يخوض المنتخب الروسي نهائيات مونديال البرازيل 2014 وهو يبحث عن وضع الاسس الصحيحة قبل استضافته لنهائيات نسخة 2018، معولا على الواقعية الايطالية المتجسدة بمدربه الفذ فابيو كابيلو.
وقد حدد كابيلو منذ ضمان تأهل منتخبه الى نهائيات البرازيل لنفسه هدف قيادة الروس الى تحقيق افضل نتيجة لهم في كأس العالم منذ انحلال عقد الاتحاد السوفياتي، وذلك من اجل تحضيرهم بأفضل طريقة لاستضافة نسخة 2018 على ارضهم.
ويعلم كابيلو جيدا معنى الفشل في نهائيات كأس العالم بعد تذوقه مرارة الخروج من الدور الثاني لمونديال جنوب افريقيا 2010 مع المنتخب الانكليزي حين تلقى الاخير هزيمة مذلة امام غريمه الالماني (1-4)، ما جعل المدرب الايطالي محط الانتقادات اللاذعة في وسائل الاعلام البريطانية.
ويبدو ان كابيلو، الذي يطلق عليه “دون فابيو” في روسيا، تعلم الدرس في جنوب افريقيا 2010 ولم يبالغ في تطلعاته وتوقعاته لمونديال الصيف المقبل في البرازيل، واضعا الدور ربع النهائي كهدف لمنتخبه، لكن هذا الهدف ايضا ليس سهل المنال لمنتخب لم يشارك في النهائيات منذ 12 عاما وتعود افضل نتيجة له في العرس الكروي العالمي الى عام 1966 في انكلترا حين حل رابعا ايام الاتحاد السوفياتي.
ولم يسبق للمنتخب الروسي الذي تبقى افضل انجازاته منذ انحلال عقد الاتحاد السوفياتي وصوله الى الدور نصف النهائي من كأس اوروبا 2008، ان تخطى الدور الاول من كأس العالم وهو شارك في البطولة الاكثر شعبية في العالم مرتين فقط بكينونته الحالية عامي 1994 و2002.
“المنتخب الروسي خصم خطير لاي فريق يواجهه”، هذا ما قاله المدرب الايطالي، مضيفا “ان غيابهم عن نهائيات كأس العالم جعلهم متعطشين كثيرا. اعتقد ان مستوانا في البرازيل سيكون بين افضل 8 منتخبات. اريد لفريقي التأهل هناك الى الدور ربع النهائي”.
لكن على المنتخب الروسي الذي وقع في مجموعة تضم المتألقة بلجيكا وكوريا الجنوبية والجزائر، ان يتخطى دور المجموعات اولا قبل التفكير بربع النهائي.
والمفارقة ان المشاركة الاخيرة لروسيا في النهائيات عام 2002 وضعتها في مجموعة مشابهة كثيرا لمجموعة البرازيل 2014، اذ وقعت حينها مع بلجيكا بالذات واليابان وتونس ولم تتمكن من التأهل بعد ان حلت ثالثة خلف اليابان، شريكة الضيافة حينها، وبلجيكا بفوز وهزيمتين.
ويستند كابيلو في تفاؤله حيال حظوظ فريقه الى التقدم الذي حققه الاخير تحت قيادته، وهو قال بهذا الصدد: “نحن نعمل بجهد كبير لكي نطور مستوى الفريق الروسي ولقد تمكنا حتى الان من تحقيق نتائج ملفتة”، في اشارة منه الى التفوق على البرتغال ونجمها كريستيانو رونالدو في التصفيات المؤهلة الى البرازيل 2014.
وتابع “انا معجب بالكرة الروسية. هناك لاعبون اقوياء في الدوري الممتاز رغم ان الخيارات محدودة بسبب السماح للفرق باشراك حتى سبعة لاعبين اجانب في المباراة. هذا الامر يصعب علي مهمة اختيار فريق منافس”.
واعتبر كابيلو الذي مدد ارتباطه بالمنتخب الروسي حتى نهاية مونديال 2018، بان نهائيات 2014 ستشكل فرصة تعلم رائعة للاعبيه لانها ستمكنهم من اكتساب خبرة ثمينة من خلال اللعب ضد اقوى الخصوم في العالم.
“من المهم جدا للاعبين ان يعززوا ثقتهم بانفسهم”، هذا ما اشار اليه مدرب ميلان وروما ويوفنتوس السابق، مضيفا “باستطاعتنا تحقيق اهدافنا في كأس العالم لكن لكي نتمكن من ذلك علينا ان نلعب بافضل مستوياتنا في كل مباراة نخوضها هناك”.
وواصل “رغم ان هدفنا الاساسي في البرازيل هو اكتساب خبرة ثمينة لكأس العالم 2018 التي ستستضيفها روسيا، فنحن فريق طموح جاهز لكي نحول طموحاتنا الى واقع”.
ويأمل كابيلو ان ينجح في البرازيل بتكرار مسيرة فريقه في التصفيات حيث تمكن من تحقيق ما عجز عنه اسلافه باستخراج افضل ما عند لاعبيه، وهذا ما يجعل الخبراء في روسيا متفائلين بحظوظ منتخب بلادهم في نهائيات الصيف المقبل.
“لقد اختار الاشخاص المناسبين ونجح في تكوين فريق”، هذا ما قاله المهاجم الدولي السابق الكسندر بانوف عن المدرب الايطالي، مضيفا “لاعبوه يقاتلون حقا من اجل الفريق، يقدمون افضل مستوياتهم على ارضية الملعب وهذا الامر يعني بان كابيلو وفريقه ذاهبان بالاتجاه الصحيح”.
وخلافا لجميع المنتخبات الاوروبية المشاركة في عرس البرازيل، يعتمد كابيلو في نهائيات النسخة العشرين على تشكيلة يلعب جميع لاعبوها في الدوري المحلي من بينهم 6 من دينامو موسكو الذي حل رابعا في الدوري الروسي هذا الموسم، وخمسة من سسكا موسكو البطل واربعة من زينيت وصيفه.
نجم المنتخب: الكسندر كيرجاكوف
من المتوقع ان يكون مهاجم زينيت سان بطرسبورغ الكسندر كيرجاكوف الخيار الاول لكابيلو في الخط الامامي للمنتخب الروسي في نهائيات البرازيل 2014 لانه اللاعب الوحيد في التشكيلة الحالية التي يملك خبرة المشاركة في العرس الكروي لانه خاض غمار نسخة 2002 حين خرجت بلاده من الدور بانتصار وهزيمتين.
ويتمتع كيرجاكوف (31 عاما) بالحنكة التي تخوله قيادة خط هجوم بلاده في البرازيل بعد ان دافع عن الوانه في حوالي 80 مباراة (78 حتى اواخر ايار/مايو وسجل خلالها 24 هدفا).
ويأمل كيرجاكوف ان يضع خلفه الفترة الصعبة التي عاشها مؤخرا مع فريقه زينيت حيث اكتفى بلعب دور ثانوي في ظل وجود الثنائي البرازيل هولك والفنزويلي سالومون روندون.
وقد اكد كيرجاكوف ان مستواه لم يتأثر بقرار مدربه في زينيت البرتغالي اندري فياش-بواش بالاحتفاظ به على مقاعد الاحتياط في معظم المباريات، مضيفا “من المؤكد ان اندري يملك افضلياته ووجهة نظره الكروية ويعلم كيف يجب ان يلعب فريقه”.
وتابع كيرجاكوف الذي اصبح مؤخرا افضل هداف في تايخ الدوري الروسي بعد ان وصل الى 213 هدفا: “لكنه يطلب مني القيام بكل ما كان يريده اسلافه: ان العب كلاعب جماعي حقيقي وانا اسجل اذا سنحت لي فرصة القيام بذلك. انا جاهز دائما للقيام بمهمتي بغض النظر اذا كنت اساسيا او احتياطيا”.
خطا كيرجاكوف الذي ولد في مدينة كينغيسيب، في منطقة لينينغراد على مشارف سان بطرسبورغ، خطواته الكروية الاولى تحت اشراف والده اناتولي الذي كان لاعبا سابقا والذي كام مؤمنا بان لا خيار امام ابنه البكر سوى ان يصبح لاعبا محترفا.
وفي الحادية عشرة من عمره التحق باكاديمية زينيت للصغار وتخرج منها عام 1999 قبل ان يخوض مع الفريق الاول بدايته الاحترافية في اذار/مارس 2001.
وكلاعب في زينيت، تم اختيار كيرجاكوف بين افضل ثلاثة مهاجمين في الدوري الروسي لخمسة اعوام على التوالي ما فتح الباب امامه لاختبار حظوظه في الدوري الاسباني الذي تعاقد معه عام 2007 وبقي في صفوفه لموسم واحد فقط سجل خلاله 8 اهداف في 26 مباراة قبل ان يقرر العودة الى بلاده للدفاع عن الوان دينامو موسكو من 2008 حتى 2010 (سجل 20 هدفا في 51 مباراة في الدوري) لكن الحنين اعاده مجددا الى زينيت الذي استعاده في 2010.
وساهم كيرجاكوف في قيادة زينيت الى احراز لقب الدوري مرتين (2010 و2012) والكأس مرة واحدة (2010).
على الصعيد الدولي، سجل كيرجاكوف بدايته مع المنتخب عام 2002 حين كان في السابعة عشرة من عمره وخاض معه نهائيات مونديال كوريا الجنوبية واليابان حيث شارك في مباراة واحدة ضد بلجيكا، وهو افتتح سجله التهديفي في اب/اغسطس 2002 ضد منتخب السويد في مباراة ودية.
ولعب كيرجاكوف دورا هاما في قيادة بلاده الى نهائيات كأس اوروبا 2004 حيث خرجت من الدور الاول وفرض نفسه المهاجم الاساسي سواء ايام المدرب يوري سيمين في تصفيات مونديال 2006 او الهولندي غوس هيدينك في تصفيات كأس اوروبا 2008 حيث سجل 5 اهداف لم تكن كافية لكي يحجز مكانه في التشكيلة التي قادت البلاد الى الدور نصف النهائي في البطولة التي احتضنتها النمسا وسويسرا.
وفي تصفيات مونديال 2010 سجل كيرجاكوف هدفين لكنه فشل في ايجاد طريقه الى الشباك خلال الملحق الاوروبي الذي خسرته بلاده امام سلوفينيا بل لعب دورا في فشل بلاده بعد ان طرد في لقاء الاياب ما حرمه من المشاركة في المباراتين الاوليين لبلاده في تصفيات كأس اوروبا 2012 لكنه عاد الى التشكيلة مجددا وساهم بقيادة فريق ادفوكات الى النهائيات بتسجيله في المباراتين ضد ايرلندا ومقدونيا ثم خاض البطولة التي احتضنتها بولندا واوكرانيا الا ان منتخب مني بالخيبة بعد خروجه من الدور الاول.
ومع قدوم كابيلو بعد كأس اوروبا 2012، بقي كيرجاكوف الخيار الاول في خط المقدمة على حساب استبعاد اندري ارشافين ورومان بافليوتشنكو وبافل بوغربنياك، وهو عوض خيبة نهائيات اوروبا 2012 بتسجيله ثلاثة اهداف هامة في تصفيات البرازيل 2014 ضد اسرائيل والبرتغال الذي اضطرت لخوض الملحق، فيما تأهل رجال كابيلو مباشرة الى النهائيات.
المدرب: فابيو كابيلو
نجح المدرب الايطالي الفذ فابيو كابيلو وفي ثاني اختبار له على صعيد المنتخبات في ان يجعل روسيا من المنتخبات التي يحسب له الحساب في نهائيات مونديال البرازيل، خصوصا بعدما تفوقت في التصفيات على كريستيانو رونالدو ورفاقه في المنتخب البرتغالي واجبرهم على خوض الملحق من اجل بلوغ العرس الكروي العالمي.
ارتقى “دون فابيو” الى مستوى الامال التي عقدت عليه منذ ان خلف الهولندي ديك ادفوكات في تموز/يوليو 2012 ونجح في تقويم مسار المنتخب الروسي الذي افتقد بحسب رأيه الى التوازن الدفاعي الذي تسبب بخروجه من الدور الاول لكأس اوروبا 2012 رغم بدايته النارية امام تشيكيا (4-1).
“نحن الان من بين افضل المنتخبات الاوروبية من حيث عدد الاهداف التي دخلت شباكنا، اما على الصعيد الهجومي فغحن نخلق الكثير من الفرص”، هذا كان تقييم كابيلو لوضع المنتخب الروسي الذي فاز بمبارياته الاربع الاولي في التصفيات دون ان تهتز شباكه، ما يعكس اهمية الفلسفة الايطالية على اداء الفريق لكن مدرب ميلان وريال مدريد السابق يرفض الحديث عن اسلوب الـ”كاتيناتشيو” الذي اشتهر به ابناء بلاده.
“كاتيناتشيو، هي كلمة تعجب الاجانب، ربما لان وقعها (على الاذن) جميل…”، هذا ما قاله كابيلو، متسائلا “لماذا لم يحص احد يوما العدد الكبير من المدربين الايطاليين في الخارج؟ فالى جانبي، بامكاني ان اسمي لكم تراباتوني، ليبي، زاكيروني، انشيلوتي، مانشيني، سباليتي، رانينيري، زينغا، دي كانيو… فإذا كنا حقا لا نعلب سوى باسلوب كاتيناتشيو، فلماذا هناك طلب كبير علينا؟”.
من المؤكد ان الطلب على كابيلو كان كبيرا جدا منذ ايام المجد الذي حصده مع ميلان بعد ان خلف اريغو ساكي عام 1991 اذ توج مع الفريق اللومباردي بلقب الدوري اربع مرات والكأس السوبر الايطالية ثلاث مرات ودوري ابطال اوروبا مرة واحدة وكأس السوبر الاوروبية مرة ايضا، اضافة الى حصوله على لقب الدوري الاسباني مع ريال مدريد مرتين ثم الدوري الايطالي مجددا لكن مع روما عام 2001 الى جانب كأس السوبر.
ولا ينحصر السجل المميز لكابيلو بالقابه كمدرب بل توج بطلا للدوري الايطالي كلاعب ثلاث مرات مع يوفنتوس ومرة مع ميلان، لكن سجله التدريبي بعيدا عن الاندية يقلقه دون ادنى شك لانه لا يريد تكرار سيناريو تجربته الانكليزية التي انتهت بسبب خلافه مع الاتحاد المحلي بسبب تجريد جون تيري من شارة القائد.
وعرف كابيلو الفشل في تجربته مع “الاسود الثلاثة” اذ تذوق معهم مرارة الخروج من الدور الثاني لمونديال جنوب افريقيا 2010 بعد ان منيوا بهزيمة مذلة امام غريمهم الالماني (1-4)، ما جعل المدرب الايطالي محط الانتقادات اللاذعة في وسائل الاعلام البريطانية.
وبقي كابيلو في منصبه رغم فشل مونديال 2010 لكن مغامرته الانكليزية انتهت في شباط/فبراير 2012 وقبل اشهر معدودة من نهائيات كأس اوروبا وذلك بسبب معارضته قرار الاتحاد المحلي بتجريد تيري من شارة القائد بسبب اتهامه بالعنصرية.
ويبدو ان كابيلو مطمئنا على وضعه الروسي وعلى مواصلته المشوار مع المنتخب بغض النظر عن نتيجة الاخير في البرازيل وذلك بعدما كشف بانه سيعتزل التدريب بعد نهائيات مونديال 2018 التي تقام في روسيا.
وقال المدرب الايطالي بهذا الصدد: “بعد نهائيات مونديال 2018 سأكون في الحادية والسبعين من عمري. اعتقد انه الوقت المناسب للقول ‘توقف’. روسيا تشكل مهمتي الاخيرة. اريد ان اكون مثل (المدرب الاسكتلندي السابق لمانشستر يونايتد الانكليزي) اليكس فيرغوسون. اعتزل وهو في الثانية والسبعين من عمره، وانا سأعتزل اصغر منه بعام”.