يعبر مستثمرون سويسريون عن خيبة أمل من تردي العلاقات الاقتصادية بين موسكو وبرن، إذ شهدت هذه العلاقات قبل الأزمة الروسية – الأوكرانية زخماً جيداً دفع الجميع إلى المراهنة على تحسنها في المجالات كافة. ودفع ذلك حكومتي برن وموسكو إلى هندسة خطط شراكة مثمرة على المدى المتوسط، علماً بأن هذه العلاقات كانت سارية المفعول حتى في عهد الاتحاد السوفياتي، ولكن سرعان ما غابت اعتماداً على أنماط أخرى نتيجة توغل ظاهرة العولمة وما رافقها من ايجابيات مالية، تركز أبرزها في ولادة العالم الإلكتروني.
وأفاد محللون بأن الاتحاد السوفياتي كان من الدول السباقة التي افتتحت مصرفاً بسويسرا عام 1966 باسم «فوشود هاندلزبنك»، ما أثار غيرة الدول الغربية التي لطالما عملت مصارفها على التغلغل في السوق المصرفية السويسرية في أسرع وقت ممكن.
ولكن عمر المصرف الروسي في سويسرا كان قصيراً، فبعد مضي 19 سنة على ممارسة أنشطته اضطر إلى الإغلاق نتيجة خسائر تكبدها في أسواق الصرف والذهب بلغت نحو 761 مليون فرنك سويسري (840.2 مليون دولار). وعلى رغم ذلك، وبفضل اتفاقات صداقة مصرفية، تمكنت روسيا من افتتاح مصرف خاص في سويسرا عام 1995 باسم «يونيكسيم»، في حين يمارس حالياً مصرفان روسيان أنشطتهما التجارية في سويسرا وهما «سبيربنك» و «غازبرومبنك». ولافت أن هذين المصرفين يتنافسان في قطاع التمويل مع مصارف أخرى كبيرة، مثل المصارف الكانتونية والفرنسية التي تمتلك فروعاً في سويسرا.
وفي ما يتعلق بالعقوبات المتبادلة بين روسيا من جهة والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، فلن تتمكن حكومة برن إلا من الخضوع لرغبة الدول الغربية لجهة توسيع العقوبات على كل ما هو روسي، بينها الأعمال التجارية.
وهذا ما حصل سابقاً مع إيران، فكثير من الأنشطة التجارية السويسرية- الإيرانية تبخر، ما أدى إلى تقليص عدد المخارج التجارية للشركات السويسرية المصدرة للسلع.
وأشار مراقبون مصرفيون في زيوريخ، إلى أن العقوبات الدولية على روسيا ستؤثر على أوضاع الأغنياء الروس في سويسرا، بيد أن رسم الخريطة المتكاملة لهذا التأثير غير متاح حتى الآن. ولدى الأغنياء الروس في خزائن المصارف السويسرية نحو 16 بليون فرنك سويسري، والغريب أن هذه الثروات تضاعفت منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية- الروسية.
يذكر أن الزبائن الأكبر في مجال الصيرفة الخاصة في سويسرا هم روس ويتنافسون بثرواتهم مع الأغنياء الأميركيين، ولا شك في أن أي عقوبات ستقررها حكومة برن ضد هؤلاء الزبائن لجهة الحد من تحركاتهم المصرفية وغيرها، ستكون ضربة أخرى للمصارف السويسرية الكبرى، التي لا تدرك كيف ستخرج من مآزقها الضريبية مع دول بدأت تجنيد جيوش من المحامين لتحصيل حقوقها المالية منها.