شارك المئات من رجال الدين من الجولان مساء أمس والليلة بزيارة مقام النبي شعيب عليه السلام، والتي تصادف في الخامس والعشرين من نيسان\أبريل من كل عام.
وكما جرت العادة منذ ثمانينات القرن الماضي، وتفادياً للمشاركة في المراسم الرسمية التي تقام يوم الزيارة، والتي يشارك فيها سياسيون ورسميون إسرائيليون، فإن رجال الدين من الجولان يؤدون المراسم الدينية للزيارة في المساء والليلة التي تسبق يوم الزيارة، حيث تقتصر مشاركتهم على الصلاة والشعائر الدينية ولقاء إخوتهم من رجال الدين الذين يأتون للمشاركة في هذه الشعائر من مختلف المناطق.
وبعيداً عن الشعائر الدينية، شهد يوم أمس أيضاً عرض نماذج من الكنز الفاطمي الذي عثر عليه مؤخراً قبالة سواحل قيسارية، والذي يعود تاريخه إلى زمن الحام بأمر الله الفاطمي، الذي يحضى بمكانة خاصة لدى أبناء الطائفة الدرزية، حيث أتيحت الفرصة للمشاركين في الزيارة لمشاهدته. وسيبقى الكنز معروضاً أمام الزوار اليوم أيضاً.
هذا ومن المنتظر أن يصل الآلاف من أبناء الطائفة الدرزية اليوم إلى مقام النبي شعيب عليه السلام في حطين، للمشاركة في الزيارة الرسمية للمقام، والتي يشارك فيها أيضاً العديد من ممثلي الطوائف الأخرى، الذين يقدمون التهاني لأبناء الطائفة الدرزية بهذه المناسبة، التي تعتبر ثاني أهم مناسبة دينية لدى الطائفة الدرزية بعد عيد الأضحى المبارك.
متى بدأت الزيارة السنوية لمقام النبي شعيب (ع) في حطين؟
(عن مجلة العمامة)
عندما أشرف بناء المقام على الإنتهاء, في نهاية عام 1884, اجتمع أعيان بلادنا للتشاور حول موعد الإفتتاح, وبعد التشاور, استمرّ رأي المجموعة الساحقة منهم, على أن يكون موعد الإفتتاح والتدشين, في تاريخ الخامس والعشرين من شهر نيسان عام 1885. وقد تمّ اختيار هذا التاريخ لأسباب عدّة أهمها :
– في شهر نيسان, وبما أن الطائفة الدرزية, الأغلبية الساحقة منها, تعمل في الزراعة, يكون الفلاح منتظراً حصاد مزروعات الشتاء, وبانتظار زرع مزروعات الصيف. لهذا, فموعد الإفتتاح لا يعيق المزارع.
– شهر نيسان يُعتبر شهر الخير والبركة، الأرض تغطيها حلة خضراء, تكفل طعاماً وفيراً للحيوانات التي شكلت وسيلة النقل الوحيدة آنذاك، ولهذا لا حاجة لتأمين طعام لها, لأن طعامها الأعشاب, ولا تحتاج لمزيد عن ذلك. يُضاف الى ذلك, أن طرق المواصلات آنذاك كانت, وخاصة بذلك الوقت, مليئة بالبرك والمستنقعات, والتي زوّدت المسافرين حاجتهم وحاجة حيواناتهم بما يحتاجونه من الماء.
– لا شك أن موعد التدشين, اختير بدقة من حيث لا يتعارض مع المواعيد الأخرى لزيارة باقي الأماكن المقدسة في سوريا ولبنان. ومن الجدير ذكره, أنه وقبل تحديد الموعد, تمّ إعلام الزعامة الدينية الدرزية السورية واللبنانية, وأخذ موافقتهم.
– تمّ استشارة السلطة العثمانية, والحصول على موافقتها ليوم التدشين. وتكفلت برعاية وحماية الإحتفال ورضاها بالموعد وتأييدها للمناسبة.
وبناءً على ذلك, تجمهرت واجتمعت الحشود الدرزية في الموعد المحدد آنذاك, وكان اجتماعاً ضخما,ً شاركت به الزعامة الدينية الدرزية عامّة في سوريا ولبنان وبلادنا، وعجّ المقام الشريف بالعمائم البيضاء والملابس الزرقاء التي تميّز بها رجال الدين الدروز. وفي هذا الإجتماع الحاشد, وبعد الإطّلاع على ما أُنجِز به هناك, ثم الصلاة في الخامس والعشرين, احتشدت الوفود هناك, وخطب المرحوم الشيخ مهنا طريف, بما يليق الخطاب في المناسبة والمكان, واستعرض أمامها مجرى العمل, وما تمّ انجازه, وما تمّ صرفه من الأموال التي جُمعت, وما تبقى عجزاً ولم يسدّد بعد. وكان لهذا الخطاب صدى كبير في آذان السامعين, وبعد التشاور, تمّ عرض المقترحات الآتية على مسمع من الجموع الحاشدة وهي:
– إقامة صندوق في المقام الشريف, ليشكل صندوقا للحسنات والتبرعات من الزائرين, وتنفيذ ذلك في الحال.
– إقرار يوم الخامس والعشرين من نيسان من كل عام, زيارة رسمية للمقام الشريف, يجتمع بها أبناء التوحيد لتلاوة الصلاة, والتبارك بزيارة الحجرة الشريفة, وبحث مشاكل الطائفة الدرزية وإيجاد حلول لها.
– التأييد المطلق للشيخ مهنا طريف, كوكيل معتمد على جميع الأوقاف الدرزية في بلادنا, وتجديد العهد له بمهمة الرئيس الروحي للطائفة الدرزية, وممثلاً شرعياً لدروز بلادنا في كل المهمات.
لاقت هذه المقترحات الثلاثة تأييداً شبه كامل من الوفود المجتمعة, واستمرّ الحال هكذا, حيث اجتمعت الحشود الدرزية في كل عام, من نفس التاريخ, في باحة المقام للإحتفال. وبعد مرور أربع سنوات من التدشين, أي في عام 1889, قضت الحكمة الربّانية بوفاة المرحوم الشيخ مهنا السيد, وانتقاله الى جوار ربه. أمّا الزيارة فاستمرت على حالها, وكما تقرر لها على يد المرحوم الشيخ طريف طريف, الذي تمّ تعيينه خلفاً لأخيه الأكبر في الزعامة الدينية, والإشراف المباشر على الأوقاف الدرزية في بلادنا. وقد صدر فرمان عثماني رسمي, بتعيينه قاضي مذهب للطائفة الدرزية في بلاد صفد ومنطقة بيروت. وجدير بالذكر انه من حيث التقسيم الإداري للدولة العثمانية, ونظراً لتمركز ابناء الطائفة الدرزية في المنطقة الشمالية لبلادنا, والتي دُعيت آنذاك بلاد صفد, اعتبرت بلاد صفد تابعة لولاية بيروت. واستمرّ أبناء التوحيد في زيارة المقام الشريف في الموعد المحدد باستمرار، لكن وفي الحرب العالمية الأولى, وما رافقها من نكبات ومظالم, وانعدام الأمن والأمان, انقطع ابناء التوحيد في سوريا ولبنان, من زيارة المقام الشريف لفترة من الزمن. ويمكن القول ان الزيارة كانت تُقام عندما تسمح الظروف بذلك.
وفي عام 1935 مرض المرحوم الشيخ ابو حسن منهال منصور من عسفيا لفترة طويلة, ونظراً لما عُرف عنه من الأخلاق السامية, والطاعة لرب العالمين, وما أثار من الإعجاب بأُسلوبه الشيق الرقيق في الإرشاد, توافدت جماهير كبيرة لزيارته والإطمئنان على صحته. وصدف ان اجتمع في بيته في منتصف شهر نيسان في ذلك العام جموع من زعامة الطائفة, وأثارت هذة الجموع موضوع الزيارة للمقام وتقرّر إنعاشها وتجديد النشاط لها وبث الرغبة بين أبناء التوحيد لتأدية مراسيمها. وبما أن الزيارة كانت قريبة, اتجهت تلك الوفود برئاسة سيدنا المرحوم الشيخ أمين طريف, وبرفقة المرحوم الشيخ ابو حسن منهال منصور نحو المقام الشريف واحيوا الزيارة المباركة. وفي عام 1940 وعندما زار بلادنا وفد رفيع المستوى برئاسة عبد الغفار باشا الأطرش, بهدف الوساطة لحل مشكلة في شفاعمرو, وبعد نجاح الوساطة استحسن الوفد القيام بزيارة المقام الشريف. واستقبلتهم هناك مشايخ البلاد برئاسة المرحوم الشيخ أمين طريف. ثم وبعدها وأثناء زيارة أمير البيان شكيب أرسلان لبلادنا مكث ما يقارب الأسبوع بضيافة سيدنا المرحوم الشيخ أمين طريف عام 1941, وأثناء زيارته هذه قام بزيارة المقام الشريف وهناك قال عبارته الشهيرة وهي :” كما يحق للأمة الإسلامية المباركة الإفتخار بالكعبة المكرمة, وكما يحق للأمة النصرانية الموقرة الإفتخار بكنيسة القيامة، يحق للطائفة الدرزية الإفتخار بالمقام الشريف.” وتوالت زيارة أعيان الطائفة الدرزية من سوريا ولبنان, وكانت أهمها زيارة عام 1947 هذه الزيارة التي شارك بها عدد ضخم من ابناء الطائفة الدرزية من سوريا ولبنان, وكان على رأس الوفد المرحوم سيدنا الشيخ ابو حسين محمود فرج، ولا يزال يذكر الإخوة الذين شاركوا بالزيارة, أنه التقى في ساحة العين آنذاك الوفود اللبنانية والسورية برئاسة الزعامة الدينية, مع وفد بلادنا برئاسة المرحوم الشيخ امين طريف, وعند اللقاء تعانق المرحومان, وتقدّما متاشبكي الأيدي, أمام ذلك الوفد الحاشد, ومن شدة الزحمة وكثرة الزوار, تعذر على المرحوم سيدنا الشيخ ابو حسين محمود فرج, الوصول الى الحجرة الشريفة, فما كان منه إلا أن انحنى في أول الدرج من الأسفل, وقبّل ذلك الركن هناك, وقال :” الزائر لهذا المقام الشريف اينما وصل, وحيثما قبّل يكسب نفس الثواب الذي يكسبه من يقبّل الحجرة الشريفة.” ومنذ ذلك التاريخ, اتخذ سيدنا المرحوم الشيخ امين طريف له مسلكا, تقبيل نفس المكان الذي قبّله سيدنا الشيخ أبو حسين محمود فرج.
بعد قيام دولة اسرائيل, حدث انقطاع في جميع طرق الاتصال بين دروز اسرائيل ولبنان وسوريا, واستمرّ هذا الانقطاع الى عام 1982 حيث تجدّد, ومعه زيارة المقام الشريف من قِبل أبناء الطائفة الدرزية في لبنان, وتكرّرت زيارة الأعيان هناك للمقام الشريف, ومنهم المرحوم سيدنا الشيخ ابو فندي جمال الدين شجاع وغيره من أعيان منطقة حاصبيا. وجدير بالذكر أن دروز هضبة الجولان شاركوا في الاحتفالات بعد عام 1967 وتحوّل اسم الزيارة من زيارة نبي الله شعيب عليه الصلاة والسلام, الى اسم عيد النبي شعيب (ع) واعتُرف به عيداً رسميا, يعطّل به ابناء الطائفة الدرزية أعمالهم الرسمية . وفي السنوات الأخيرة تحوّل المقام الشريف الى لقاء لأبناء الطائفة في معظم ايام السنة وخاصة ايام الجمعة والسبت والأعياد.
زياره مقبوله
زياره مقبوله للجميع
يا ما احلا هيك زيارا الى المقام العظيم سيدي شعب امام الزمان بدعة الباري الحاض في كل مكان وكل رمان اشرف الامم زيارة مقبولة لجميع الطائفة يا ما اجمل هذي العمامة البيضاء التي تنعش القلوب الحية اذ اردت ان اعبر عن فرحتي في هذه الزيارة لم اجد لهذي الزيارة وصف من كثر اعجابي فيها وفي المقام الشريف والعظيم