انضم الأسطول البحري الروسي إلى الحملة على مواقع المعارضة في سورية وأطلق 26 صاروخاً بعيد المدى المدى من بحر قزوين مروراً بالمجالين الجويين لإيران والعراق إلى سورية مدشناً الغطاء الجوي الروسي للقوات السورية في هجومها لفصل حماة عن إدلب، بالتزامن مع استماع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تقرير من وزير دفاعه سيرغي شويغو عن سير العمليات العسكرية، في وقت رفضت واشنطن التعاون عسكرياً مع موسكو.
وقال بوتين إن ضربات الطيران الروسي في سورية ستتكثف دعماً لهجوم بري يشنه الجيش السوري ضد «داعش» بعد أسبوع على القصف. وأضاف خلال لقاء مع شويغو نقله التلفزيون الروسي: «ندرك مدى تعقيد عمليات من هذا النوع ضد الإرهابيين. وبالتأكيد لا يزال من المبكر استخلاص نتائج لكن ما تم القيام به حتى الآن يستحق تقديراً جيداً»، فيما قال شويغو: «منذ 30 أيلول (سبتمبر) وحتى الآن أصابت الضربات 112 هدفاً. وكثافة الضربات تتزايد». وقال إن الصواريخ بعيدة المدى من طراز «كاليبر» عبرت أجواء إيران والعراق و «أصابت بدقة 11 هدفاً في سورية».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس: «ارتفع إلى 37 على الأقل عدد الغارات التي استهدفت فيها الطائرات الحربية الروسية مناطق في ريفي حماة وإدلب، حيث ضربت بلدات وقرى اللطامنة وكفرنبودة وكفرزيتا والصياد بريف حماة الشمالي بأكثر من 23 غارة استهدفت خلالها هذه الطائرات المناطق السابقة في كل غارة بصواريخ عدة، بينما نفذت الطائرات الروسية أكثر من 14 غارة على مناطق قرب بلدة البارة وفي مدينة خان شيخون وبلدات معرة حرمة والهبيط وقرب سراقب ومعرة النعمان ومنطقة بابيلا وقرب احسم وبلدة مرعيان بريف إدلب، بالتزامن مع استهداف القوات الحكومية في شكل مكثف وعنيف قرية الصياد ومناطق أخرى تسيطر عليها الفصائل المقاتلة والإسلامية، واستهداف مقاتلي الأخير آليات ودبابات ومدرعات قرب مورك وفي حواجز وتمركزات أخرى للقوات الحكومية بالريف الشمالي لحماة، ما أسفر عن تدمير وإعطاب 8 آليات وعربات ودبابات على الأقل». وقال مصدر عسكري سوري في ريف حماة لوكالة «فرانس برس»: «إن الجيش السوري يحاول في عملياته الأخيرة فصل ريف إدلب الجنوبي (شمال غرب) عن ريف حماة الشمالي».
وتسيطر فصائل «جيش الفتح» الذي يضم «جبهة النصرة» بالإضافة الى فصائل إسلامية، على محافظة إدلب المجاورة لحماة. وحاولت هذه الفصائل خلال الأشهر الأخيرة التقدم من إدلب باتجاه حماة للسيطرة على مناطق تخولها استهداف معاقل النظام في محافظة اللاذقية. ويسعى الجيش النظامي، وفق المرصد، الى «تأمين طريق دمشق- حلب الدولي» الذي يمر عبر حماة و «المغلق حالياً بسبب العمليات العسكرية».
من جهته، أكد وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر أن الولايات المتحدة لا تتعاون مع موسكو في شأن ضرباتها الجوية في سورية، باستثناء التنسيق بشأن إجراءات السلامة الأساسية للطيارين، واصفاً التدخل الروسي بأنه «خطأ جوهري». وقال كارتر خلال مؤتمر صحافي في روما «لقد قلت سابقاً إننا نعتقد بأن روسيا تعتمد الاستراتيجية الخاطئة، إنهم يواصلون ضرب أهداف ليست لتنظيم داعش، ونعتبر ذلك خطأ جوهرياً». وأضاف «على رغم ما يقوله الروس، لم نتفق على التعاون مع روسيا طالما أنهم مستمرون باستراتيجية خاطئة وبضرب هذه الأهداف». وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال إيغور كوناشنكوف إن «وزارة الدفاع الروسية استجابت لطلبات البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) ودرست عن كثب الاقتراحات الأميركية حول تنسيق العمليات في إطار مكافحة تنظيم داعش الإرهابي على الأراضي السورية».
في بروكسيل، أعلن المندوب الأميركي لدى «حلف شمال الأطلسي» (ناتو) دوغلاس ليوت: «لدينا ربما مصلحة مشتركة تتمثل في الانتصار على «داعش»، إلا أننا لا نتوحد في دعم نظام الأسد. ومن الواضح أن القوات الروسية تعمل على دعم الأسد، بينما يرى أعضاء التحالف الدولي أن الأسد يجب عليه الرحيل. وطالما لا تتوافق أهدافنا بهذا الشكل لا أرى أي آفاق لتبادل المعلومات الاستخباراتية». وكان الجيش التركي أعلن أن أنظمة صواريخ مقرها سورية تعرضت لمقاتلات تركية الثلثاء أثناء قيام ثماني مقاتلات «إف- 16» بدورية فوق الحدود مع سورية.
وقال لوت ان الحشد العسكري الروسي في سورية يشمل وجوداً بحرياً «كبيرا ومتناميا» وصواريخ بعيدة المدى وكتيبة قوات برية تدعمها أحدث دبابات روسية.
وأضاف ان موسكو تمكنت من تنفيذ انتشار عسكري «مؤثر جدا» خلال الاسبوع الماضي في قاعدتها البحرية في طرطوس وقاعدة جيشها في اللاذقية. واشار الى «وجود بحري روسي كبير ومتنام في شرق البحر المتوسط وأكثر من 10 سفن الآن وهو ما يزيد قليلاً على المعتاد».
وقال لوت «التعزيزات الروسية الاخيرة خلال الاسبوع الماضي أو نحوه شملت قوة برية في حجم كتيبة (الف جندي)… وتوجد مدفعية وقدرات صاروخية بعيدة المدى وتوجد قوات دفاع جوي».
وفيما قال رئيس الوزراء البريطاني دايفد كامرون إنه يجب على الأسد أن يرحل لإقرار السلام في البلاد وإنه ينبغي على بريطانيا أن تلعب الدور المنوط بها لهزيمة «داعش»، حذر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من «حرب شاملة» في حال لم تتحرك أوروبا في مواجهة النزاع في سورية والوضع في المنطقة.
وقال مصدر فرنسي لـ «الحياة» إن هولاند لم يثر مع بوتين «إمكان دمج قوات بشار الأسد بقوات الجيش الحر»، موضحاً: «خلال المحادثات يوم الجمعة لم يكن هناك أي موقف مشترك مع روسيا حول سورية، وأنه لم يتم التطرق إلى هذا الأمر (دمج الجيشين)، وأن الخلاف في الموقف بين الرئيسين حول سورية انتهى بقرار استمرار الحوار بين وزيري خارجية روسيا سيرغي لافروف والفرنسي لوران فابيوس لمحاولة تجاوز الخلاف». وأعلنت الخارجية الروسية في بيان أن موسكو مستعدة «لإجراء اتصالات مع قادة هذه البنية (الجيش الحر) بهدف بحث إمكان مشاركتها في العمل لوضع عملية تسوية سياسية للأزمة السورية، عبر محادثات بين الحكومة والمعارضة الوطنية».
الى ذلك، اكد السفير الروسي لدى الرياض أوليغ أوزيروف، أن بلاده لا تخطط إطلاقاً لتنفيذ أي عمليات برية في سورية، لافتاً إلى أن موسكو منفتحة على التشاور مع كل الأطراف وأن هناك «توافقاً وتقارباً كبيرين في المواقف مع السعودية». وقال أوزيروف في حديث الى «الحياة»، إن أولوية بلاده هي القضاء على «داعش»، مشيراً إلى أن الآخرين لديهم الهدف ذاته، «لكن روسيا تفعل ذلك بطريقة أكثر فعالية. والضربات الروسية مؤثرة، وتؤدي إلى إضعاف قدرات التنظيم، وبالنسبة إلى سورية نحن نصرُّ على أن قرار أي بلد يجب أن يتم اتخاذه داخل هذا البلد، ويجب أن يكون قرار الشعب السوري بيده».