في القارة السمراء أفريقيا، هناك أربع دول تحصل تقليديا على أعلى العوائد السياحية؛ وهي: مصر، وتونس، والمغرب، وجنوب أفريقيا. ولكن الخريطة السياحية الأفريقية تتغير بسرعة في عام 2014، حيث تفتح دول جديدة آفاق السياحة إلى وجهات غير مطروقة من قبل، مما يشجع المزيد من السياح
https://www.youtube.com/watch?v=UWoMdidqy9M
الجدد على التوجه إليها بدلا من وجهات السياحة التقليدية. وبينما تتخصص دول شمال أفريقيا في تقديم سياحة الشواطئ مستفيدة من القرب الجغرافي من أوروبا وشمس فصل الشتاء، فإن مصر تعتمد أساسا على آثارها الفرعونية في جذب السياح إليها، بالإضافة إلى سواحل البحر الأحمر الدافئة شتاء. وفي جنوب أفريقيا، تعتمد السياحة على رحلات السفاري إلى الأدغال وهي صفة تشترك فيها مع كينيا أيضا. وتتطلع دول أفريقيا بجنوب الصحراء الكبرى إلى تنمية صناعة السياحة فيها، ويبدو أن جهودها بدأت تثمر، حيث بلغ مجموع السياح إلى هذه المجموعة من الدول 33.8 مليون سائح في عام 2012. هذا رغم العوائق الكثيرة التي ما زالت تحد من نسبة السياح القادمين مثل صعوبة الحصول على الرحلات الجوية المناسبة، وندرة الفنادق السياحية، وصعوبة إجراءات الدخول والسفر. ولكن الدول الأفريقية تدرك أهمية صناعة السياحة التي توفر حاليا وظيفة من كل عشرين وظيفة في دول جنوب الصحراء.
من الوجهات السياحية الأفريقية الجديدة التي تحوز اهتمام خبراء السياحة في العالم، مدينة كيب تاون في جنوب أفريقيا، ربما لعلاقة المدينة بنيلسون مانديلا. فقد ذكر مانديلا أنه حينما كان مسجونا في جزيرة روبن كان يجد إلهاما في النظر عبر المياه إلى كيب تاون وسلسلة الجبال التي تحيط بها ويعدها منارة أمل في الحرية.
وكانت المدينة فعلا موقع أول خطاب لمانديلا بعد خروجه من السجن، ولهذا تجذب المدينة المزيد من الزوار، خصوصا عقب وفاة مانديلا أخيرا. وتحاول المدينة حاليا أن تتحسس مستقبلها وتنفض الغبار عن ماضيها الذي شهد الكثير من آثار التفرقة العنصرية. وتعد كيب تاون عاصمة التصميم في العالم لهذا العام، وتتطلع المدينة إلى الاستفادة من هذا اللقب في جميع مناحي الحياة اليومية فيها. وتستعرض فيها استوديوهات التصميم أعمالها وتفتح أبوابها للجمهور، كما عقدت مؤتمرا حول التصميم في شهر فبراير (شباط) الماضي. وتحاول بعض الأوساط الشعبية الاستفادة من الحدث لتطوير الأحياء السوداء في المدينة التي تعاني مظاهر الفقر والحرمان. وهناك الكثير من المشروعات الثقافية التي تريد تحويل هذه الأحياء إلى وجهات سياحية ونماذج للتنمية الريفية المستدامة. وتبدو كيب تاون كأنها تحاول إعادة اختراع نفسها وهي تدعو العالم لمشاركتها في هذا التحول الجذري.
* ناميبيا من ناحية أخرى، تعد ناميبيا مثالا أفريقيا ناجحا في جهود المحافظة على البيئة. وتسوق ناميبيا نفسها سياحيا على أساس الشراكة بين هيئات البيئة والسياحة، كما تدعو السياح للمشاركة في الجهد. وفي عام 2013، كان في ناميبيا 79 جمعية بيئية حصلت فيما بينها على جائزة من صندوق البيئة العالمي التابع لمنظمة اليونيسكو. وتتركز الجهود على المحافظة على حيوان الخرتيت ومنع تناقص أعداده. وخلال العام الحالي، يوفر مجلس السياحة في ناميبيا ثلاث طرق جديدة للسياح لقيادة السيارات إلى مواقع غير مسبوقة سياحية، مما يشجع المزيد من الإقبال السياحي لاكتشاف هذه المناطق.
ومن ناميبيا إلى أديس أبابا، عاصمة إثيوبيا التي تحاول تثبيت أقدامها كعاصمة للفنون الأفريقية، حيث تعد المدينة من أقدم مراكز الفنون في القارة. وتنظم أديس أبابا هذا العام مهرجانا للتصوير ومهرجانين للسينما ومهرجانا لموسيقى الجاز. وتنتشر في المدينة قاعات العروض الفنية ومجموعات الأعمال الفنية. ويعرض فندق شيراتون فنون إثيوبيا في معرض سنوي مصور يعقد خلال فصل الصيف. كما يقام أيضا معرض حول حياة الإمبراطور هيلاسلاسي الأول. وتوفر المدينة نظرة جديدة على أفريقيا لم يعهدها السياح من قبل.
* كينيا في كينيا، تتحدث أوساط السياحة عن منطقة طبيعية جديدة اسمها «لايكيبيا بلاتو» وهي تقع بين جبل كينيا ووادي الأخدود العظيم، وتعد من المناطق التي لم تمسها يد الإنسان بعد. وتنتشر في المنطقة حيوانات متنوعة مثل الأفيال والفهود والخراتيت والحمار الوحشي. وهي الآن محمية طبيعية ناجحة، يجري رعايتها والمحافظة عليها بمشاركة شعبية وحكومية وعبر السياحة. ويجري هذا العام افتتاح منتجع بيئي جديدة في المنطقة اسمه «سيغيرا»، يملكه مستثمر ألماني اسمه جوكين زيتز، وهو يتيح فرصة السياحة البيئية والتمتع برحلات السفاري في مناخ من الفخامة. وتصل مساحة المنتجع إلى نحو 50 ألف فدان وهو يحوي مجموعة كبيرة من الفنون الأفريقية، بالإضافة إلى مزرعة عضوية واستخدام مكثف للطاقة الشمسية في النشاطات الزراعية كافة. ومن المتوقع أن ترتفع أعداد السياح الأجانب إلى المنطقة، خصوصا بعد إعلان الحكومة إنشاء محمية طبيعية أخرى على الجانب الجنوبي الغربي من منطقة «لايكيبيا بلاتو».
* تنزانيا في تنزانيا، يذهب السياح إلى وجهتين تقليديتين هما: قمة جبل كليمانجارو، الأعلى في أفريقيا الذي يكسوه الجليد طوال فصول العام، ومنطقة «سيرينغيتي» المشهورة بمحمية طبيعية للحيوانات الوحشية. ولكن الوجهة الجديدة المفضلة في عام 2014 هي العاصمة دار السلام التي تقع على ساحل المحيط الهندي وتقدم للزائر جوا ساحرا من نوادي الموسيقى السياحيلية. وتتنافس الموسيقى الأفريقية مع الأنغام العربية والسياحيلية في خليط يشير إلى التأثير المتنوع لثقافات أفريقيا وهندية وعربية تمتزج في المدينة. وتنتشر على الشواطئ الأكلات الأفريقية المعهودة كما تتمتع المدينة بالدفء خلال فصل الشتاء.
وما يشجع السياحة إلى دار السلام أيضا بداية نشاط شركة الطيران الرخيص الأفريقية: «فاست جيت» التي تتخذ من دار السلام مركزا لها. ولهذا لم تعد دار السلام معبرا لوجهات سياحية أخرى في تنزانيا، بل أصبحت وجهة متميزة في حد ذاتها.
وفي تنزانيا، أيضا تقع جزيرة زنزبار الساحرة في المحيط الهندي، وهي تشتهر بالتوابل، ويبدو فيها التراث العربي واضحا خصوصا في مدينة الأحجار «ستون تاون» التي تنتشر فيها الشوارع الضيقة وقصر السلطان وبعض المساجد. وهي مدينة مصنفة عالميا من منظمة اليونيسكو. وهي تشتهر ببعض أفضل الشواطئ في أفريقيا. وتقام بالجزيرة سنويا الكثير من المهرجانات التي تعبر عن التراث السياحيلي. وعلى الحدود بين زامبيا وزيمبابوي، تقع شلالات فيكتوريا التي تمتد بعرض ميل كامل وترتفع لمسافة 108 أمتار. وخلال موسم الأمطار، يندفع أكثر من 500 مليون لتر مكعب من المياه إلى نهر إلزامبيزي. ويمكن رؤية الشلالات من على مسافة 30 ميلا.
وبالقرب من الشواطئ الأفريقية، تقع جزر السيشل التي توفر سياحة عصرية فاخرة في منطقة أصبح الوصول إليها أسهل من الماضي. وتضم جزر السيشل 115 جزيرة تقع في المحيط الهندي وتحوي بعض أغلى الفنادق في العالم. وتشتهر الجزر بأنها كانت اختيار الأمير ويليام وزوجته لقضاء شهر العسل فيها. واختار الأمير ويليام فيللا على الجزيرة الشمالية وهي جزيرة خاصة، وتتراوح تكلفة الإقامة فيها ما بين 3600 إلى 5800 دولار في الليلة الواحدة. وكانت آخر المشروعات التي افتتحت في سيشل فيللات «دوبلتري» التي يشرف عليها فندق هيلتون سيشل. وهناك الكثير من عوامل الجذب السياحي في سيشل، بالإضافة إلى الحياة الوثيرة والشواطئ الرملية. ففي الجزيرة أكبر محمية طبيعية للسلاحف العملاقة التي يصل عددها إلى نحو مائة ألف سلحفاة تعيش في منطقة بحرية بها شعب مرجانية محمية من منظمة اليونيسكو. وأخيرا، وقعت شركة طيران سيشل اتفاق شراكة مع شركة «كاثي باسيفيك» وعدد من الشركات الأوروبية، مما يجعل السفر إلى الجزر أسهل مما كان في السابق.
* المغرب وفي المغرب، تبدو مدينة فاس القديمة من مدن التراث المغربي المفضلة لدى السياح، لأنها ليست من الوجهات السياحية الرئيسة. وهي تشتهر بأسلوب العمارة المميز فيها والمعروف باسم «أرابيسك»، كما أن المدينة القديمة مركز تراث عالمي مصنف من «اليونيسكو». وهي أيضا توفر أكبر مساحة خالية من السيارات داخل المدينة. وتحمل فنادق المدينة سمات المعمار فيها ويختلط السياح بأهل المدينة في عالم يحمل كل سمات الشرق، رغم أنه لا يبعد إلا ساعات قليلة بالطائرة عن أوروبا. ورغم المتاعب الأمنية التي تعانيها مصر في المرحلة الحالية، فإن مراجع السياحة العالمية تنصح بزيارة الأهرام «كأعظم إنشاء معماري من صنع الإنسان، وآخر عجائب الدنيا السبع الباقية للبشرية». ويستمر الإقبال السياحي على معالم مصر السياحية، وإن كان بوتيرة أقل من الماضي، حيث يغفل السياح الأخطار الأمنية من أجل ما يعدونه رحلة العمر.