المعارضة السورية: الأسد قد يبقى في منصبه

قالت مصادر في المعارضة السورية إن الدول الغربية نقلت الى المعارضة رسالة مفادها ان محادثات السلام التي ستجرى الشهر المقبل قد لا تؤدي إلى خروج الرئيس بشار الأسد من السلطة، وأن الاقلية العلوية التي ينتمي اليها ستظل طرفاً اساسياً في اي حكومة انتقالية.

وأبلغت المصادر وكالة “رويترز” أن الرسالة نقلت إلى اعضاء قياديين في الائتلاف الوطني السوري اثناء اجتماع لمجموعة اصدقاء سورية الاسبوع الماضي في لندن. وأضافت أن سببها هو اتساع نفوذ “القاعدة” وغيرها من الجماعات المتشددة واستيلائها على معبر حدودي ومستودعات أسلحة تابعة لـ”الجيش السوري الحر” المعتدل قرب حدود تركيا.

وقال عضو كبير في الائتلاف: “اوضح اصدقاؤنا الغربيون في لندن أنه لا يمكن السماح بإبعاد الأسد الآن لاعتقادهم بأن ذلك سيؤدي إلى حدوث فوضى وسيطرة الإسلاميين المتشددين على البلاد”.

وأشار إلى احتمال أن يجري الأسد انتخابات رئاسية عندما تنتهي ولايته رسمياً العام المقبل. وقال: “البعض بحسب ما يبدو لا يمانعون حتى في أن يرشح نفسه مجدداً العام المقبل، متناسين انه استخدم الغاز السام ضد شعبه”.

وقال ديبلوماسيون وأعضاء كبار في الائتلاف إن التحول في اولويات الغرب، وخصوصاً الولايات المتحدة وبريطانيا، من إبعاد الأسد إلى محاربة الإسلاميين المتشددين يسبب انقسامات بين القوى الدولية الداعمة للانتفاضة السورية.

ومن شأن مثل هذه التسوية الديبلوماسية حول المرحلة الانتقالية ان تضيق خلافات الغرب مع روسيا التي حالت دون قيام الأمم المتحدة بأي تحرك ضد الأسد، مثلما حدث عندما رفض الرئيس الأميركي باراك أوباما توجيه ضربات جوية لسورية في ايلول (سبتمبر) الماضي بعد اتهامه القوات النظامية باستخدام الغاز السام. لكنها قد توسع اختلاف الرؤى مع حلفاء المعارضة في الشرق الأوسط في ما يخص طريقة التصدي للأزمة.

وخلافاً لما حدث في ليبيا عام 2011، استبعد الغرب اي تدخل عسكري في سورية، ما أفسح المجال لبروز دور الاسلاميين المتشددين، بما في ذلك المرتبطون بـ”القاعدة”، ليصبحوا أقوى فصيل بين قوى المعارضة، الأمر الذي أثار قلق واشنطن وحلفائها من تحول سورية مركزاً للجهاد العالمي.

ومن المقرر ان تبدأ محادثات السلام في سويسرا في 22 كانون الثاني (يناير) المقبل. ووافق الائتلاف على المشاركة في المحادثات، لكنه تمسك بمطلب ابتعاد الأسد عن الساحة فوراً. وقال ديبلوماسي من الشرق الأوسط ان زعماء المعارضة يجب ان يتبنوا أفكاراً “خلاقة”، خصوصاً في ما يتعلق بقبول المشاركة في ترتيبات خاصة بمرحلة انتقالية يبقى فيها العلويون من أنصار الأسد في مواقع حيوية.

وقال الديبلوماسي: “حتى يتسنى التوصل الى اتفاق في جنيف يجد قبولاً لدى الولايات المتحدة وروسيا، سيتعين على المعارضة الموافقة على المشاركة في ادارة انتقالية فيها وجود قوي للعلويين… الأسد قد يبقى رئيساً أو لا يبقى، لكن سلطاته ستتقلص على الأقل”.

وتابع: “اذا رفضت المعارضة مثل هذا الاتفاق فستفقد دعم معظم الدول الغربية ولن يبقى في صفها سوى السعودية وتركيا وليبيا”.

وقال شخص ثان من المعارضة السورية على صلة بالمسؤولين الاميركيين ان واشنطن وروسيا تعملان على ما يبدو لوضع إطار انتقالي يحتفظ فيه العلويون بدورهم المهيمن في الجيش وأجهزة الأمن لضمان عدم إنزال العقاب بطائفتهم ولتشكيل جبهة موحدة لمقاومة تنظيم “القاعدة” مع ألوية المعارضة المعتدلة التي ستوجه إليها الدعوة إلى الانضمام الى جيش تعاد هيكلته.

وانتقد المعارض السوري المسؤولين الاميركيين والأوروبيين لمواصلتهم الحديث عن عدم وجود دور للأسد في مستقبل سورية، من دون ان يوضحوا كيف سينتهي دوره. وقال: “حتى اذا هُمِّش الأسد وترأس سني سلطة انتقالية، فلن يكون له سلطان لأن لا واشنطن ولا موسكو ترغبان في إنهاء هيمنة العلويين على الجيش وأجهزة الأمن”.

وقال مسؤول غربي رفيع ان روسيا والولايات المتحدة تناقشتا حول المسؤولين الحكوميين الذين يمكن الابقاء عليهم في المرحلة الانتقالية، لكنهما لم تتفقا على أي برنامج عمل ثابت.

وأصدرت 11 دولة معارضة للأسد من الغرب والشرق الأوسط الأسبوع الماضي بياناً يحمل عمليته العسكرية مسؤولية صعود المتشددين الاسلاميين، وإن كان يطالب المعارضة بالتمسك بقيم الديموقراطية.

وقالت مجموعة أصدقاء سورية في بيان ان الاسلاميين “يقوضون عملية جنيف… ويهددون وحدة الأراضي السورية، بالاضافة الى الأمن الدولي والاقليمي”.

وقال آفاق احمد، وهو مسؤول سابق في الاستخبارات السورية تحول إلى صفوف المعارضة قبل عامين وعلى اتصال بمسؤولين أميركيين وروس، ان موسكو ترغب في ان يقود علوي الجيش في أي عملية انتقالية.

وأضاف ان روسيا ليست متمسكة بالأسد، لكن الابقاء على الجيش السوري خط أحمر بالنسبة إليها لأنها تدرك أن العلويين بما لديهم من خبرة في الجيش والأمن على مدى خمسة عقود هم أفضل من يقاوم المتشددين الاسلاميين.

وأضاف ان الحل السياسي يجب ان يكون تدريجاً ويتضمن قيادة جماعية. وأوضح انه اذا تأكد العلويون من ان لا تهديد لحياتهم وممتلكاتهم، فإنهم سيقبلون برحيل الأسد والصف الأول من قادته العسكريين.

+ -
.