمضانيين» المقبلين، مع احتمال إضافة جزء ثالث.

ويؤدي بطولة المسلسل التلفزيوني كل من سلوم حداد في شخصية «العراب فيتو كورليوني»، وباسم ياخور في شخصية «توم هيغن» الإبن الروحي للعراب ومستشار العائلة القانوني، وقصي خولي في شخصية «مايكل» الإبن الأصغر وسلافة معمار بدور «أبولونيا فيتيلّي» زوجته التي تقتل، وعبد المنعم عمايري في شخصية «فريدو» الابن الأوسط، وعابد فهد في شخصية «سانتينو (سوني)» الابن الأكبر. إضافة إلى ممثلين آخرين، بينهم الفنان غسان مسعود بدور صديق «العراب»، واللبناني رفيق علي أحمد بدور أحد أعداء العائلة. علماً أن أسماء الشخصيات تغيرت إلى أسماء عربية بطبيعة الحال.

ويؤكد الكاتب سليمان في حديث إلى «الحياة»، أنه يشعر بالمخاطرة التي أقدم عليها، بسبب عظمة الفيلم الأميركي عبر التاريخ، ولأن الجمهور سيتجه إلى المقارنة في شكل عفوي، مشيراً إلى أنه «كمؤلف حاول عبر السيناريو والحوار، أن ينسي الناس مقاربة العمل بعين الفيلم الشهير». ويوضح أنه ابتعد عن مشاهدة الفيلم وقرأ الرواية أكثر من 12 مرة قبل أن «يمسك بالقلم»، مشدداً على أنه اعتمد على قراءة مختلفة للرواية من أجل تقديم حبكة وفرضية درامية «جديدة ومعرّبة».

وفي التفاصيل، يكشف سليمان أن الزمن الافتراضي للعمل، يمتد بين عامي 1940 و2010، أي قبل بداية الأزمة السورية. ويبدو أن الحلقات ستتناول من ضمن مجرياتها، أسباباً عدة أدت إلى نشوء هذه الأزمة في 2011. يقول سليمان إن الأحداث تتوزع على محاور «الأخطاء والفساد والعائلة بطابع ملحمي، من دون الغرق برومانسية الحب»، مضيفاً أنه ركز على حدود وخطوط الشخصيات وتفاصيلها من أجل الابتعاد عن الشكل التي ظهرت به في هوليوود، إضافة إلى إلباس الأحداث الواقع العربي والمحلي، مثلاً مع بدايات تشكل «الربيع العربي» 2011، تختلف الكثير من الأوضاع والمعايير في الدول والأنظمة، ما يؤدي إلى تعرض عائلة «العراب» لانهيار مادي. وفي مثال آخر، تعتمد «المافيا» الإيطالية على القمار كغطاء لأموالها غير الشرعية، وتدخل صراعاً مع عائلة أخرى بسبب عدم قبولها التوجه إلى تجارة المخدرات، بينما في النسخة السورية، تعتمد على «السياحة والسفر»، وترفض التوجه إلى تجارة السلاح.

وفي سياق موازٍ، تتحضر شركة «كلاكيت» لإنتاج نسخة أخرى من «العراب» تحت اسم «سفينة نوح»، من إخـراج حاتم علي وسيناريو وحوار رافي وهبة. وأكدت المسؤولة الإعلامية في الشركة المنتجة علا محمد لـ «الحياة»، أن التصوير بات قريباً جداً، على أن يتم في لبنان وسورية والإمارات، مضيفة أن الممثلين السوريين جمال سليمان وباسل خيّاط وقعا على عقود دوريهما، فيما يتم التفاوض مع فنانين آخرين. وفي حين تم إنجاز 30 حلقة من العمل، أكدت مصادر إنتاجية وجود احتمال كبير لإضافة أجزاء أخرى.

رواية «العراب» تتناول قصة عائلة «كورليوني»، إحدى أقوى عائلات المافيا الإيطالية في نيويورك والمتورطة بأعمال إجرامية وصراعات مع العائلات الأخرى من جهة، وصراع من أجل التكيف مع المتغيرات في بنية المجتمع والدولة والنظام والقيم من جهة أخرى. وصنف معهد الفيلم الأميركي «العراب» كثاني أعظم فيلم في السينما الأميركية خلال مئة عام، بعد «المواطن كاين». وربح الفيلم 3 جوائز أوسكار من أصل 9 ترشيحات عام 1972، في حين حقق أعلى دخل على شباك التذاكر.

ومعروف أنه حين تشارَك كوبولا مع بوزو في كتابة سيناريو وحوار الفيلم، أصرّ المخرج على بداية غير تقليدية حين تطفأ الأنوار في قاعة السينما، ففرض بعد الشاشة السوداء والموسيقى التي وضعها نينو روتا، مشهد العرس لأنه يقدم أفراد العائلة بقيمها وتقاليدها المختلفة عن الأسرة الأميركية، ويوضح نفوذها وموقعها، مبرزاً فكرة «العائلة»، الخط الدرامي الأقوى في العمل.

من هنا فإن تصرُف المخرج الأميركي والشريك بالنص، بالرواية الأصلية، يبقي المشاهدين العرب بانتظار رؤية كيفيــة تصرف ومدى تدخـل الصناع السوريين في «العراب».

+ -
.