تمكنت القوات الخاصة العراقية من السيطرة على مبنى التلفزيون الحكومي شرقي مدينة الموصل، وذلك مع استمرار الاشتباكات بين الجيش ومسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في ضواحي المدينة.
وأصبح للقوات الحكومية العراقية موطئ قدم في الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، للمرة الأولى منذ أكثر من عامين حين سيطر التنظيم عليها.
ويقول مراسل لبي بي سي إن مسلحي التنظيم أبدوا مقاومة شرسة، معتمدين على الصواريخ وقذائف الهاون ورصاص القناصة.
لكن القوات الحكومية استمرت في تقدمها بينما لوح بعض المدنيين بالأعلام البيضاء.
وتشهد منطقة كوكجلي الواقعة شرقي مدينة الموصل مركز محافظة نينوى العراقية اشتباكات عنيفة بين قوات جهاز مكافحة الإرهاب وعناصر تنظيم الدولة الإسلامية.
ونقلت خلية الإعلام الحربي التابعة للقوات العراقية عن قائد عمليات “قادمون يا نينوى” الفريق الركن عبدالامير رشيد يارالله قوله إن “قطعات الفرقة 16 في المحور الشمالي حررت قرى عباس حسين وراحة الاغوات وأكملت تطهير منطقة الشلالات وأصبحت على مشارف منطقة السادة بعويزة ولا يزال التقدم مستمرا”.
وأضاف أن “قطعات الفرقة التاسعة المدرعة واللواء الثالث الفرقة الاولى في المحور الجنوبي الشرقي طهرت منطقة طويلة وشهرزاد وتستعد للدخول الى منطقة جديدة المفتي ضمن الساحل الايسر لمدينة الموصل.”
وذكر مصدر عسكري في قيادة عمليات نينوى ان شهود عيان من داخل مدينة الموصل أكدوا أن مسلحي التنظيم شوهدوا وهم يفرون باتجاه مركز الموصل بعد اقتحام قوات مكافحة الإرهاب حيي كوكجلي والقدس في الجانب الشرقي من الموصل.
وبحسب بيان عسكري، فإن الفرقة التاسعة المدرعة تقترب من أطراف أحياء سومر وفلسطين وبارمجة والانتصار، في الساحل الشرقي للموصل.
قوات الحكومة تقترب من الموصل من جميع الزوايا، وستقطع “رأس الحية”.حيدر العبادي, رئيس الوزراء العراقي
ويستخدم مسلحو التنظيم في القتال قذائف صاروخية ومدافع الهاون وأسلحة خفيفة، كما يشنون هجمات انتحارية بسيارات ملغومة.
وشنت طائرات حربية تابعة للتحالف الدولي الحربية، الذي تقوده الولايات المتحدة، أربع أو خمس غارات جوية على المباني دعما لتقدم القوات العراقية.
وكان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، قد حث مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية، على الاستسلام، وإلا واجهوا الموت.
وقال العبادي، الذي كان يتحدث في قاعدة جوية في شمال العراق، وهو يرتدي الزي العسكري، إن القوات التابعة للحكومة تقترب من الموصل من جميع الزوايا، وستقطع – بحسب ما قاله – “رأس الحية”.
وكانت القوات الخاصة قد تقدمت الاثنين إلى مسافة نحو كيلومتر واحد من المدينة.
كيف يروج تنظيم الدولة الإسلامية لمعركة الموصل؟
كوكجلي
وأكد قائد قوات النخبة الثانية في جهاز مكافحة الإرهاب، اللواء الركن معن السعدي، في اتصال هاتفي مع بي بي سي أن القوات اقتحمت فجر الثلاثاء منطقة كوكجلي شرق الموصل، وتفتش الآن المنازل، أنها رفعت ما تركه مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية من عبوات ناسفة ومنازل وسيارات مفخخة.
وجاء القتال بعد أسبوعين من تقدم القوات العراقية وإخلاء المناطق المحيطة بالموصل من المتشددين في المراحل المبكرة من أكبر عملية عسكرية في العراق منذ الغزو الذي أطاح بالرئيس صدام حسين في 2003.
وكان قادة قد قالوا إن معركة استعادة المدينة، آخر معقل للتنظيم المتشدد في العراق، قد تستغرق أشهرا.
ونقلت وكالة رويترز عن مراسلها في قرية بزواية أنه شاهد أعمدة من الدخان ترتفع من منطقة مشيدة على بعد بضعة كيلومترات، قال أحد القادة إنها نتيجة الاشتباكات الدائرة داخل حي الكرامة.
وأفادت أنباء بأن قوات البيشمركة تلقت تقريرا يقول إن سبعة من مسلحي الدولة الإسلامية قتلوا في حي عدن المقابل للكرامة، ودمرت مركبتان.
وذكر التلفزيون العراقي الرسمي أن هناك اشتباكات أيضا داخل المدينة بين مسلحي التنظيم وسكان المدينة الذين انتفضوا عليهم.
وتأمل الحكومة وحلفاؤها الأمريكيون في أن تساعد انتفاضة داخل المدينة في تخفيف قبضة المسلحين على المدينة التي احتلوها في 2014 وأعلنوا منها ما سموه بدولة الخلافة.
الأزمة الإنسانية في الموصل
ولايزال في الموصل نحو 1.5 مليون شخص، ويؤدي وجودهم إلى تعقيد استعادة السيطرة عليها، بخلاف القرى والبلدات الواقعة خارج المدينة، والتي تكاد تخلو من السكان.
وحذرت الأمم المتحدة من أنه في أسوأ الحالات فإن مليونا من سكانها قد ينزحون بشكل مفاجئ الأمر الذي سيستلزم أكبر عملية إغاثة إنسانية.
وقال مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة إنه تسلم تقارير جديدة، يوم الثلاثاء، حول ارتكاب تنظيم الدولة لعمليات قتل جماعي وتهجير إجباري للسكان.
وأشارت، رافينا شامداس، المتحدثة باسم المفوضية إلى مزاعم بأن مسلحي التنظيم قتلوا 40 جنديا سابقا في منطقة الشورى جنوب الموصل والقرى المحيطة ببلدة حمام العليل، ورموا جثثهم في نهر دجلة.
واضافت المتحدثة أن التنظيم جلب عشرات الشاحنات والحافلات الصغيرة إلى بلدة حمام العليل يوم الاثنين في محاولة لنقل نحو 25 الف من السكان بالقوة إلى مدينة الموصل نفسها.
لكن العمليات العسكرية لقوات التحالف في المنطقة حالت دون تحرك الكثير من المركبات، وتمكن بعضها من الوصول إلى منطقة أبو سيف، الملاصقة لمطار الموصل الدولي.
وغادر 17900 شخص الموصل منذ بدء الهجوم.
وكانت قوات الأمن العراقية ومقاتلو البيشمركة قد بدأوا الهجوم في 17 أكتوبر/تشرين الأول بدعم جوي وبري من قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد.
وستكون السيطرة على الموصل هزيمة فعلية للمتشددين في الجانب الذي يقع في الأراضي العراقية من دولة “الخلافة” التي أعلنها زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي قبل عامين.
الاطفال
على صعيد آخر، قالت هيئة انقذوا الطفولة الخيرية يوم الثلاثاء إن نحو 600 الف طفل محاصرون في الموصل بين المدنيين المتبقين فيها، داعية الى فتح ممرات آمنة لخروجهم من المدينة بينما تتقدم نحوها القوات العراقية.
وقالت الهيئة الخيرية في تصريح “هذه لحظة حاسمة لحماية الاطفال وفتح ممرات آمنة تسمح بخروج المدنيين الـ 1,5 مليونا – منهم 600 الف من الاطفال – الذين مازالوا عالقين في المدينة بأمان.”
وقال مدير عمليات الهيئة في العراق موريزيو كريفالليرو “يجب الا نتقاعس ونسمح لوضع شبيه لذلك الذي في حلب بالظهور بينما ما زالت الفرصة متاحة لاخراج الاطفال من مسرح المعارك.”